مصر يا عشق النفس والفؤاد يا تاريخًا من الأمجاد مصر يا أرض الأنبياء نعدك أن نلبى جميعًا النداء.
نداء الأمل والعمل والاجتهاد والسعى للارتقاء فأنتى يا مصر منكِ وبكِ الفخر ولكِ وحدك الانتماء.
حافظك ربى ورافعًا قدرك من بداية العهد بالأنبياء ونحن الأبناء رافعين من بعدهم رأيتك يا أرض الوفاء.
مصر يأيها التاج المرصع بالمرجان ومن قبله الماس نعدك ألا يخيب فينا الرجاء وسوف نظل دائمًا أقوياء.
بفضل ربى ثم حبى مصر أُلهمت بهذه الكلمات، كل الحب لكِ يا مصر يا من ذكرتى بالقرآن خمس مرات صراحة ووضوحًا وثلاثة وثلاثين مرة توجيهًا وتلميحًا، مصر التى عاش بها سيدنا يوسف وولد بها سيدنا موسى وشرُفت باستضافة السيدة مريم وسيدنا عيسى أثناء ذهابهما لبيت المقدس، مصر التى لها نسبًا مع سيد الخلق المصطفى- صلى الله عليه وسلم- الذى تزوج من السيدة المصرية ماريا القبطية.
مصر التى فتحها القائد والصحابى الجليل عمرو بن العاص فى عهد أول من أطلق عليه لقب أمير المؤمنين، سيدنا عمر بن الخطاب، ولقد قال سيدنا عمرو بن العاص فاتح مصر: حدثنى عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا فتح الله عليكم مصر بعدى، فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا، فذلك الجند خير أجناد الأرض" قال أبو بكر: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: "إنهم فى رباط إلى يوم القيامة".
عمرو بن العاص هو من فتح مصر ونشر الدين الإسلامى فيها، فهو الذى أرسل رسالة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ليحدثه عن عادة المصريين القدماء الذين يُضحون كل عام بفتاة مصرية جميلة بإلقائها فى النيل اعتقادًا منهم أن هذا يزيد الماء ويجعله يفيض، فرد عليه الفاروق عمر برسالة خطية طلب فيها من عمرو بن العاص أن يلقيها فى النيل بعد أن يقرأها تلك الرسالة التى تحدث فيها عمر بن الخطاب لنهر النيل قائلًا، "من عبد الله "عمر بن الخطاب" إلى نهر النيل، أما بعد، فإن كنت تجرى بأمرك، فلا حاجة لنا بجريانك، وأن كنت تجرى بأمر الله، فاجر بما أمرك الله وحيث أراد الله"، وعندما ألقى عمرو بن العاص برسالة عمر بن الخطاب فى النيل جرى النيل كما لم يجر من قبل إلى يومنا هذا.
هذه هى مصر التى أنقذت شبه الجزيرة العربية من المجاعة فيما أطلق عليه عام الرمادة، هذه هى مصر التى قال عنها نابليون بونابرت ممتدحا قوة جيشها: (لو كان عندى نصف هذا الجيش المصرى لغزوت العالم).
هذه هى مصر التى أبهرت العالم وقهرت قسوة الهكسوس ووحشية التتار، مصر التى حطمت أسطورة خط بارليف وكانت ستمحو إسرائيل من الوجود بأسره لولا تدخل عمتهم الكبرى أمريكا.
هذه هى مصر بلد واحد من أعظم العلماء، فهو الذى أشعر دائمًا وكأنه بينا ولم ينتقل إلى رحاب ربه لأنه كان رافع لواء البساطة والقدرة على نقل المعلومة للصغار قبل الكبار، هو "الشيخ الشعرواى" الذى كان يرى واقعنا الحالى قبل عشرات السنين، فلنقرأ ما قال وهو منفعلًا ومحقًا: "من يقول عن مصر أنها أمة كافرة إذا فمن المسلمون ومن المؤمنون، مصر التى صدرت علم الإسلام إلى الدنيا كلها، صدرته حتى إلى البلد الذى نزل به الإسلام، ستظل مصر دائمًا رغم أنف كل حاقد أو حاسد أو مُستغِل أو مُستغَل".
وكما هى بلد الشعرواى هى بلد زويل وعبد الناصر ومجدى يعقوب وأحمد شوقى وأنور السادات وطه حسين وإبراهيم الفقى وأم كلثوم التى قالت فى واحدة من أروع ما أنشدت قائلة من كلمات أحمد رامى، "مصر التى فى خاطرى وفى فمى، أحبها من كل روحى ودمى، يا ليت كل مؤمن بعزها يحبها حبى لها، بنى الحمى والوطن، من منكم يحبها مثلى أنا؟ نحبها من روحنا ونفتديها بالعزيز الأكرم".
وكل هولاء العلماء والقادة والمثقفين على سبيل الذكر القليل وليس الحصر الكثير مع حفظ الألقاب والتبجيل للجميع.
والآن فلنسأل أنفسنا بعد أن تكلمنا سريعًا عن مكانتها وقدرها ونقول ماذا تريدى منا يا مصرنا، فماذا يجب علينا نحوها؟.. هذه الأسئلة وغيرها تدور فى العقول والأذهان وتعالوا نضع لها الإجابات والخطوات وأسألك يارب العباد أن تصلح بنا وتستخدمنا ولا تستبدلنا:
أولًا: اليقين أنه لا يحدث أى شىء فى أرض الله إلا بمشيئة الله واليقين أن التفاؤل سلاح الأقوياء، فالقادم أفضل ومصر أم الدنيا كانت ولازالت وستظل أرض الكنانة الإسلامية الوسطية المدنية القوية بفضل ربها ثم شعبها وجيشها.
ثانيًا: أن نتخلص من الأنا ونوحد الجهود، فلنعمل جميعًا كمصرين مسلمين غير مُقسمين ومسيحيين مخلصين ورجال أشداء ونساء مجتهدات متفائلات، وشباب أوفياء وأطفال على حب هذا الوطن يتربون ويتعلمون ويكبُرون.
ثالثًا: الحفاظ على الأمل ودعمه بالعمل وبالاجتهاد المثمر وأن يكون كلًا منا نموذج مشرف فى عمله فكل الأعمال بكل طوائفها مهمة وأساسية ولا غنى عنها.
رابعًا: أن نعود لله ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك السنة الصحيحة والدين الوسطى الحنيف ولنعرف أن الدين أخلاقيات وليس مجرد "عبادات وحدود وصلوات".
خامسًا: وأخيرًا وليس آخرًا يقول رب العالمين "إن اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ"، سورة الرعد، فلن يصلح حالنا الله إلا عندما نصلح ما بأنفسنا أولا، فالرزق لا يأتى إلا بعد الاتقاء، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ" سورة الطلاق.
عشتى يا مصر أمة قوية أبية غنية بأولادك قادرة على صد كل أعدائك وحاملة الخير لكل أحبابك.
د. أحمد كمال الدين يكتب: "مصر يا أرض الأمل والأمجاد"
الثلاثاء، 10 سبتمبر 2013 03:13 م
د. أحمد كمال الدين "خبير التنمية البشرية والتدريب