الثورجى بقى مذيع والمحامى بقى إعلامى

الثلاثاء، 10 سبتمبر 2013 12:44 م
الثورجى بقى مذيع والمحامى بقى إعلامى د .محمود خليل أستاذ بكلية الإعلام
كتب جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
درسنا فى كلية الإعلام أن هذه المهنة لها أصول علمية ومهارات تتعلق بعمليات الاتصال وكيفية بعث الرسائل وتوجيهها من القائم بالاتصال للمستقبل، وكان لا يظهر على الشاشة الصغيرة إلا من لديه هذه المهارات، مضافا لها دراسة حتى لو اقتصرت على دورة تدريبية من أحد المراكز المتخصصة، لكن أن يجلس أمام الشاشة كل من "هب ودب" من غير المتخصصين من المحامين والمحاسبين والأطباء ولاعبى الكرة ومؤخرا النشطاء والثوريين الذين يحمل بعضهم شهادات متوسطة فهذا يعتبر "انفلات إعلامى".

الإعلام علم قبل أن يكون موهبة، وليس كل من لديه (كاريزما) يصلح لأن يكون مقدما للبرامج، إلا إذا تم تأهيله لذلك، ومن غير المفهوم الدفع بأى عابر سبيل ليصير مذيعا لمجرد أنه يرى نفسه لديه الطموح، فالطموح لابد أن يكون موازيا ومساويا للقدرات، فتوظيف بعض شباب الائتلافات الثورية أو المحامين وأحيانا النشطاء السياسيين ليصبحوا مقدمى برامج أو فقرات فى برامج ليس إلا نوعا من الرشوة المقنعة من أجل تجنب هجومهم على هذه القنوات وهذا يشكل كارثة إن لم يكن فضيحة إعلامية.

إلى متى سيظل الإعلام مجالاً للمتسلقين والمزايدين بل ولمن لم يتلق أبجديات الإعلام فيمارس العهر والفجور الإعلامى بالشتائم التى من المفترض أن تخضع للآداب العامة، ويعتقد من داخل نفسه أنه بذلك يحمل رسالة ويقدم الحقائق ويكشف الخبايا لكنه فى الحقيقة يلوث آذان الناس بشتائمه ويعميهم بإشاراته وتلميحاته الجنسية، متهما الآخرين بأبشع الألفاظ وبدون سند قانونى غير الحكاوى والنميمة على طريقة (خالتى اللتاتة).
أثناء دراستى بكلية الإعلام عندما سألت الدكتور محمود خليل، أحد أساتذتى عن أسباب هذه الظاهرة فسرها سيادته بأنها ظهرت عندما اختراق رأس المال الإعلام فهو الذى جعل من الإعلام مهنة من لا مهنة له.
رأس المال ربما حرر الإعلام من سطوة السلطة وتحكمها ورقابتها وتوجهاتها، لكنه للأسف يستخدم الإعلام لخدمة مصالحه وتوجهاته هو الآخر، وظهرت الفوضى الإعلامية فى الفضاء العربى بكل تجلياتها مع بداية الثورات العربية أو ما يعرف بـ"الربيع العربى"، فقد ظهر الانفلات الأخلاقى فى الممارسة الإعلامية، حيث النيل من الآخر بأى طريقة ووسيلة، انطلاقا من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، فانتشرت ظاهرة القذف والتجريح والتشهير واختراق الحياة الخاصة للشخصيات العامة، وأصبح الإعلام إما على طريقة العكاشة من (تطجين)، واستخدام ألفاظ سوقية أو شتائم وألفاظ جارحة على الطريقة المرتضية.
بعد تصاعد الثورات العربية توقعنا أن يكون دور الإعلام هو مراقبة السلطة ومحاربة الفساد وكشف العيوب والأخطاء والتجاوزات، لكن جاءت السفن بما لا تشتهى الأنفس فعلى عكس كل هذا كانت وسائل الإعلام فى كل الدول التى قامت بها الثورات، فهى إما تتفنن فى المدح والتهليل والتطبيل فى تكريس الفساد وإهدار المال العام، وإما تبالغ فى الهجوم وتشويه الرموز وتصفية الحسابات وتلفيق الاتهامات، وهذا يعتبر خللا كبيرا فى أبجديات المهنية الإعلامية والديمقراطية، وهذا يفرض على الإعلاميين الغيورين على مهنتهم مواجهة هذا الخطر الداهم لهذه المهنة المقدسة.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة