الشفاه تردد القرآن، وفى اليد خنجر، موجه نحو أخ فى الدين والوطن، لا لشىء إلا لأنه لم يرتض بمحمد مرسى رئيسًا.
كيف يرفضون رجلا معه شرعية السماء؟
رجل تتنزل الملائكة من السماء، لمؤازرة مؤيديه فى رابعة العدوية، ويحيط بهم، إذا يسجدون، الروح الأمين جبريل عليه السلام.
رجل تبارك اعتصام مؤيديه السيدة العذراء، خير نساء الأرض، التى تنزلت من العلياء لتتجلى فى ليلة مباركة، كما تنزل سيدنا الخضر.
رجل رآه الأتقياء الثقات فى رؤيا، يخادعون الناس بقولهم إنها رؤيا حق، يؤم الرسول صلى الله عليه وسلم، فى الصلاة، فهل يجوز الخروج عليه؟
الخارجون عن رئيس يحفظ الكتاب.. خوارج وإما أن يعودوا إلى حظيرة الدين، أو بالأحرى حظيرة المرشد، أو أن يبوؤوا بحرب، تهلك حرثهم، وتأتى على نسلهم.
هكذا هى شعارات الحرب المجنونة، وهكذا يصب قيادات مكتب الإرشاد الزيت على النار.. يريدون الخراب، ويعيثون فسادًا، عبر تأجيج مشاعر البسطاء الذين يساقون وراءهم، أو بواسطة «الأهل والعشيرة الإرهابيين».
«اليوم السابع» ترصد صورا لضحايا سقطوا بين أيادى مؤيدى الرئيس المعزول، ممن يصلون فيذبحون إخوانهم فى الوطن.
«سلخانة رابعة».. التعذيب بما لا «يخالف شرع الله»
العاشرة صباحا.. يتأهب أحمد كمال بملابسه للنزول لمقابلة أحد أصدقائه، يمر فى طريقه باعتصام رابعة العدوية، فيستوقفه أفراد اللجنة الشعبية، ولدى تفتيشه يجدون أحد الكروت عليها اسم «أحمد شفيق».
هذا مبرر يكفى لأن يتعرض لأشد أنواع التنكيل.
فى مدرسة مجاورة للاعتصام، تبدأ المأساة.
التجريد من الملابس، أولا لتحطيم المعنويات، وهذا أمر ليس فيه ما يرفضه الشرع.. تمامًا كما حدث مع حمادة صابر، بجوار قصر الاتحادية.
الصفع والبصق فى الوجه، وتوجيه السباب، والصعق بالكهرباء، كلها وسائل لتأديب هذا المخرب.. إنه خطر على الإسلام، علمانى كافر، معتد أثيم، وقد ضبط متلبسًا بحيازة «كارت» عليه اسم أحمد شفيق.
إنه ليس للفريق أحمد شفيق، يا أغبياء، وإنما للمرحوم الدكتور أحمد شفيق، الجراح المصرى الكبير، أحتفظ به على سبيل الذكرى.
لا يهتمون بالأمر، ولا يعتذرون، فقد تمت العملية، وليس على الضحية، إلا أن ينصرف، قبل أن يكرروا السيناريو ربما بصورة أشد قسوة.
على أن حالة أحمد، ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، طالما الذين يصعدون فوق منصة رابعة، ينفثون سموم الحقد والكراهية والفتنة الطائفية، فقد أكد أحمد يحيى مؤسس حركة «إخوان بلا عنف» بأن شباب جماعة الإخوان، احتجزوا 670 شابًا من «الحركة» لتمردهم على قيادات الجماعة.
وقال: إن بعض الشباب المعترضين على سياسات القيادات تعرضوا للجلد مائة جلدة، لأنهم خرجوا عن تعليمات قيادات الجماعة بعدم المشاركة فى أحداث العنف الأخيرة، مشيرا إلى أنه تقدم ببلاغ للنائب العام.
برقم 1569 لسنة 2013 ضد المرشد محمد بديع وخيرت الشاطر وعصام العريان ومحمد البلتاجى وأعضاء مكتب شورى الجماعة وقيادات جماعة الإخوان بمحافظة الدقهلية يتهمهم بتعذيب شباب حركته الجديدة.
حالة تعذيب ثانية، تعرض إليها مواطن مجهول الهوية، وصل إلى وحدة الإسعاف بين الموت والحياة، إثر ارتجاج حاد بالمخ، ونزيف داخلى، ولم يتمكن المسعفون من إنقاذه.
كل ما قيل فى محضر الدفن، إن الضحية وجد مغشيا عليه، على مقربة من الاعتصام.
أما فتحى مقبول، فقد أنقذته العناية الإلهية من موت محقق، بعد أن فوجئ بسبعة من شباب الإخوان، ينهالون عليه ضربًا بالعصى الغليظة.. لكن لماذا؟
لأنه كتب شعرًا يهجو فيه محمد مرسى.. وقد عرفه أحدهم، فيما كان يمر على مقربة من محيط رابعة، كونه جاره، بمحافظة المنيا، وعلى قائمة الأصدقاء، على موقع التواصل «فيسبوك».
الأخوات بدورهن يشاركن فى التعذيب أحيانًا، ضد الكافرات اللاتى يخرجن عن الشرعية، حيث تعرضت سيدة لم تقترف إثمًا، إلا أنها تقطن بمحيط رابعة، وقد خرجت لتشترى دواءً لطفلها الذى ارتفعت حرارته ليلا، فما كان إلا أن استوقفتها «أختان فى الله» وسألتاها عن رأيها فى الرئيس «الشرعى»، فقالت: لا أريد الحديث، فما كان إلا أن بصقتا فى وجهها، ونعتتاها بالفاجرة الكافرة.
وشملت حوادث التعذيب أمناء شرطة وضباطا ومنهم: محمود سيد، أمين الشرطة، الذى تعرض لضرب مبرح، فى عملية وحشية يرويها قائلاً: «انهالوا علينا ضربا بالجنازير والعصى».
وأكد نادى أفراد الشرطة أن عناصر تابعة لجماعة الإخوان خطفت محمود السيد محمود أمين شرطة قسم الأزبكية، أثناء توجهه إلى منزلة بالحى العاشر، بعد خطفه إلى ميدان رابعة العدوية والاعتداء عليه جسديا ثم ألقوه بجانب المقابر التابعة لمنطقة مدينة نصر، واستولوا على سلاحه الميرى.
وتعرض هانى عيد سعيد مندوب شرطة أيضاً للتعذيب بالصعق بالكهرباء والضرب بالعصى والاحتجاز لمدة ساعتين بعدما طلب منه أحد الأشخاص بطاقته الشخصية، وتم اقتياده إلى داخل الاعتصام ليتعرض للتعذيب والضرب لمدة 4 ساعات.
23 قتيلا و380 مصابا حصاد «غزوة بين السرايات»
23 قتيلا وأكثر من 380 مصابا سالت دماؤهم فى اشتباكات دامية بجوار جامعة القاهرة فيما عرف إعلاميا بغزوة بين السرايات، التى كانت سببا فى حبس حازم صلاح أبوإسماعيل، رئيس حزب الراية السلفى 15 يوما على ذمة التحقيقات بتهمة التحريض على القتل.
ففى ظلام الثانى من يوليو الماضى، فقد أبناء السمع والطاعة عقولهم وأيضا ضمائرهم.. إذ خرجوا لافتراس كل من يقول: لا لمرسى.
موقعة بكل ما للكلمة من معان.. تناثرت فيها الأشلاء، وأريقت الدماء، بمحيط جامعة القاهرة، وأظهر تقرير النيابة العامة أن أسباب الوفاة تعود إلى الإصابة بطلقات جرينوف وطلقات آلية تركزت فى الرأس.
فى نحو الخامسة مساء كانت اندلعت مناوشات بين المتظاهرين وأهالى منطقة بين السرايات بدأت بحسب وصف أهالى المنطقة حين هاجم مؤيدون لمرسى طلبة الجامعة الذين يحملون لافتات مؤيدة للفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع.
وتصاعدت حدة الاشتباكات حين تدخل السكان لمساعدة الطلبة، فوقعت إصابات نتيجة التراشق بالحجارة.
وقال الشهود إن أنصار الرئيس المعزول كانوا يرتدون خوذا ويحملون هراوات وعصيا خشبية ومعدنية، واحتجزوا عددا من الشباب داخل الاعتصام لاتهامهم بالاعتداء على المسيرة.
وبعد نحو ساعة سمع دوى إطلاق رصاص متبادل بين الطرفين، واتخذ أنصار المعزول من أسطح العمارات، منصات لإطلاق الرصاص على معارضى المعزول.. فى مشهد يوحى بالكثير، ويثير الشكوك حول الاتهامات الموجهة إلى الإخوان باستخدام قناصة فى قتل الشباب بميدان التحرير إبان ثورة يناير.
فى نحو العاشرة والنصف مساءً، اشتد إطلاق النيران، وحسبما قال شهود سمع دوى دفعات متكررة، من الطلقات الآلية، علاوة على أنواع أخرى من الطلقات مما أحدث إصابات أدت إلى وفاة فى الحال.
يقول أحد السكان: «فوجئنا بالمئات من الإخوان ملثمين يهجمون علينا بالسلاح الآلى والجرينوف والخرطوش، يطلقون علينا بطريقة هستيرية، حتى هربنا للاحتماء بمنازلنا».
ويضيف «اقتحم الإخوان ممر المعلم فسقط أول الضحايا هو أب لمراهق معاق، متأثرا بإصابته بطلق نارى بالرأس.. واعتدى مؤيدو المعزول، بالضرب على الولد الأخرس عبدالعزيز، وهو مراهق حتى فاضت روحه إلى بارئها».
ويضيف «استغل الإخوان فترات هدوء القتال الدائر بين الطرفين فى خطف جثث لنسبتها إليهم بالإضافة إلى أنهم كانوا يسعفون أفرادهم داخل ميدان النهضة دون إرسالهم إلى المستشفيات الحكومية خوفا من القبض عليهم.
المرشد يعلن الحرب.. والميليشيات: سمعا وطاعة
موقعة كوبرى الجامعة أو موقعة المنيل التى خلفت 16 شهيدا وأكثر من 180 مصابا هى المعركة الفاصلة لإكمال مشهد إسقاط وعزل محمد مرسى.
كوبرى الجامعة هو الخط الفاصل بين حى المنيل الواقع على ضفاف النيل فى الجهة المقابلة لمقر اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى.
خرج أهالى المنيل إلى قلب الحدث فاستقبلوا الرصاص الحى وطلقات الخرطوش بصدور عارية فشكلت جثثهم وأشلاؤهم حائط الصد الأول فى طريق وصول أنصار جماعة الإخوان المسلمين إلى ميدان التحرير للاستيلاء عليه والاعتصام به.
وفى عصر 4 يوليو هدد محمد بديع المصريين وتوعدهم فى خطاب الدم الذى ألقاه من فوق منصة الاعتصام بميدان رابعة العدوية حيث مقر الاعتصام الرئيسى للجماعة.
انتهى الخطاب فما كان من الإرهابيين إلا أن أعلنوا السمع والطاعة للمرشد.
وتحركت الحشود فى مساء تلك الليلة من كل صوب فى اتجاه التحرير.
ولما كان الإرهابيون متوجهين نحو الميدان عبر حى المنيل خرج الأهالى فشكلوا لجانا شعبية تمنع الإخوان من المرور، واندلعت الاشتباكات بين الطرفين، وتبادلوا الرشق بالحجارة، وبعد الحجارة انطلق المولوتوف فتراجع الأهالى إلى الخلف حتى تمكن الإخوان من التقدم لاحتلال محيط مسجد صلاح الدين المطل على النيل وعلى كوبرى الجامعة.
بعد دقائق سقط رامى المهدى أول الضحايا من أهل المنيل ليتوالى سقوط ضحايا عنف الإخوان حتى وصل عددهم إلى 19 قتيلا وأكثر من 180 مصابا.
ولا يغيب التعذيب عن المشهد أيضاً فمحمد عبدالحميد أحد شباب المنيل تعرض لخمس ساعات قاسية من التعذيب والسحل والانتهاك.
محمد الذى خرج من بين أيدى مليشيات الجماعة داخل اعتصام النهضة بوجه تجلط الدم فى نصفه الأيمن، فيما كانت آثار عشرات العصى والشوم محفورة على ظهره.. يقول: كانوا يضربوننى بوحشية وهم يكبرون.. هل هؤلاء مسلمون حقا؟
أما عبدالحميد فقد تعرض لاعتداءات شباب الجماعة عند كوبرى الجامعة حيث قبضوا عليه بالقرب من السلم الواقع أمام السفارة الإسرائيلية، وسحبوه إلى داخل مقر الاعتصام بالنهضة، وادعوا أنه يعمل ضابط أمن دولة ثم قاموا بتوثيق يديه استعدادا لحفلة تعذيب لينتزعوا منه اعترافات أمام كاميرا لرفعها على شبكة الإنترنت.
دماء فى حديقة الأورمان
تمثال النهضة الذى يقف شامخا أمام جامعة القاهرة شاهدًا على تاريخ حافل للمصريين مسجلا نضال المصريين لنيل حريتهم يشهد اليوم على العديد من وقائع التعذيب والانتهاك من قبل أنصار الرئيس المعزول ضد أهالى الجيزة العزل.
فمن محيط تمثال النهضة اتخذ أنصار الرئيس المعزول مقراً للاعتصام فى حين تحولت حديقة الأرومان إلى سلخانات تعذيب كل من يشتبه فى أنه لا ينتمى للجماعة.
وعثرت أجهزة الأمن بداخل حديقة الأرومان على جثتين لشابين وآخرين ملقيين على الأرض مقيدى الأيدى والأقدام بالحبال وهما فى غيبوبة جراء عمليات التعذيب الشديدة التى تعرضوا لها.
واشتمل التعذيب على ضرب مبرح وكى بالنيران وضربات بهراوات أدت إلى إصابتهما بكسور مضاعفة فى عظام الجسم، وكدمات وتجمعات دموية شديدة.
كما تجلطت دماء المجنى عليهما على جسدهما من الخارج وفى مواضع التهتكات وتكسير العظام، بينما كانت الدماء لا تزال تسيل من أنف وفم القتيلين لدى وصول النيابة لمناظرة الجثث، فور العثور عليهما.
وتقول رشا عزب عضو مجموعة «لا للمحاكمات العسكرية» إن المنتمين لجماعة الإخوان استخدموا حديقة الأورمان مكانًا لحجز المواطنين وتعذيبهم، مضيفة أن شهادات الأهالى أكدت قيام الإخوان بربط المعارضين لهم فى الأشجار والتعدى عليهم بكافة الأشكال حتى الموت.
وقالت «هناك 5 متوفين نتيجة التعذيب فى حديقة الأورمان على يد مؤيدى المعزول وذلك خلال اشتباكات وقعت بين أنصار مرسى وأهالى منطقة بين السرايات».
وخلال الاشتباكات وبعدها اختطف مؤيدو مرسى بعض أهالى المنطقة وعذبوهم فى حديقة الأورمان.
أرقام
11 حالة اعتداء بمحيط اعتصام رابعة العدوية بينهم حالتا وفاة
2 حالة وفاة بكوبرى أكتوبر
18 قتيلا بالمقطم
16 من مؤيدى تظاهرات نبذ الإرهاب احتجزتهم مليشيات الجماعة بالإسكندرية
23 قتيلا و380 مصابا حصاد العنف فى بين السرايات.
