تبدأ الحكاية حيث ينتهى الأفراد فيبدأون فى الهذى لكى لا يتحولون إلى مرحلة متقدمة منه إلا وهو فقدان العقل، فى الصباح الباكر تستيقظ الأسرة على صوت ضجيج وصياح الباعة الجائلين بل وأيضاً أصوات السيارات المنتشرة كالنمل الذى يتجمع على قطعة سكر، طبعاً قطعة السكر هذه هى بيتنا الواقع على شارع رئيسى، تستيقظ الأم أولاً وهى تعد لنفسها وجبات خفيفة كى تعينها على تكملة يومها الشاق.. ثم يأتى دور الأب الذى يستيقظ منزعج على صوت غلق الباب أثناء خروج الأم، ينهض متكاسل يجر رجليه، يحاول أن يقنع نفسه بأنه عليه أن يقوم، يتنقل من سرير إلى سرير آخر لعله يجد المواساة الحقيقية حينما يضع رأسه على الوسادة المليئة بغزل البنات الهش الأبيض، ويتوجه مباشرة إلى بيت الراحة ويسقط على رأسه فيضان دائم التدفق والانهمار حتى يفيق نفسه من غفلته. .. يرتدى ملابسه المكرمشة والمتسخة بعض الشىء وهو فى حسرة من سوء حاله هذا لكن دون جدوى، وقبل أن يغلق الباب يستخدم حنجرته الكبيرة الواسعة كى يوقظ أولاده قبل أن يهم بالنزول ويترك لهم ما يحتاجونه من نقود ربما على الفراش، وينزل شاعراً بأنه قد أسر قلب أولاده المستغرقين فى نوم عميق لا يستطيع أن يفيقه سوى بعض من اللمسات الانسانية لا المعدنية.
تبدأ البنت الكبيرة فى سماع صوت المنبه، تطفأه مرة فمرة لعلها تسمتع ببعض من نوم الصباح اللذيذ، تنظر إلى النقود المترامية على أطراف فراشها وتتذكر إن عليها أن تنزل لتأتى بمثلها، فى حجرتها المليئة بالعتمة حيث الستائر المنسدلة على النافذة تدور بعينيها لعلها تجد مصدر للنور، تذهب سريعاً كى تخلع ثوبها الملتحفة به وهو لم يزل بعد أملها فى التدفئة والرجوع مرة أخرى إلى أحلام خيالية جديدة بأسرة مثالية جديدة.
ينتظر الابن الأكبر تليفون رئيسه فى العمل كى يستيقظ، وكأنه لا يستطيع أن ينهض الا على قصيدة من السب والشتائم، ربما الآذان اعتادت على ذلك فى ظل غياب ما يعوض هذه الاَذان بكل كلمات الحب والتقدير، يقوم وهو فى ذعر شديد ويرتدى ملابسه فى أقل من ثانية يهرع على السلالم ممسكاً بيد ساندوتش وبالاَخرى باقى ملابسه وينهى سلالمه ويده فارغة تماماً.
بعدما تشعر الابنة الصغرى أن البيت أصبح هادئ تماماً تنهض سريعاً، فقد بدأت تشعر أن مملكتها أخيراً أصبحت بلا أعداء بلا شجار بلا طلبات، هى فقط تسمع لأصوات عقلها، أحياناً يراودها شعور غنى بالفرحة لأجل اختلائها بنفسها وأحياناً تحتضن كل وسائل الاتصال بالعالم الخارجى أملاً فى أن تسمع أى صوت يلهيها عن وحدتها طويلة المدى.
تنغمس وسط كتبها التى لا تحصى، وسط مهام عديدة لا تنتهى طمعاً فى أن تنسى أصوات عائلتها المهاجرين، بعد فترة كبيرة من الانتظار تسمع أصوات تجاهد فى الوصول لكى تدق الباب فتفتح قبل أن يلامسوا باياديهم هذا الحجاب الخشبى الطويل، فما تجد منهم غير النظرات الجافية، يأتون واحد تلو الاَخر فى تعب شديد، ويبقى كل همهم هو كيف يقومون بهذه الدورة مجدداً يأكلون ثم ينامون وفى الصباح يستيقظون وهم لا يعرفون غير شيئاً واحداً طوال يومهم الا وهو العمل. إنما هذه ليست –كما تقول فى عقلك – الحياة، لكنها حقاً مأساة حقيقية.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو فيروز
الله عليكى بجد بجدبجدبجدبجدبجدبجدبجد
عدد الردود 0
بواسطة:
Amany
Congratulations...@
عدد الردود 0
بواسطة:
Passant El khatib
Go on
:) وصف رائع للحياة اليوميه للكثيرين
عدد الردود 0
بواسطة:
داليا حازم
Well Done
جميل اوي يا ناني .. انت رسمتي اللي بيحصل بكلامك :)
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed ebd el sattar
gameeeeeeeeeeeeeeed
عدد الردود 0
بواسطة:
Heba Saied
Hut ab
حلو اوى يا نانى...استمرى
عدد الردود 0
بواسطة:
ٍShemoz Magdy
Go on
استمرى يا نانى
عدد الردود 0
بواسطة:
Nisma Mohammed
wooooooooooow :)
Go on ! :) I''m proud of u :)
عدد الردود 0
بواسطة:
nahla Mohy
بنات الألسن
كالعادة فنانة موهوبة، ننتظر منك المزيد
عدد الردود 0
بواسطة:
mona hegazy
Sehr gut !