بالوثائق والأدلة التاريخية: 30 يونيو ثورة مكتملة مستقلة وليست موجة أو تصحيح مسار لثورة 25 يناير
السبت، 31 أغسطس 2013 10:57 ص
صورة أرشيفية
تحليل يكتبه: دندراوى الهوارى
المصريون تظاهروا عام 1798 ضد الاحتلال الفرنسى وأطلقوا عليها «ثورة القاهرة الأولى».. ثم بعدها بعامين فقط عام 1800 تظاهروا ضد المحتل نفسه وأطلقوا عليها «ثورة القاهرة الثانية».. ومسجل فى التاريخ ثورتان
ثوار 25 يناير أنكروا ثورة يوليو 1952.. وأنكروا ثورة 30 يونيو واعتبروها موجة ثورية رغم أنها اندلعت بعد 3 أعوام من 25 يناير فى قلب فاضح للحقائق
صار لثورة 25 يناير كهنة ودراويش وأتباع، وبنوا معابد وأحاطوها بقدسية تجاوزت قداسة ومعابد كهنة فرعون موسى بقيادة الكاهن الأكبر هامان، فأصابهم الغرور والغطرسة، وأعطوا لأنفسهم الحقوق الحصرية للحقيقة المطلقة، وصك المواطنة، وفضيلة الوطنية، فلم يستمعوا لصوت غير أصواتهم وشككوا فى كل معارضيهم، ووصموهم بصفات سيئة.
كهنة فرعون موسى بقيادة الكاهن الأعظم هامان كان هدفهم الرئيسى مصلحتهم ونفوذهم وخزائن معابدهم المكتظة بالمال والذهب، ولا يهمهم وطن أو مصلحة شعب، وطوال تاريخ مصر الفرعونى منذ الأسرة الأولى، والكهنة لا يهمهم إلا تحقيق مصالحهم الخاصة على جثة الوطن.
كهنة ثورة يناير، وعلى رأسهم أحمد ماهر ومحمد عادل وفرقتهما «6 إبريل»، وعبدالرحمن يوسف ومصطفى النجار، وعلاء عبدالفتاح، وأسماء محفوظ، وعمرو حمزاوى، جميعهم تتوافق أفكارهم ومعتقداتهم مع أفكار جماعة الإخوان، وتوقفت معارضتهم عند 25 يناير ضد مبارك ونظامه، ثم هاجموا المجلس العسكرى السابق لتسليم مفاتيح سلطة البلاد لجماعة الإخوان المسلمين وساندوها ودعموها وأهانوا الجيش ورموز الوطن، وما زالوا يبحثون عن المصطلحات ويتصيدون الأخطاء لتوجيه الانتقادات للجيش من جديد.
كهنة ثورة 25 يناير تكشفت مذاهبهم السياسية الغاضبة والرافضة لثورة 30 يونيو، ووصل بهم الأمر إلى وصفها بالانقلاب رغم أن لغة الأرقام لا تكذب ولا تتجمل والتى تؤكد أن عدد المصريين الذين خرجوا فى 30 يونيو 7 أضعاف من خرجوا فى 25 يناير، ومتظاهرو يناير 2011 خرجوا فى 3 ميادين فقط وهى الأربعين بالسويس والقائد إبراهيم فى الإسكندرية والتحرير بالقاهرة، والصعيد لم يشارك، بينما خرج المصريون فى 30 يونيو فى كل ميادين مصر وشارك الصعايدة.
وبمرور الوقت بدأ كهنة ودراويش 25 يناير يدركون فداحة خطأهم بوصفهم ثورة 30 يونيو بالانقلاب، وأن الشارع صاخب ضدهم، فبدأوا يزينون مصطلحاتهم ما بين تصحيح مسار الثورة، والموجة الثانية للثورة، مع الاحتفاظ بأن 25 يناير هى الثورة الأم، فى عجرفة وصلافة وكبرياء عجيب وكأنهم يستكثرون على المصريين أن يثوروا ويسطروا فصلا عظيما ورائعا جديدا من فصول الثورات التاريخية الفاصلة، وبالعودة لتاريخ ثورات مصر بالوثائق والأرقام فإنها تكشف بجلاء أن ثورة 30 يونيو ثورة شعبية عظيمة مكتملة الأركان، ولا تربطها صلة بثورة 25 يناير، ولا نظير لها لا فى التاريخ المصرى فحسب بل فى تاريخ الثورات العالمية.
ونظرا لأن كهنة ودراويش 25 يناير لا يقرأون التاريخ ولا يريدون أن يعبروا إلى المستقبل وقرروا أن يقفوا عند ذاك التاريخ ومعارضة مبارك ونظامه فقط والدليل أنهم خرجوا فى مظاهرات رافضة للإفراج عنه، فإن تاريخ مصر الحديث يعطى لهم درسا قاسيا، فقد سطر خروج المصريين فى مظاهرات صاخبة يوم 20 أكتوبر عام 1798 ضد الفرنسيين الذين جاءوا لمصر فى حملتهم الشهيرة، ويا للعجب أن الذى قاد المتظاهرين حينذاك الأزهر وشيوخه وقام التجار بتمويلها وأقيمت المتاريس فى المدن.
وتطورت المظاهرات واشتعلت بعد سقوط عدد كبير من المصريين شهداء، ونظموا صفوفهم وألحقوا بالفرنسيين عددا كبيرا من القتلى، وكان من بينهم حاكم القاهرة الفرنسى «ديبوى» مما دفع القائد الفرنسى ورئيس الحملة نابليون بونابرت إلى استخدام أقصى درجات العنف ودخل جنوده الأزهر بخيولهم مما أثار الشعور الدينى للمصريين، وهنا أُطلق عليها ثورة حقيقية، رغم أن نابليون بونابرت استطاع فى النهاية إخمادها.
وبعد مرور عامين فقط وتحديدا فى يوم 21 إبريل عام 1800 خرج المصريون فى مظاهرات صاخبة ضد الفرنسيين مستغلين اشتباكاتهم مع المماليك والعثمانيين، ولم تثنهم نيران مدافع الجنرال كليبر التى أحرقت أحياء القاهرة، واستمرت المظاهرات شهرا تقريبا، ولعب أعيان القاهرة وتجارها وكبار مشايخها دورا كبيرا، وأن التجار وأعيان القاهرة الذين لم يشاركوا فى ثورة القاهرة الأولى شاركوا فى الثانية وهنا أدرك المصريون أنهم فى ثورة حقيقية، وأطلقوا عليها ثورة القاهرة الثانية.
واختلفت الثورة الثانية عن الأولى كلية، وهنا وجه التشابه بين ثورة القاهرة الثانية وثورة 30 يونيو يظهر بقوة، حيث خرجت فئات جديدة لم تشارك فى الثورة الأولى، مثل الأعيان والتجار والمشايخ، وتزعموا الثورة منذ الساعات الأولى، وجادوا بأموالهم لإعداد المأكولات والمشروبات؛ وخرج عمر مكرم نقيب الأشراف وأحمد المحروقى شيخ بندر التجار على رأس جمع كبير من أهالى القاهرة، وأقباط مصر، قاصدين التلال الواقعة خارج باب النصر، يحملون الشوم والعصى والقليل معهم السلاح، واحتشد جمع آخر وصاروا يطوفون بالأزقة والحارات وهم يرددون الهتافات المعادية للفرنسيين، ثم اشتبك الثوار مع الفرنسيين فى معارك ضروس سقط على أثرها عدد من الأقباط المصريين، وتحصن الفرنسيون بمعسكرهم بالأزبكية.
ورغم أن ثوار القاهرة الثانية، لم يشاركوا فى الأولى، فإنهم لم يتلقوا الاتهامات بأنهم فلول وحزب كنبة، وأصحاب مصالح من كهنة ودراويش ثورة القاهرة الأولى، بل حدث العكس حيث أطلقوا عليهم ثوارا حيث أحضروا ثلاثة مدافع كان الأتراك قد جاءوا بها إلى المطرية، وجلبوا عدة مدافع أخرى وجدت مدفونة فى بيوت الأمراء، وأحضروا من حوانيت العطارين من المثقلات التى يزنون بها البضائع من حديد وأحجار استعملوها عوضا لضرب مقر القيادة الفرنسية بالأزبكية كما أنشأوا مصنعا للبارود بالخرنفش، واتخذوا بيت القاضى المجاور للمشهد الحسينى مقرا لصناعة وإصلاح المدافع والدانات، ونشروا عيونا لهم للتجسس على المحتلين واستكشاف خططهم، ولم يتوانوا فى التعامل مع كل من تعاون مع الفرنسيين من الخونة بالشدة والعنف.
وسرعان ما انتقل لهيب الثورة إلى بولاق، فقام الحاج مصطفى البشتيلى ومن معه بتهييج العامة، وانقضوا بعصيهم وأسلحتهم ورماحهم على معسكر الفرنسيين، وقتلوا حراسه «ونهبوا جميع ما فيه من خيام ومتاع وغيره، وكافح المصريون وواصلوا معاركهم ليلا ونهارا، كما يقول المؤرخ العظيم الجبرتى».
ورغم أن هذه الثورة لم تحقق أهدافها وانتهت بتوقيع اتفاقية نصت على خروج الأتراك والمماليك إلى حدود سوريا، وقيام الجنرال كليبر بالتنكيل بالمصريين خاصة كبار التجار وأعيان البلاد، فإنه لم يمر شهران حتى تم اغتيال كليبر على يد الطالب السورى سليمان الحلبى، والذى كان له الأثر الكبير فى التعجيل بإنهاء الحملة الفرنسية على مصر.
إذن التاريخ وما خطه المؤرخ العظيم الجبرتى بأن ثورة القاهرة الثانية التى اندلعت عقب ثورة القاهرة الأولى بعامين فقط، ثورة مكتملة العناصر ولم يذكر لنا أنها موجة ثورية من موجات الثورة الأولى أو تصحيح مسار، رغم أن الثورتين قامتا ضد محتل واحد وهم الفرنسيين، كما أن الذين شاركوا فى الثورة الأولى لم يكفروا الأعيان والتجار والأقباط الذين لم يشاركوهم الثورة، وشاركوا فى الثانية ولم يتم وصفهم بأنهم فلول وثورة نصارى.
وتأسيسا على ذلك فإن ثورة 30 يونيو ثورة حقيقية ومختلفة تماما عن ثور 25 يناير، لأنها قامت ضد نظام مغاير عن النظام الذى اندلعت ضده ثورة 25 يناير، وقضت على مخطط كان يحيقه الأعداء بتقسيم البلاد، بمساعدة فصيل مصرى للأسف، دون أن يضع فى اعتباره مقدرات وطنه، إلا أن ذلك لم يرض من ساعدوهم للوصول إلى سدة الحكم.
كهنة ودراويش 25 يناير، يحاولون أن يوقفوا قاطرة التاريخ عند حد الثورة التى شاركوا فيها، ويعملون على تشويه كل ما قبلها، للدرجة التى أنكروا فيه ثورة يوليو 1952.. وينكرون الآن ثورة 30 يونيو، إلا أن الشعب المصرى بكل طوائفه اعترف بثورة يونيو، واعتبرها ثورة عظيمة أنقذت البلاد من مصير مجهول، كان لا يعلمه إلا الله.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المصريون تظاهروا عام 1798 ضد الاحتلال الفرنسى وأطلقوا عليها «ثورة القاهرة الأولى».. ثم بعدها بعامين فقط عام 1800 تظاهروا ضد المحتل نفسه وأطلقوا عليها «ثورة القاهرة الثانية».. ومسجل فى التاريخ ثورتان
ثوار 25 يناير أنكروا ثورة يوليو 1952.. وأنكروا ثورة 30 يونيو واعتبروها موجة ثورية رغم أنها اندلعت بعد 3 أعوام من 25 يناير فى قلب فاضح للحقائق
صار لثورة 25 يناير كهنة ودراويش وأتباع، وبنوا معابد وأحاطوها بقدسية تجاوزت قداسة ومعابد كهنة فرعون موسى بقيادة الكاهن الأكبر هامان، فأصابهم الغرور والغطرسة، وأعطوا لأنفسهم الحقوق الحصرية للحقيقة المطلقة، وصك المواطنة، وفضيلة الوطنية، فلم يستمعوا لصوت غير أصواتهم وشككوا فى كل معارضيهم، ووصموهم بصفات سيئة.
كهنة فرعون موسى بقيادة الكاهن الأعظم هامان كان هدفهم الرئيسى مصلحتهم ونفوذهم وخزائن معابدهم المكتظة بالمال والذهب، ولا يهمهم وطن أو مصلحة شعب، وطوال تاريخ مصر الفرعونى منذ الأسرة الأولى، والكهنة لا يهمهم إلا تحقيق مصالحهم الخاصة على جثة الوطن.
كهنة ثورة يناير، وعلى رأسهم أحمد ماهر ومحمد عادل وفرقتهما «6 إبريل»، وعبدالرحمن يوسف ومصطفى النجار، وعلاء عبدالفتاح، وأسماء محفوظ، وعمرو حمزاوى، جميعهم تتوافق أفكارهم ومعتقداتهم مع أفكار جماعة الإخوان، وتوقفت معارضتهم عند 25 يناير ضد مبارك ونظامه، ثم هاجموا المجلس العسكرى السابق لتسليم مفاتيح سلطة البلاد لجماعة الإخوان المسلمين وساندوها ودعموها وأهانوا الجيش ورموز الوطن، وما زالوا يبحثون عن المصطلحات ويتصيدون الأخطاء لتوجيه الانتقادات للجيش من جديد.
كهنة ثورة 25 يناير تكشفت مذاهبهم السياسية الغاضبة والرافضة لثورة 30 يونيو، ووصل بهم الأمر إلى وصفها بالانقلاب رغم أن لغة الأرقام لا تكذب ولا تتجمل والتى تؤكد أن عدد المصريين الذين خرجوا فى 30 يونيو 7 أضعاف من خرجوا فى 25 يناير، ومتظاهرو يناير 2011 خرجوا فى 3 ميادين فقط وهى الأربعين بالسويس والقائد إبراهيم فى الإسكندرية والتحرير بالقاهرة، والصعيد لم يشارك، بينما خرج المصريون فى 30 يونيو فى كل ميادين مصر وشارك الصعايدة.
وبمرور الوقت بدأ كهنة ودراويش 25 يناير يدركون فداحة خطأهم بوصفهم ثورة 30 يونيو بالانقلاب، وأن الشارع صاخب ضدهم، فبدأوا يزينون مصطلحاتهم ما بين تصحيح مسار الثورة، والموجة الثانية للثورة، مع الاحتفاظ بأن 25 يناير هى الثورة الأم، فى عجرفة وصلافة وكبرياء عجيب وكأنهم يستكثرون على المصريين أن يثوروا ويسطروا فصلا عظيما ورائعا جديدا من فصول الثورات التاريخية الفاصلة، وبالعودة لتاريخ ثورات مصر بالوثائق والأرقام فإنها تكشف بجلاء أن ثورة 30 يونيو ثورة شعبية عظيمة مكتملة الأركان، ولا تربطها صلة بثورة 25 يناير، ولا نظير لها لا فى التاريخ المصرى فحسب بل فى تاريخ الثورات العالمية.
ونظرا لأن كهنة ودراويش 25 يناير لا يقرأون التاريخ ولا يريدون أن يعبروا إلى المستقبل وقرروا أن يقفوا عند ذاك التاريخ ومعارضة مبارك ونظامه فقط والدليل أنهم خرجوا فى مظاهرات رافضة للإفراج عنه، فإن تاريخ مصر الحديث يعطى لهم درسا قاسيا، فقد سطر خروج المصريين فى مظاهرات صاخبة يوم 20 أكتوبر عام 1798 ضد الفرنسيين الذين جاءوا لمصر فى حملتهم الشهيرة، ويا للعجب أن الذى قاد المتظاهرين حينذاك الأزهر وشيوخه وقام التجار بتمويلها وأقيمت المتاريس فى المدن.
وتطورت المظاهرات واشتعلت بعد سقوط عدد كبير من المصريين شهداء، ونظموا صفوفهم وألحقوا بالفرنسيين عددا كبيرا من القتلى، وكان من بينهم حاكم القاهرة الفرنسى «ديبوى» مما دفع القائد الفرنسى ورئيس الحملة نابليون بونابرت إلى استخدام أقصى درجات العنف ودخل جنوده الأزهر بخيولهم مما أثار الشعور الدينى للمصريين، وهنا أُطلق عليها ثورة حقيقية، رغم أن نابليون بونابرت استطاع فى النهاية إخمادها.
وبعد مرور عامين فقط وتحديدا فى يوم 21 إبريل عام 1800 خرج المصريون فى مظاهرات صاخبة ضد الفرنسيين مستغلين اشتباكاتهم مع المماليك والعثمانيين، ولم تثنهم نيران مدافع الجنرال كليبر التى أحرقت أحياء القاهرة، واستمرت المظاهرات شهرا تقريبا، ولعب أعيان القاهرة وتجارها وكبار مشايخها دورا كبيرا، وأن التجار وأعيان القاهرة الذين لم يشاركوا فى ثورة القاهرة الأولى شاركوا فى الثانية وهنا أدرك المصريون أنهم فى ثورة حقيقية، وأطلقوا عليها ثورة القاهرة الثانية.
واختلفت الثورة الثانية عن الأولى كلية، وهنا وجه التشابه بين ثورة القاهرة الثانية وثورة 30 يونيو يظهر بقوة، حيث خرجت فئات جديدة لم تشارك فى الثورة الأولى، مثل الأعيان والتجار والمشايخ، وتزعموا الثورة منذ الساعات الأولى، وجادوا بأموالهم لإعداد المأكولات والمشروبات؛ وخرج عمر مكرم نقيب الأشراف وأحمد المحروقى شيخ بندر التجار على رأس جمع كبير من أهالى القاهرة، وأقباط مصر، قاصدين التلال الواقعة خارج باب النصر، يحملون الشوم والعصى والقليل معهم السلاح، واحتشد جمع آخر وصاروا يطوفون بالأزقة والحارات وهم يرددون الهتافات المعادية للفرنسيين، ثم اشتبك الثوار مع الفرنسيين فى معارك ضروس سقط على أثرها عدد من الأقباط المصريين، وتحصن الفرنسيون بمعسكرهم بالأزبكية.
ورغم أن ثوار القاهرة الثانية، لم يشاركوا فى الأولى، فإنهم لم يتلقوا الاتهامات بأنهم فلول وحزب كنبة، وأصحاب مصالح من كهنة ودراويش ثورة القاهرة الأولى، بل حدث العكس حيث أطلقوا عليهم ثوارا حيث أحضروا ثلاثة مدافع كان الأتراك قد جاءوا بها إلى المطرية، وجلبوا عدة مدافع أخرى وجدت مدفونة فى بيوت الأمراء، وأحضروا من حوانيت العطارين من المثقلات التى يزنون بها البضائع من حديد وأحجار استعملوها عوضا لضرب مقر القيادة الفرنسية بالأزبكية كما أنشأوا مصنعا للبارود بالخرنفش، واتخذوا بيت القاضى المجاور للمشهد الحسينى مقرا لصناعة وإصلاح المدافع والدانات، ونشروا عيونا لهم للتجسس على المحتلين واستكشاف خططهم، ولم يتوانوا فى التعامل مع كل من تعاون مع الفرنسيين من الخونة بالشدة والعنف.
وسرعان ما انتقل لهيب الثورة إلى بولاق، فقام الحاج مصطفى البشتيلى ومن معه بتهييج العامة، وانقضوا بعصيهم وأسلحتهم ورماحهم على معسكر الفرنسيين، وقتلوا حراسه «ونهبوا جميع ما فيه من خيام ومتاع وغيره، وكافح المصريون وواصلوا معاركهم ليلا ونهارا، كما يقول المؤرخ العظيم الجبرتى».
ورغم أن هذه الثورة لم تحقق أهدافها وانتهت بتوقيع اتفاقية نصت على خروج الأتراك والمماليك إلى حدود سوريا، وقيام الجنرال كليبر بالتنكيل بالمصريين خاصة كبار التجار وأعيان البلاد، فإنه لم يمر شهران حتى تم اغتيال كليبر على يد الطالب السورى سليمان الحلبى، والذى كان له الأثر الكبير فى التعجيل بإنهاء الحملة الفرنسية على مصر.
إذن التاريخ وما خطه المؤرخ العظيم الجبرتى بأن ثورة القاهرة الثانية التى اندلعت عقب ثورة القاهرة الأولى بعامين فقط، ثورة مكتملة العناصر ولم يذكر لنا أنها موجة ثورية من موجات الثورة الأولى أو تصحيح مسار، رغم أن الثورتين قامتا ضد محتل واحد وهم الفرنسيين، كما أن الذين شاركوا فى الثورة الأولى لم يكفروا الأعيان والتجار والأقباط الذين لم يشاركوهم الثورة، وشاركوا فى الثانية ولم يتم وصفهم بأنهم فلول وثورة نصارى.
وتأسيسا على ذلك فإن ثورة 30 يونيو ثورة حقيقية ومختلفة تماما عن ثور 25 يناير، لأنها قامت ضد نظام مغاير عن النظام الذى اندلعت ضده ثورة 25 يناير، وقضت على مخطط كان يحيقه الأعداء بتقسيم البلاد، بمساعدة فصيل مصرى للأسف، دون أن يضع فى اعتباره مقدرات وطنه، إلا أن ذلك لم يرض من ساعدوهم للوصول إلى سدة الحكم.
كهنة ودراويش 25 يناير، يحاولون أن يوقفوا قاطرة التاريخ عند حد الثورة التى شاركوا فيها، ويعملون على تشويه كل ما قبلها، للدرجة التى أنكروا فيه ثورة يوليو 1952.. وينكرون الآن ثورة 30 يونيو، إلا أن الشعب المصرى بكل طوائفه اعترف بثورة يونيو، واعتبرها ثورة عظيمة أنقذت البلاد من مصير مجهول، كان لا يعلمه إلا الله.
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
م. حسن الخشاب - مصرى أصيل
برافو
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق الألفي
ثورة الفلول
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد محمود
موقف عبدالرحمن يوسف طبيعى لانه ابن الشيخ القرداوى
فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
عدلى عبد الباقى السيد
ثورة توفيق عكاشه
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال
قلتها مليون مرة
عدد الردود 0
بواسطة:
رضا عبد الله
يا استاذ فى ثوره
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
أول مرة أقرأ لكاتب شجاع فى اليوم السابع
عدد الردود 0
بواسطة:
وليد احمد
ازاى
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري اصيل
موتو بغيظكم
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد كيما
اهلنا بيظلمونا