عاطف البرديسى يكتب: واقع الإعلام المصرى قبل وبعد الثورة

السبت، 03 أغسطس 2013 11:01 ص
عاطف البرديسى يكتب: واقع الإعلام المصرى قبل وبعد الثورة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يحظَ موضوع بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير باهتمام من قبل الشعب المصرى كما حظى موضوع الإعلام المسموع والمقروء والمرئى، خاصة بعد النقد الشديد الذى وُجِّه للإعلام الحكومى خلال وبعد ثورة 25 يناير؛ واتهام بعض وسائل الإعلام بالترويج للثورة المضادة، وتطبيق أجندات خارجية تضر بأمن واستقرار البلاد، الأمر الذى أثار العديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام، حول مدى استقلالية وسائل الإعلام المختلفة الحكومية والمستقلة، وقيامها بدورها المنشود فى كشف الفساد وتلبية طموحات الشعب المصرى الذى أشتاق للحرية والديموقراطية.

لعب الإعلام بكافة وسائلة المختلفة قديمًا وحديثًا دورًا بارزًا، فى تنمية المجتمع والوطن بصفة عامة، وذلك من خلال قيامه بمتابعة أداء الحكومة وكشف فسادها وفضح ممارساتها المتعارضة مع صريح القانون والدستور، فضلاً عن قيامه بنقل مشاكل المجتمع ورفعها للمسئولين من أجل الإسهام فى إيجاد حلول واقعية لها.


وقد ظل الإعلام المصرى حُرًّا إلى حدود ما قبل ثورة 1952، التى قامت فيما بعد بتأميم الإعلام المصرى المقروء والمسموع عام 1960، ثم المشاهَد بعد ذلك، فمنذ ذلك الحين، وحتى الآن، ما زالت الصحف القومية الكبرى الثلاث، مملوكة للدولة المصرية، بالإضافة إلى مجموعة من المجلات كمجلة "المصوّر" و"روزا ليوسف" و"صباح الخير"، وغيرها. كما أن جهازى الإذاعة والتلفزيون لا يزالان مملوكين للدولة. وكانت نتيجة امتلاك الدولة لهذه الوسائل الإعلامية الضخمة، التخلف، والجمود، وظهور إعلام فى الدول العربية خاصة فى منطقة الخليج ينافس الإعلام المصرى منافسة شديدة، بل وأن يتقدم عليه فى كثير من الأحيان. فبالرغم من الإمكانات الكبيرة التى وفّرتها الدولة للإعلام الرسمى، إلا أنه لم يأخذ بالأساليب الإعلامية الحديثة ولم يطوِّر من نفسه بحيث يصبح قادرًا على المنافسة، مما جعل العديد من وسائل الإعلام المستقلة سواء صحف أو فضائيات تتقدم عليه بكثير.

فقد حصر الإعلام الرسمى نفسه فى زاوية الدعاية لسياسات النظام البائد، وتكريس نفسه لتبرير أخطائه وتصوير برامجه ومخططاته على أنها السبيل الوحيد لإنقاذ مصر، فى مقابل تقليل وتهميش أصوات المعارضة المصرية الحرة، وذلك كله فى وقت كان يشعر فيه الشعب المصرى بمزيد من التهميش والحصار والمعاناة، الأمر الذى جعله يفقد الثقة فى تلك المؤسسات، ويعزف عن مشاهدتها، ويُقبل فى مقابل ذلك على مشاهدة القنوات العربية مثل الجزيرة والصحف المستقلة مثل المصرى اليوم والدستور والشروق وغيرها، بالرغم من التضييق الشديد الذى كانت تمارسه أجهزة الدولة الرسمية على تلك المؤسسات خوفًا من كشف فساد النظام أمام الرأى العام المصري.

أما بعد الخامس والعشرين من يناير فقد تغير الأمر كثيرًا، خاصة بالنسبة للصحف القومية التى تنفست الصعداء بعد سقوط النظام السابق وإعلان الرئيس مبارك تنحيه عن رئاسة الجمهورية؛ فلأول مرة نشاهد القناة الأولى تعرض مقاطع حية من ميدان التحرير، وتقوم الصحف القومية الأهرام والأخبار والجمهورية بعرض الحقائق كما هى دون تدخل لتبرير سياسات وبرامج الحكومة، وذلك بدرجة فاقت بها العديد من الصحف المستقلة.

فقدت شهدت مصر بعد الثورة تحولاً جذريًّا فى أداء وسائل الإعلام وذلك باتجاه الشفافية والمصداقية، حيث أصبحت وسائل الإعلام تتناول الأحداث بشكل مختلف، والصحف الحكومية باتت أكثر صراحة وجرأة، وهذا شيء مهم، يعطى الأمل للشعوب والمجتمعات فى إمكانية التطوير والتغير والسير نحو الأفضل.

ورغم هذا التحول الكبير الذى شهده الإعلام بعد الثورة، إلا أن هناك من يحذر من لصوص الثورات الذين تحولوا من تأييد وتبرير سياسات النظام السابق، إلى توظيف الثورة لتحقيق مكاسب خاصة من خلال التلون مع كل المراحل.

وقد دعا هؤلاء لتطهير الإعلام الحكومى، مؤكدين أن هذا سينعكس بشكل كبير على المواطن المصرى، مشيرين إلى أنه لا توجد ديمقراطية بدون إعلام وطنى يعبر عن الشعب المصرى، ولكن بشرط أن يكون منفصلاً ومستقلاً عن الحكومة.

والحقيقة أنه بالرغم من البيئة السياسية المشجعة لتطوير أداء الإعلام المصرى الحكومى والمستقل، إلا أنه لم يكن عند مستوى طموح الشعب المصرى الذى توقع أن تحدث ثورة فى وسائل الإعلام المصرية الحكومية والمستقلة؛ إذ كان الإعلام فى حقيقة الأمر منفصلاً عن نبض الجماهير، ويمكننا حصر مكامن الخلل التى حدثت خلال فترة ما بعد الثورة فى وسائل الإعلام المصرية فى عدة نقاط أهمها:

1- غير متفاعل مع نبض الشارع؛ إذ خلا من البرامج التى تقوم بتوعية الجماهير بمخاطر الإشاعات التى تؤثر على أمن واستقرار المجتمع.

2- أظهرت الثورة مدى الدور الكبير الذى مارسه رجال الأعمال المالكون لبعض الصحف على توجهات وإصدارات وتحركات تلك الصحف.

3- افتقاد بعض وسائل الإعلام للمهنية والحيادية فى نقل الأخبار والأحداث.

4- اعتمادها على التقليد بدلاً من الإبداع والمنافسة.

5- عدم حدوث تغييرات جذرية فى تلك المؤسسات، باستثناء المؤسسات القومية التى شهدت بعض التغييرات.

6- التركيز الكبير على الصراع الدائر بين الأحزاب السياسية من جهة وبين الإسلاميين والعلمانيين والليبراليين من جهة أخرى، وقيام الصحف التابعة لتلك الأحزاب بشن حملات ضد الآخر، دون مراعاة لصالح الوطن الذى يحتاج إلى الاستقرار وإلى دعم الجميع من أجل إعادة البناء.






مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

remoon

فعلاً

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة