سعيد سالم يكتب: عبقرية وحيد حامد بدون ذكر أسماء

تميز شهر رمضان عن غيره من شهور السنة - للأسف الشديد - بإنتاج العديد من المسلسلات الدرامية ، تتنافس فيما بينها بغية جذب أكبر عدد من المشاهدين لتحقيق أعلى ربحية من الإعلانات ..

أعجبنى مسلسل ( بدون ذكر أسماء ) لعبقرى التأليف والسيناريو والحوار / وحيد حامد ، وللمخرج الواعد تامر محسن الذى أدار بحرفية رائعة ، وفى تناغم رائع مجموعة متميزة من الممثلين القدامى الجُدد ، والجُدد فى سيمفونية متألقة من الإبداع التمثيلى بموسيقى تصويرية متميزة !!

يرصد المسلسل فى تركيز شديد أنماط من البشر بدأوا حياتهم مع أوائل عام 1985 وفقاً لما جاء بأول مشهد فى الحلقة الأولى للمسلسل !!

رصدت المشاهد فى إبداع متواصل بنت الشوارع ( روبى ) الموهوبة بالرقص فأصبحت نجمة لألاءة فى فن الرقص الشرقى ، بعد أن أفل نجم سيدتها المغنية فى الأفراح الشعبية بعوامل الزمن وعوامل التغيرات البيئية الاجتماعية..

والصحفى ( أحمد الفيشاوى ) الذى ارتمى وبسرعة من أول يوم عمل فى الصحافة فى أحضان صحافة الابتزاز تحت رئاسة تحرير سيدة سيئة السمعة فتحقق له ما أراد فى فترة زمنية قصيرة، ومن هُنا بدأت صحافة الابتزاز كصحافة رائجة !!

والصحفية زميلته التى اختارت صحافة الواقع وبدأت فى رصد نبض الشارع بحق، فكانت ما أرادت !!

ولواء الشرطة الفاسد ابن العمدة الذى لعب على أوتار المرحلة الزمنية، وحقق أرباحاً متنامية من تجارة السلاح وتجارة المخدرات بدون أى وازع من المسئولية الوطنية !!

وطفل الشوارع ( رجب الفرخ ) الذى تحول فى غمضة عين إلى زوج لثرية فى عمر أمه زواج تغلفه المصلحة المادية فقط، تعمل معلمة - بكسر الميم الأولى لمجموعة أطفال شوارع لها عليهم سطو وسلطة، يمتهنون مهنة التسول والبلطجة لأنهم أطفال خطيئة نتاج لحظة بهيمية عاشها رجل وامرأة فى ظروف قاهرة أو غير قاهرة !!

وبنات الجامعة المغتربات اللآتى يسكنون فى شقة مفروشة ليتحصلن علوم جامعاتهم بعيداً عن أسرهم، فمنهم من استخدمت أنوثتها كوسيلة سريعة للتربح، ومنهم من استخدمت شرفها وتعليمها العالى لنفس الغرض، ولو كان تربحاً قليلاً !!

ثم .. إليك هذا المحامى العازف على ثغرات القانون بحثاً عن تبرئة مُجرم أو إدانة متهم متاجراً فى قضية حقوق الإنسان ، وهو أبعد ما يكون عن روح الإنسانية الحقة !!

والمهندس أبن قصاص الحمير الذى بدأ رحلة حياته فى العمل مع اللواء الفاسد بتجارة مشبوهة بدأها مع والده الذى وجد نفسه بين ليله وضحاها من أصحاب مئات الآلاف من الجنيهات بعد أن كان مُعدماً !!

وبائع الحلوى المنتج لها والمسوق لها ، لديه امرأة مصرية مكافحة تساعده فى التربح ، وله بنتان أحداهما ( حورية فرغلى ) تزوجت بإخوانى مدعوماً بشيوخ مصرية من ذوى الحظوة والنفوذ العقائدى ، وبدعم سعودى كامل وبتكييف عام 1986 ، والأخرى ( وجه جديد متألق ) فى طريقها للزواج من مُحصل كهرباء شاب فى بداية حياته ويرغب فى ترك الوظيفة الحكومية للاتجاه إلى طريق التجارة الخاصة فى مجال حماه !!

اشتمل المسلسل على رصد أنماط عديدة من البشر المصرى الخالص فى زمن الثمانينات والتسعينيات أبدعوا صورة وصوت وأخراج وتمثيل، وكانت كريمة التورتة هى عبقرية الرصد للعبقرى / وحيد حامد ...
مسلسل .. ما أبدعه !!