اختلفت آراء السياسيين العرب ومواقفهم من سياسات وشخصية الدبلوماسى الأمريكى روبرت فورد، الذى ورد ترشيحه من جانب الإدارة الأمريكية لتعيينه سفيرا لها فى مصر بدلا من آن باترسون السفيرة الحالية، وذلك مع تحدثه العربية بطلاقة، فضلا عن إجادته لعدد من اللغات الأخرى.
وكل الآراء اتفقت على أن فورد شخصية دبلوماسية متخصصة فى شئون الشرق الأوسط، ولكن الاختلاف برز حول مواقفه فى كل دولة عمل بها سفيرا لأمريكا مثل سوريا والبحرين والعراق.
أحد المعارضين السوريين وصف فورد بأنه شخصية غير مريحة ولم يستطع الوثوق به، بينما وصف معارض آخر فورد بالشخصية المؤثرة إيجابا فى الثورة السورية وتحدث عن دوره فى دعم الثورة والضغط على النظام لعدم مواجهة المواطنين بالعنف.
ويقول سياسى بحرينى من العائلة المالكة، إن فورد كان أحد أهم الأسباب، التى أدت إلى اضطرابات فى البحرين ودخولها فى أزمة، ناصحا مصر بعدم قبول فورد سفيرا لديها خلفا لباترسون، زاعما أنه لن يستطيع تحقيق أى توازن بين القوى المتصارعة.
ويقول هيثم المالح، عضو الائتلاف الوطنى السورى، إنه يعرف روبرت فورد جيدا وسبق وأن التقيا فى سوريا فى أول أحداث الثورة السورية فى 2011، حيث كان يرأس فورد البعثة الدبلوماسية التابعة لواشنطن فى دمشق، حيث يرى أن فورد دبلوماسى محنك له أجنداته الخاصة، التى لا يخرج عنها، كما أنه يتميز بالنشاط المستمر فى عملة كدبلوماسى.
ويضيف المالح" فورد لم يكن واضح بالنسبة لى ولم أشعر بارتياح عندما رأيته للمرة ولم أثق به، حيث زارنى مع السفر الكندى فى منزلى بعد أسبوع واحد من اندلاع الثورة السورية، وتحدثنا عن الأوضاع العامة فى سوريا والسياسة الأمريكية فى المنطقة، وكيف أنها لم تكن واضحة فيما يتعلق بالثورة السورية".
ويتابع "فورد كان يراقب الحالة السورية ويشرف عليها فى حدود نقل المعلومات لدولته، والكل يعلم أن أمريكا لم تسارع إلى حل يحسم الثورة السورية لأن النظام الحالى يحافظ على أمن إسرائيل"، على حد تعبيره.
أما رياض غنام، معارض سورى، فيرى أن لروبرت فورد دورا هاما فى دعم الثورة السورية ضد النظام، حيث يقول إن السفير الأمريكى كان فى تلك الفترة سفيرا للولايات المتحدة فى سوريا، وحاول أن يضغط على الحكومة للسماح للمتظاهرين بالتظاهر السلمى وعدم مواجهة المواطنين بالسلاح.
ويواصل "كان الشعب السورى يتقبل الدور الذى يقوم به روبرت فورد لدعم الثورة السورية، وفى عام 2011 زار السفير الأمريكى محافظة حماة واستقبله وقتها حشود من الأهالى وأبلغه المتظاهرون مطالبهم، كما أنه شارك فى تشييع جنازات عدد من النشطاء السياسيين".
وأوضح غنام أنه حين استشعر النظام بخطورة الدور الذى كان يقوم به روبرت فورد فى دعم الثورة السورية، أعلن أنه غير مقبول به فى سوريا، وبالفعل تم إنهاء فترة عمله كسفير للولايات المتحدة الأمريكية فى نهاية عام 2011، ومنذ ذلك الحين تولى مسئولية الملف السورى فى الخارجية الأمريكية، كما أنه كان وراء تشكيل الائتلاف الوطنى السورى المعارض فى الدوحة.
ومن جهة أخرى، يرى الشيخ خالد آل خليفة، رئيس اللجنة الخارجية فى مجلس الشورى البحرينى، لـ"اليوم السابع" أن روبرت فورد كان واحدًا من عوامل اندلاع الأزمة البحرينية فى 2011-وذلك على حد تعبيره- حيث إنه كان فى تلك الفترة سفيرا لأمريكا فى المنامة، قائلا: "روبرت فورد كان من أسوأ الشخصيات غير المرغوب فيها بالبحرين".
ويشير الشيخ خالد إلى أن سياسة فورد فى البحرين كانت تميل إلى تغليب مصلحة طرف على كل الأطراف الأخرى، وأنه تجاهل أكثر من 400 ألف متظاهر دعموا الملك البحرين، وأيد تظاهرات خرجت بشكل غير سلمى ولجأت للعنف وأحرقت الممتلكات العامة والخاصة.
ويستطرد "تم تغيير فورد بدبلوماسى آخر إبان الاضطرابات، التى شهدتها البحرين فى عام 2011، حيث كان لروبرت الكثير من العلاقات المشبوهة مع قوى دعت إلى إسقاط النظام، وإقامة دولة ديمقراطية إسلامية على النمط الإيرانى".
ويوضح الشيخ خالد آل خليفة، أن روبرت فورد رجل متخصص فى منطقة الشرق الأوسط ودبلوماسى محنك، لكنه يرى أن مثل هذا الرجل لا يصلح لأن يكون سفيرا لأمريكا فى مصر فى الوقت الحالى لأنه لن يستطيع أن يحدث توازنا بين الأطراف المتنازعة وحتى لا يفعل مثلما فعل فى البحرين.
من هو روبرت فورد؟
هو روبرت ستيفان فورد، مواليد عام 1958 حصل على درجة الماجستير فى الآداب عام 1983 من جامعة جونز هوبكينز، وهو من مواطنى منطقة دينفر الأمريكية، ولكنه ظلَّ فترة طويلة مقيماً فى ولاية ميريلاند، وهو يجيد التحدث بخمس لغات: الإنجليزية، الألمانية، الفرنسية، التركية، العربية. كما حصل على عدة جوائز تكريمية من وزارة الخارجية الأمريكية، منها: جائزة جيمس كليمينت للتفوق فى المناصب المتوسطة بالسلك الدبلوماسى، علاوة على ثلاث جوائز مع مرتبة الشرف العليا وجائزتى استحقاق مع مرتبة الشرف.
وترجع بداية الحياة السياسية لفورد إلى انضمامه متطوعاً إلى «فرق السلام» (Peace Corps) لسنتين، وهى منظمة حكومية أمريكية، حيث كان مركزها فى المغرب.. والتحق بالعمل الدبلوماسى فى عام 1985م فعُيِّن فى قسم الشئون الاقتصادية فى قسم الخدمات الخارجية فى وزارة الخارجية الأمريكية.
وقضى السنوات الخمس عشرة التالية متنقلاً بين دول عدّة فى كل من: أزمير (تركيا) حيث شهدت الفترة، التى عمل فيها روبرت فورد فيها صعود وتائر العلاقات التركية- الأمريكية.. ثم فى القاهرة (مصر) وفيها ساهم فى القيام بالمزيد من عمليات التنسيق بين الدبلوماسية الأمريكية، والدبلوماسية الإسرائيلية، والدبلوماسية المصرية.. وفى الجزائر لعبت السفارة الأمريكية فى الجزائر دورا هاما لجهة مساعى إبعاد الجزائر عن النفوذ الفرنسى إضافة إلى إقناع الجزائر لجهة الانخراط فى مشروع الحرب ضد الإرهاب ومكافحة الجماعات المسلحة الإسلامية، وتعزيز العلاقات النفطية الجزائرية- الأمريكية، أما فى ياوندى (الكاميرون) كان للسفارة الأمريكية الدور الرئيسى فى تعزيز قبضة واشنطن على منطقة خليج غينيا، كما ساهمت فى تعزيز مساعى إبعاد النفوذ الفرنسى عن منطقة وسط أفريقيا، إضافة إلى الإسهام فى إدارة صراع إقليم دارفور السودانى وملف الصراع فى منطقة جنوب شرق نيجيريا الغنية بالنفط.
ثم عاود مرة أخرى إلى الجزائر العاصمة بين 1994 و1997 فى ظل أحداث العنف والإرهاب، التى شهدتها الجزائر عقب إلغاء انتخابات 1992من عام 2001، وحتى 2004 تولى منصب نائب رئيس البعثة الأمريكية فى البحرين وأثناء وجوده هناك تم انتدابه من وزارة الخارجية الأمريكية إلى العراق مباشرة بعد احتلال الولايات المتحدة الأمريكية لها، وذلك تقديرا لجهوده وقدرته التفاوضية والدبلوماسية بدلا من السفير الأمريكى آنذاك، جون نيغروبونتى واستمر ببغداد حتى عام 2006. وفى تلك الفترة سيطرت السفارة الأمريكية بشكل كامل على الشئون السياسية العراقية، حيث تم فى هذه الفترة إرساء الخطوط الرئيسية للعملية السياسية العراقية الجارية اليوم وتزايد نطاق وشدة العمليات السرية الأمريكية فى العراق، وعلى وجه الخصوص انتشار أنشطة الشركات الأمنية الأمريكية، وتزايد الاحتقانات الطائفية بين الساسة العراقيين وأيضا بين الطوائف والأقليات والجماعات الإثنية العراقية،كما تزايدت ظهور التقارير السياسية والإعلامية الساعية لبناء حملة الذرائع ضد سوريا وإيران باعتبارهما تتدخلان فى الشأن العراقى.
وقد تعرّض لعملية اختطاف من قبل "ميليشية شيعية"، فى سبتمبر 2003 بحيث كان فى اجتماع بمدينة "النجف" القريبة من الساحل، وفى وسط الاجتماع تم اقتحامه ثم احتجازه لمدة ساعتين قبل ثم إطلاق سراحه.
واتجه فورد مرة أخرى إلى الجزائر، ولكن كسفير للولايات المتحدة الأمريكية من 2006 إلى 2008، ونظرا لخبرته السياسية بالعراق عاود مرة أخرى إليها مجدداً فى منصب المستشار السياسى للسفارة الأمريكية فى بغداد (العراق)، من 2008 وحتى 2009 وفى بداية 2009، قضى أشهراً عدّة كرئيس للسفارة الأمريكية فى بغداد، كما أن اختياره مرتين للخدمة فى العراق، وقيل إنه ساعد فى صياغة قانون الانتخابات المحلية العراقية فى 2008.
وفى 2010 عين فورد سفيرا للولايات المتحدة الأمريكية فى سوريا، حيث تولى منصبه فى 29 ديسمبر 2010 عقب بضعة أيام من اندلاع الربيع العربى فى تونس ليكون أول سفير أمريكى فى سوريا منذ أن استدعت واشنطن سلفه إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق، رفيق الحريرى، فى فبراير 2005 فى عملية تفجير وجهت أصابع الاتهام فيها إلى سوريا، وغادر منصبه هناك بعد مؤتمر جنيف.
ومن أبرز خطواته أنه عندما كان سفيرا لبلاده فى سوريا قام بالخروج عن الأعراف الدبلوماسية عدة مرات عبر تدخله المباشر فى الشئون الداخلية لسوريا والتحريض منذ الأيام الأولى للأزمة بغية تصعيد الأوضاع ومنع الأمور من العودة إلى وضعها الطبيعى، بالإضافة إلى لقائه مع قادة المجموعات الإرهابية المسلحة، ثم الضغط لإدراج «جبهة النصرة» كمنظمة إرهابية لتنظيم صفوف المعارضة وتفادى نمو المتطرفين فى الشارع السورى.
"روبرت فورد" المرشح سفيرًا أمريكيًا بمصر.. أول سفير لواشنطن بالعراق.. التقى المجموعات المسلحة فى سوريا للتصعيد ضد بشار.. وبرلمانى بحرينى: كان سببًا فى الأزمة البحرينية ولا أنصح بعمله فى القاهرة
السبت، 03 أغسطس 2013 07:37 م