رصد مؤشر الديمقراطية خلال شهر أغسطس، فاعليات الحوار المجتمعى المستمر حول النظم الانتخابية المقترحة لانتخابات المرحلة المقبلة ضمن مبادرة المؤشر للإصلاح الانتخابى.
وقال المؤشر فى بيان له صادر اليوم الأربعاء، رغم إقامة حوار مجتمعى ضيق حول النظم الانتخابية، إلا أن انشغال كافة مكونات الدولة بالأوضاع الأمنية والسياسية الحالية قد أفقده القدرة على التطرق لبعض الموضوعات التى حاول التقرير توثيقها وعرضها على المواطن المصرى وصانع القرار والتى تأتى أهمها فى النقاط التالية:
بين التمثيل النسبى والتمثيل القبلى
اقتصر الحوار المجتمعى على الدفاع عن التمثيل الجغرافى تارة والتمثيل الحزبى تارة أخرى، فى حين غاب عن المشهد المساوئ التى خلقها النظام الفردى فيما يخص التصويت القبلى والذى طال محافظات الصعيد والدلتا والمحافظات البدوية بشكل عكس مجالس تمتلئ بكل شىء سوى ممثلين عن الشعب، وأيضا كان التبرير المستمر بضعف الأحزاب وحداثتها والذى يعتبر عذرا أقبح من ذنب، فبعد 3 سنوات من العمل الثورى المستمر لعشرات من الأحزاب والحركات والقوى لا يستطيع المنطق قبول هذا العذر خاصة بعدما كانت معظم تلك الأحزاب قد كونت شراكات حزبية وجبهات وتحالفات انتخابية قائمة بالفعل.
لكن الموقف الحالى يفرض على الجميع أن يناقش " نسبية التمثيل " وهل سيكون المجلس الحالى معبرا فعليا عن الشارع المصري، هل نستطيع أن نلحظ بعض الشباب أو مجموعة من العضوات غير المعينات، أو بعضا من المنتخبين من الأقباط الناشطين سياسيا، ومن سيمثل النوبة وسيناء، وهل سنرى عمال مصانع فعليا أم سيستمر ترشح رجال الأعمال تحت صفة العامل، وهل المشكلة تقطن حقيقة فى إلغاء نسبة العامل والفلاح أم أن هناك خيارات واسعة لم يتضمنها الحوار المجتمعى.
أكد المؤشر الديمقراطى على أن فرض آليات التحول الديمقراطى على الجميع ووضع نسبية التمثيل أمام أعينهم وأن يكون الهدف الأول من أى نظام انتخابى مقترح هو أن يعكس تمثيل كافة فئات المجتمع بشكل يجعل منه مرآة للشعب المصرى بكافة أطيافه، حتى يصبح بحق مجلسا للشعب الممثل جغرافيا ونوعيا وعمريا وأيديولوجيا وعقائديا وفئويا.
إتاحة التصويت وقيمة الأصوات الانتخابية
طرح مؤشر الديمقراطية عدة اسئلة، ومنها "هل تستطيع الدولة إتاحة عملية التصويت لكافة الفئات؟، وما هى قيمة أصوات الناخبين ؟"، وافتقد الحوار المجتمعى حتى الآن لمناقشة كيفية إتاحة الدولة الإنتخابات للجميع وبدون تفرقة وبالتالى على الحوار المجتمعى أن يتضمن عملية تقسيم الدوائر واللجان الانتخابية بحيث لا يمكن تكرار مشهد إتاحة لجنة لكل 30 ألف ناخب بسيناء فى مقابل لجنة لكل 6 آلاف ناخب فى القاهرة، أو صورة تعكس مواطنين تم منعهم من التوصيت بشكل إجرامى، أو لجان انتخابية غير قادرة على استيعاب الناخب، وغيرها من الصور التى باتت مرفوضة لدى الوعى الجمعى المصرى ولكنها تريد أن تتبلور من خلال الحوار المجتمعى وأن تكون مسودة إتفاق أو خارطة لطبيعة النظام الانتخابى الذى سيتم تطبيقه.
لذا فإن مبدأ إتاحة التصويت لكافة من يمتلكون هذا الحق هو أحد أهم مكونات نظام انتخابى ناجح، وإنه كلما تم التضييق بشكل أو بآخر على الوصول لهذا الحق كلما انعكست آلية تحقيق الديمقراطية لآلية واضحة لتكريس دكتاتورية.
المبدأ الثالث هو كيفية ترجمة إختيارات الناخب، وهنا تتحدد قيمة الصوت الانتخابى، وهنا يرى المؤشر أنه كلما استطاع النظام الانتخابى أن يأتى بمجلس أقرب لاتجاهات المصوتين كلما كان هذا النظام يعزز من قيمة التصويت ويجعله عملية ذات معنى ودلالة وهو ما يكسبها الشرعية المطلقة ويعمل على تعزيز عملية التصويت حيث تعتبر قيمة الصوت الانتخابى أحد أكبر المحفزات التصويتية.
طالب مؤشر الديمقراطية القائمين على الحوار المجتمعى مناقشة محورين مهمين أولهما الكيفية التى سيتم تقليص الأصوات الضائعة من خلالها، بمعنى الأصوات التى يخفق ممثلوها فى اجتياز الانتخابات وهنا على سبيل المثال انتهج الشعب الكندى نظاما أسموه بالأفضليات، وهو نظام انتخابى يجعل المصوت يضع أرقاما متسلسلة أمام أفضل ثلاثة مرشحين بحيث تترجم أصوات الناخبين لممثلين يعبرون عن أفضلياتهم الأولى أو الثانية أو على أقل تقدير الثالثة.
المحور الثانى يتضمن آليات إيجاد وسائل لترجمة الأصوات الصحيحة بشكل فعلى، بحيث لا يحصل الحزب أو الشخص الحاصل على 30% من الأصوات على نفس النسبة التى يحصل عليه منافسه ذا الـ40%، بحيث يعمل النظام المقترح على ترجمة الأصوات لعدد قريب جدا لنسبة الممثلين الأعضاء.
النظام الانتخابى بين التمكين والمسائلة
تجاذبت أطراف الحوار المجتمعى الحديث حول أهمية تمثيل بعض الأحزاب أو الفئات لكنها أغفلت الدور الذى تقوم به النظم الانتخابية فى تمكين الحكومات القادمة، والتى سيكون مجلس الشعب هو المراقب الأول لها وستحدد الانتخابات الرئاسية من سيرأسها، لذا فإنه كلما كان النظام الانتخابى يتيح تمثيلا عادلا كلما تحول ذلك لإختيارات عادلة للحكومة، وتمثيل عادل من الشعب فى السلطتين التشريعية والتنفيذية بشكل يحقق رضاءا وتوافقا وطنيا حول السلطتين التشريعية والتنفبذية بشكل يجعلهما تتمتعان بالاستقرار وهو أكثر متطلبات الحكومات والسلطات المصرية فى التوقيت الحالى والمستقبلى.
لكن تمكين الحكومات وجعلها تتمتع بالشرعية الشعبية لابد وأن يتوازى مع عملية المسائلة وهنا يطرح المؤشر السؤال الأصعب بالحوار المجتمعى وهو إن استطاع النظام أن يأتى بممثلين حقيقيين للمجتمع، فكيف له أن يضمن كنظام انتخابى مقومات المسائلة والمحاسبة؛ بحيث تكتمل أطر الديمقراطية بجناحيها ( التمكين والمسائلة / المحاسبة ). وهنا يجب علينا أن ننظر لآليات سحب ثقة الناخب من العضو المنتخب، وكيف تترجم تلك الآليات لمعايير وأدوات واضحة.
دور النظام الانتخابى فى تحديد دور المعارضة وتحقيق الاندماج الوطنى
أشار التقرير إلى أن النقاشات حول النظم الانتخابية عكست قصورا فى توضيح سياستها تجاه المعارضة بمختلف أشكالها الحزبية والمستقلة، حيث اقتصر الحوار حول أهمية تمكين الأحزاب وخاصة الجديدة منها وهذا حق واجب لتلك الأحزاب، لكن النقاشات لم تعكس القصور الواضح فى تحديد النظام الانتخابى لسياسته تجاه المعارضة من أحزاب ومستقلين، وكيف سيهتم هذا النظام بضمان مساحة كافية لجماعات المعارضة، لأن المسائلة تحتاج وخاصة فى أوقات التحولات الديمقراطية لتواجد أحزاب وجماعات تقوم بتنفيذها من خلال الأدوات القانونية وغالبا ما تتنتمى تلك الجماعات والأفراد لفصائل المعارضة لا للفصائل الحاكمة، لذا فإن ضمانة النظام الانتخابى لتمثيل وتمكين المعارضة سواء من أداء دورها الرقابى أو التنفيذى يعد ضامنا أساسيا لمبدأ المسائلة وغياب تلك الضمانة يعتبر ممهدا لقيام دولة الحزب والكيان الواحد والديكتاتوريات طويلة الأمد.
بالإضافة إلى أن الحوار المجتمعى اقتصر بعملية الاندماج الوطنى على مناقشة شق واحد يتمثل فى المصالحة مع الأنظمة التى أسقطها المصريون مثل نظام مبارك/الحزب الوطنى، ومرسى / جماعة الإخوان، ولم يشمل الحوار التطرق لباقى المكونات الأساسية لعملية الاندماج الوطنى التى تعد الانتخابات أحد أهم عناصرها، والتى تتوافر بالحق فى التصويت والترشح وضمانة الدولة لكافة رعاياها الحق فى التمثيل دون أدنى تمييز بشكل لا تعكسه نظما انتخابية جامدة، ولكن تقوم برسم ملامحه نظما انتخابية مرنة تتبعها مجموعة من الإجراءات والتدابير التى تعكس حرص الدولة على توفير وضمان تلك الحقوق بحيث يشعر المواطنون بمشاركتهم الفعلية فى الحياة السياسية والعامة وهى أحد أهم مقومات تحقيق عملية اندماج وطنى شامل وليست مصالحة قصيرة الأمد وغير مضمونة النتائج.
كيف ينظر الحوار المجتمعى لاستدامة العملية الانتخابية
أوضح "مؤشر الديمقراطية انعكاس وجهات النظر المتبادلة نظرة جامدة للنظم الإنتخابية لكونها رأت أنها نظما ثابتة لا يمكن تغييرها، وأن عملية تغيير تلك النظم عملية شاقة ومكلفة ويجب أن تتبع أحداث ثورية أو تغيرات هامة، وهو ما يعتبر منافيا تماما للواقع حيث تعكس كافة التجارب الحديثة أن عملية الإصلاح الانتخابى وتطوير النظم الانتخابية هى عملية قديمة نسبيا بحيث بدأت الدول والديمقراطيات فى تطوير نظمها الانتخابية منذ منتصف القرن الماضى وتبلور هذا التطور بشكل علمى محترف منذ ثمانينيات القرن العشرين، لذا فإنها عملية مستمرة تهدف لوضع نظما انتخابية مرنة قابلة للتعديل والتطوير والتغيير بحيث يصل مصممو وواضعو تلك النظم لأفضل نظاما يحقق نسبية التمثيل ويراعى المعايير التى ذكرناها سابقا.
الأمر الآخر أن استمرارية واستدامة النظام الانتخابى لا تقتصر عند تطويره وتحديثه كضرورة تفرضها عملية التحول التدريجى للديمقراطية، ولكنه أيضا يشمل الضمانات اللازمة لأن تكون العملية الإنتخابية عملية مستمرة ومستدامة بحيث تعد آلية دورية تمكن المواطن من اختيار ممثليه وعاكسا لمصالح وتطلعات المواطن المصرى.
أوصى التقرير بضرورة أن تسبق عملية وضع نظام انتخابى وضع مسودة اتفاق أو خارطة توضح ما المطلوب أن توفره النظم الانتخابية المطروحة فى ظل المعايير التى تؤهل هذا النظام لتحقيق تحولا ديمقراطيا حقيقيا من خلال ضمانة هذا النظام وآليات تطبيقه للوصول لأقصى مستويات التمثيل النسبى لكافة فئات المجتمع، وتمكين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتحقيق الاستقرار النسبى لهما، وضمان عملية المسائلة لكافة المناصب بالسلطات والمناصب المنتخبة، وضمان تحفيز وتعميق دور المعارضة والحياة الحزبية، وتحقيق عملية الاندماج الوطنى الشامل نهاية بتمكين الجميع من العملية الانتخابية ووضع نظما انتخابية مرنة وتحقيق استدامة العملية الانتخابية.
مؤشر الديمقراطية: الحوار المجتمعى حول النظم الانتخابية اقتصر بعملية الاندماج الوطنى على مناقشة شق واحد يتمثل فى المصالحة.. ويوصى: لابد من ضمان عملية المسائلة لكافة المناصب بالتعيين أو بالانتخاب
الأربعاء، 28 أغسطس 2013 11:53 ص
مظاهرات 30 يونيو
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة