يرى خبراء أن تسديد ضربات محدودة بواسطة صواريخ كروز، وفق ما تخطط له الولايات المتحدة "لمعاقبة" النظام السورى، لا يشكل استراتيجية، وقد لا يكون لها التأثير الرادع المرجو.
وأوضح وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، الاثنين، ملامح عملية لا تنتظر سوى الضوء الأخضر من الرئيس لتنفيذها، إذ أعلن أن "أسلحة كيميائية استخدمت بالفعل فى سوريا"، مؤكدا أن "الذين يلجأون إلى الأسلحة الأكثر فظاعة بحق السكان ينبغى أن يحاسبوا".
وقال مسئولون أمريكيون إنه فى حال إعطاء الموافقة على العملية فسوف تتخذ شكل حملة موضعية محدودة لبضعة أيام، من خلال إطلاق صواريخ كروز من طراز توماهوك من أربع مدمرات أمريكية تبحر قبالة السواحل السورية.
وقال أحد المسئولين إن هدف العملية ليس تغيير موازين القوى بين مقاتلى المعارضة ونظام دمشق بل "ردع" الرئيس بشار الأسد عن اللجوء مجددا إلى السلاح الكيميائى، و"الحد" من قدرته على القيام بذلك، فيما لخص مسئول آخر الهدف قائلا إن المطلوب "توجيه رسالة".
لكن لا شىء يدل على أن هذه الرسالة ستصل فعلا إلى النظام السورى، وقال ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية الذى يتخذ مقرا له فى واشنطن، إن "الضربات ينبغى أن تكون قوية بما يكفى وأن تؤلم السوريين بما يكفى لتثنيهم عن استخدام أسلحتهم الكيميائية مجددا".
وقال كريستوفر هارمر، الخبير البحرى فى معهد الدراسات الحربية، إن المدمرات الأربع التى تمت تعبئتها فى المتوسط تحمل "حوالى 180 صاروخ توماهوك"، مشيرا إلى إمكانية أن تستخدم أيضا صواريخ الغواصات المنتشرة فى شرق المتوسط.
واعتبر ذلك كافيا "للتسبب بتلف مؤقت" لوسائل تحرك النظام لكن "ليس للقضاء على قدراته العسكرية أو أسلحته الكيميائية"، وأبدى المحقق قلقه حيال عدم وجود هدف استراتيجى للعملية التى ترتسم معالمها.
وقال هارمر إن "سقوط نظام الأسد هدف، حرمانه من قدرته على استخدام أسلحة كيميائية أو نشرها هدف أيضا، ومعاقبة الأسد على استخدام هذه الأسلحة ليس هدفا".
ورأى روبرت ساتلوف من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن مثل هذه العملية بمثل هذا الهدف ستكون "خطأ".
وكتب فى مقال على موقع بوليتيكو أن "ذلك سيؤدى فى أقصى الأحوال إلى تحديد الوسائل المقبولة التى يمكن للأسد استخدامها لتنفيذ مجازر جماعية، وربما أيضا كميات الأسلحة الكيميائية المقبول استخدامها".
وأقر البيت الأبيض فى يونيو وبعد أسابيع من المماطلة والتريث بأن نظام بشار الأسد استخدم فعلا أسلحة كيميائية على نطاق ضيق، غير أن تخطى دمشق هذا "الخط الأحمر" الذى حدده أوباما فى صيف 2012 لم يؤد إلى رد أمريكى.
ولم تثبت الضربات العقابية تاريخيا أن لها مفعولا رادعا، ففى 1986 قصف الأمريكيون مقر معمر القذافى فى باب العزيزية بطرابلس إثر اعتداء دبرته ليبيا على مرقص فى برلين الغربية.
وهذا لم يمنع وقوع الاعتداء بعد سنتين على طائرة بوينج تابعة لشركة بانام فوق لوكربى، وهو اعتداء نسب إلى ليبيا.
وقال أنتونى كوردسمان من مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، إن "التحدى الحقيقى ليس وضع حد لاستخدام الأسلحة الكيميائية، بل التحدى الحقيقى هم القتلى الـ120 ألفا والجرحى الذين يتخطى عددهم 200 ألف" إضافة إلى ملايين اللاجئين، وهو ما يدعو إلى التزام متزايد ضد النظام.
لكن الواقع هو أن الرسالة التى ستوجهها مثل هذه الضربة العسكرية ستتخطى سوريا، وهو ما ألمح إليه جون كيرى.
وأوضح ريتشارد هاس أن المطلوب "تعزيز مصداقية الدبلوماسية الأمريكية فى مسألة الخطوط الحمر"، ولاسيما بالنسبة للبرنامج النووى الإيرانى.
وقال إن "الرئيس أوباما أخطأ بعدم تحركه ضد سوريا فى يونيه، وأمامه فرصة ثانية نادرة، وسيكون ذلك مفيدا فى سوريا، وحيال إيران، وبصورة عامة من أجل المستقبل".
خبراء: الخيار العسكرى فى سوريا قد لا تكون له قوة رادعة
الأربعاء، 28 أغسطس 2013 01:30 م