رصدت هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى" ازدواجية اللغة التى يستخدمها قياديو جماعة الإخوان المسلمين فى التعامل مع الرأى العام الداخلى والخارجى، وقالت الإذاعة فى تقرير على موقعها الإنجليزى إن الازدواجية فى اللغة التى يستخدمها الإخوان بالإنجليزية والعربية قد ظهرت مع استمرار الأزمة بين الجماعة والحكومة فى مصر.
وقالت الهيئة إن المعلقين فى وسائل الإعلام المصرية انتقدوا استخدام الإخوان للحديث المزدوج، فاعتماد لغة وأفكار محددة فى مخاطبة الرأى العام الأجنبى تتناقض بشكل صارخ مع الرسالة التى يبعثون بها بالعربية لمؤيديهم، فعند التوجه إلى الجماهير فى الخارج، كانت الأفكار الرئيسية فى خطاب الإخوان تدور حول الديمقراطية والشرعية والحرية، ويتم استدعاء دور الضحية فى مقابل جبروت الشرطة والجيش.
فى المقابل، فإن اللغة التى يستخدمها قادة الجماعة فى مخاطبة أنصارها باللغة العربية تعتمد على الخطاب الدينى العاطفى، بما فى ذلك الإشارة إلى الشهادة والعنف.
وتقول "بى بى سى" عن جهاد الحداد، المتحدث الإعلامى باسم الجماعة، إنه من أبرز الشخصيات التى تظهر فى الإعلام الأجنبى على وجه التحديد، واستمر فى تغريداته على "توتير" فى محاولة التأكيد على الطبيعة السلمية للجماعة، وغرد فى 15 أغسطس يقول "إن الكفاءة التنظيمية للإخوان المسلمين وانضباطها والالتزام بعدم العنف يؤكد سلميتها.. فسلميتنا هى قوتنا".
وفى مقابلة مع الإذاعة الأسترالية، فى 11 يوليو، قال: "إن الديمقراطية ستسود فى النهاية، فكلنا مختلفون كبشر، وهذا ما يتطلب ضرورة أن نتفق على قواعد الديمقراطية التى تحكم هذه الاختلافات"، إلا أن "الحداد" تعرض لانتقادات شديدة من بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى الذين اتهمونه بتضليل الإعلام الغربى بشأن الأحداث على أرض الواقع فى مصر. وفى يونيو الماضى، ظهر هاشتاج "الحداد كذاب كبير" وهو لا يزال شائعا بين مستخدمى "تويتر" الذين يتحدثون عن تناقضات فى رواية الإخوان المسلمين للأحداث فى مصر.
وتطرقت الإذاعة البريطانية إلى اللهجة المتناقضة التى يستخدمها القيادى الإخوانى محمد البلتاجى، وقالت إنه كان واحدا من الأصوات البارزة منذ بداية الأزمة الراهنة، وكان موجودا بشكل منتظم على منصة رابعة العدوية.. وقبل أيام، كتب مقالا فى صحيفة الجارديان البريطانية أدان فيه ما وصفه بالأعمال الوحشية والمذلة للجيش، إلا أنه أصر على "التزام الإخوان بالاحتجاجات السلمية، وتعهد بعدم اللجوء على العنف ردا على العنف الذى تواجهه الجماعة".
لكن على النقيض من ذلك، تتابع بى بى سى، فإن "البلتاجى" تبنى خطابا أكثر تشددا مع المحتجين، فقد قال فى ميدان رابعة العدوية "قل وداعا لأمك وأبيك وزوجتك، لأنك ستضحى بروحك للدفاع عن شرعية محمد مرسى"، ورغم تحذير الرئاسة المصرية للموجودين فى الميدان، قبل فض الاعتصام، فإنه حث أنصار الإخوان على البقاء فى الميدان، وقال فى 11 أغسطس "أشقاؤكم فى الجزائر قدموا أعظم نموذج عندما قدموا مليون شهيد، ونحن، ومن أجل حرية الشعب وكرامته، قادرون على تقديم أكثر من ذلك من أجل الإطاحة بالاحتلال".
وتحدثت "بى بى سى" كذلك عن الفيديو الذى يقول فيه "البلتاجى" إن الجماعة لا تسيطر على العنف الدائر فى سيناء، إلا أن ما يحدث هو "رد على الانقلاب العسكرى، وسيقف بمجرد إنهاء عبد الفتاح السيسى للانقلاب".
وكذلك تبنى صفوت حجازى نبرة مشابهة، ورغم أنه ليس عضوا بالإخوان لكنه مؤيد قوى لهم، ويعتبر من أقوى حلفائهم. وفى مقابلة مع "العربية الحدث" فى 18 يونيو، حذر من يخططون للاحتجاج ضد مرسى بأن "اللى هيرشه بالميه هنرشه بالدم"، وكرر التحذير مرة أخرى أثناء تواجده فى رابعة.
وتقول "بى بى سى" إن الازدواجية فى اللغة من قبل الإخوان ليست بأمر جديد، ففى سبتمبر 2012، أعاد حساب الإخوان المسلمين الرسمى على "تويتر" باللغة الإنجليزية تغريدة رسالة من نائب المرشد خيرت الشاطر للسفارة الأمريكية قال فيها "نشعر بالارتياح لعدم إصابة أى من طاقم السفارة بضرر، بعد المظاهرات الاحتجاجية ضد الفيلم المسىء للرسول"، فردت السفارة الأمريكية قائلة "شكرا، بالمناسبة، هل راجعت التدوينات العربية، آمل أن تعرفوا أننا نقرأ هذا أيضا".. وكان الحساب العربى للإخوان يثنى على الاحتجاجات أمام السفارة، بل ونشروا مقالا على موقعهم الرسمى بعنوان "المصريون ينتفضون دفاعا عن النبى".
وحدث موقف مشابه فى إبريل الماضى بعد تفجيرات بوسطن الأمريكية، فبينما أدان الموقع الإنجليزى للإخوان التفجيرات، وقدم التعازى للشعب الأمريكى، إلا أن نائب رئيس حزب الحرية والعادلة عصام العريان تبنى نهجا مغايرا فى صفحته العربية على الـ"فيس بوك"، حيث قال فيها إن تلك الأحداث جاءت بعد تدخل فرنسى فى مالى، وزيادة العنف فى سوريا، وتساءل: "من عطل التحولات الديمقراطية على الرغم من صعوبة التحول من الاستبداد والفساد والفقر والكراهية والتعصب إلى الحرية والعدالة والتسامح والتنمية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية؟ من زرع الإسلاموفوبيا من خلال البحوث والصحافة والإعلام؟".
"بى بى سى" تفضح ازدواجية الإخوان: تناقض صارخ بين تصريحات القيادات باللغتين العربية والإنجليزية.. التنظيم يستخدم الخطاب الدينى بالداخل ويستدعى دور الضحية بالخارج.. والبلتاجى والحداد أبرز المزدوجين
الأربعاء، 28 أغسطس 2013 11:42 ص