بعد ارتكابها العديد من الجرائم التونسية تحت مرأى ومسمع من النظام التونسى، دون اتخاذ أى إجراءات تذكر، ومحاولة تجنب فتح الملفات الجنائية أحيانا، واكتسابها فى صف الحكومة التونسية لتحقيق مصالح مشتركة، وتجنب غضبها المسلح أحيانا أخرى، إلا أنه بعد تزايد الاحتقان الشعبى التونسى من جرائم جماعة أنصار الشريعة، وخوف الحكومة التونسية من التكتل الليبرالى واليسارى ضدها، بعد ارتكاب جماعة أنصار الشريعة المتطرفة، والتى تعود جذورها لتنظيم القاعدة الإرهابى الدولى للعديد من جرائم والاغتيالات لرموز اليسار التونسى، خرج رئيس الحكومة التونسية على العريض اليوم الأربعاء، قائلا "إن جماعة أنصار الشريعة تنظيم إرهابى".
وبالرجوع للوراء قليلا منذ ثورة 14 يناير 2011، تواجه تونس تنامى مجموعات سلفية متطرفة، وسط اتهام المعارضة للإسلاميين الذين هم فى الحكم بالتراخى فى مواجهة هذا التيار السنى المتطرف، وتزعم أن عدد أعضائها فى تونس يصل إلى 100.000 شخص، وفى أعقاب الثورة التونسية، أطلق سراح العديد من السجناء السياسيين الإسلاميين الذين كانوا مسجونين من قبل نظام الرئيس السابق زين العابدين بن على، بما فى ذلك أبو عياض التونسى، الذى سبق وشارك فى تأسيس الجماعة المقاتلة التونسية مع طارق معروفى فى يونيو 2000، وقام أبو عياض بتأسيس جماعة أنصار الشريعة فى أواخر أبريل 2011، وقامت الجماعة بتأسيس عدة أذرع إعلامية لها بينها مؤسسة القيروان للإعلام، وتطوير وسائل إعلام أخرى بما فيها مدونة، صفحة على الفيس بوك، ومجلة، وقامت أنصار الشريعة بحملة للإفراج عن السجناء الإسلاميين، مثل عمر عبد الرحمن وأبو قتادة والتونسيين الذين حاربوا مع تنظيم القاعدة فى العراق والمحتجزين فى السجون العراقية.
ولجماعة أنصار الشريعة تواجد قوى فى دول إسلامية أخرى كاليمن ومالى وليبيا، ومؤخرا بدأت الظهور فى مصر وتونس مع ثورات الربيع العربى، والتى تهدف لإقامة إمارات إسلامية، فى اليمن فهى حركة جهادية، ويتزعم منظمة أنصار الشريعة ناصر الوحيشى وكنيته أبو بصير، وتعد الجماعة من فروع تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب، استولت بعد معارك زنجبار على عدة مدن فى اليمن، وأقامت عدة ولايات إسلامية، منها إمارة أبين وإمارة وقار وإمارة عزان، وفى ليبيا تعتبر كتيبة أنصار الشريعة تنظيما دعويا اجتماعيا مسلحا يهدف لتحكيم الشريعة الإسلامية فى ليبيا، وتأسس فى شهر مايو من عام 2012 بعد نهاية الثورة الليبية بشهور، وشارك أفراده بفاعلية فى الثورة الليبية، خصوصا فى معركة بنغازى الثانية فى 19 مارس، أما عن مصر فأعلنت جماعة إسلامية جديدة عن تشكيلها عقب عزل الرئيس المصرى صاحب الأيدلوجية الإسلامية محمد مرسى، ووصفت عزله من منصب رئاسة الجمهورية، بأنه إعلان للحرب على معتقداتها، وهددت باستخدام العنف لفرض أحكام الشريعة.
بالعودة للتجربة التونسية، بدأت الأزمة بين السلفيين والسلطات التونسية تحديدا بعد أن قررت وزارة الداخلية منع انعقاد المؤتمر السنوى لتنظيم أنصار الشريعة بمدينة القيروان، وسط تونس، وذلك بسبب ما يمثله من خرق للقوانين وتهديد للسلامة والنظام العام، على حد وصف بيان للداخلية، ورغم نفى جماعة أنصار الشريعة السلفية الجهادية المتطرفة الموالية لتنظيم القاعدة اتهامها بالضلوع فى اغتيال النائب المعارض محمد البراهمى الذى قتل بالرصاص، أو اغتيال الناشط اليسارى شكرى بلعيد، جملة وتفصيلا، خرج على العريض رئيس الحكومة التونسية فى مؤتمر صحفى عقده بمقر الحكومة فى العاصمة تونس، يصف تنظيم أنصار الشريعة بأنه تنظيم يدعو للعنف، وفيه قيادات لها علاقة بالإرهاب، لتحدث مصادمات كبيرة بين جماعة أنصار الشريعة والشرطة التونسية، لتصف وسائل الإعلام الغربية الاشتباكات التى دارت بين السلفيين وقوات الأمن التونسية بمدينة القيروان بالعنيفة.
فى هذا الصدد، أرجع بعض المحللين السياسيين أن تغيير موقف حزب النهضة من الجبهة السلفية يرجع لممارسات الجماعة السلفية تحديدا جماعة أنصار الشريعة باغتيال رموز المعارضة اليسارية، الأمر الذى أدى إلى تكتل ليبرالى ويسارى دفع حزب النهضة إلى تحديد مواقفه أكثر من باقى التيارات الإسلامية الأخرى، حتى لا يتم تصنيفه ضمن جهة معينة دون الأخرى.
فوفقا للدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، فإن المشكلة فى تونس تكمن فى عدم وجود نظام سياسى استقرت قواعده حتى الآن، وهى مشكلة خطيرة قد تؤثر على بناء النظام التونسى الجديد بشكل قد يربك الجميع.
فى حين أرجع يسرى حماد، نائب رئيس حزب الوطن، موقف الشرطة التونسية، بأن الشرطة فى دول الربيع العربى لا تزال تمارس سياسة الضغط والتضييق على التيار الإسلامى، كما كان فى العهود السابقة، خاصة عهد الرئيس السابق بورقيبة، الذى كان يمنع صلاة الجمعة، بحجة أنها تعطل الموظفين عن أداء عملهم، فضلاً عن أشياء أخرى يعلمها الجميع، رغم أن تونس تعتبر دولة علمانية من الطراز الأول،_ على حسب تعبيره _.
اليوم أصبحت المواجهة بين نظام الدولة التونسى، والجبهات السلفية الجهادية أكثر وضوحا وشراسة، تجنبا لوضعها فى خانة التقارب مع تلك الجبهة، تحديدا بعد تصنيف النظام التونسى تلك الجماعة بالجماعة الإرهابية، كما أعلنت الأجهزة الأمنية التونسية ملاحقتها سيف الله بن حسين الملقب أبو عياض، زعيم تيار أنصار الشريعة، والذى يتبنى السلفية الجهادية وكان سجينا بتهم تتعلق بالإرهاب، إلا أنه تمتع بالعفو التشريعى فى مارس عام 2011 فى أعقاب الثورة التونسية، ثم أصبح محل تفتيش من قبل الأمن، إثر اتهامه بالضلوع فى أحداث العنف بالسفارة الأمريكية فى سبتمبر عام 2012 على خلفية الفيلم الأمريكى المسىء للإسلام "براءة المسلمين"، والتى أوقعت أربعة قتلى وعشرات الجرحى، كما أفادت التحقيقات بصلته بحادثة اغتيال السياسى المعارض شكرى بلعيد والعمليات الإرهابية ضد الجيش فى جبل الشعانبى غرب تونس، على الحدود الجزائرية.
بدء العد التنازلى للصراع بين سلفيى وإخوان تونس.. النظام التونسى يخشى التكتل الليبرالى واليسارى ويبدأ حملة تنكيل بجماعة أنصار الشريعة ويصفها بالإرهابية.. والجماعة ترد بتهريب زعيمهم لخارج البلاد
الأربعاء، 28 أغسطس 2013 11:20 ص
اشتباكات ومظاهرات فى تونس
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة