عاودت مبادرة "درايش" بعد تجربتها التى دامت لأربع سنوات، ضمن مهرجان تاء الشباب الخامس (تفاعل... تناغم... تكامل) انطلاقتها، حيث دشّنت أولى بعنوان (شيء يحلم أن يكون)، حيث أعلنت فيها تصوّرها ومخطّطها لإعادة تدوير المواد التالفة أو المعدّة للإتلاف من خلال تصميم معمارى بالتعاون مع حلبة البحرين الدوليّة لسباق السيّارات، وذلك من خلال جلسة حواريّة استُضيف فيها كلاً من عبد المحسن آل محمود رئيس قسم التحكّم فى النفايات بالمجلس الأعلى للبيئة، وشريف المهدى المدير التجارى لحلبة البحرين الدوليّة والمهندس الشاب خالد الشيخ.
جاورت المبادرة جمهورها بطرح مشروعها المقبل القائم على إعادة تدوير الخردوات والأدوات المستهلكة أو تلك المرغوب التخلّص منها، وأعلنت عن تصوّرها ومخطّطاتها التى اشتغلت عليها فى الفترة الماضية برفقة عدد من الخبراء والباحثين بالتعاون حلبة البحرين، وذلك فى محاولة لتطوير التعامل ما بين العمارة والبيئة، وفى سياق التوجّه العام للعمارة المستدامة.
وحول ذلك أوضح المهندس بسّام أحمد مسئول مبادرة درايش: (لدرايش حلمٌ صغيرٌ نسعى لتحقيقه، نريد القيام بإعادة تدوير المواد والإطارات لنعيد ترميم صورتها وفكرة تعامل العامّة معها. رسالتنا قائمة على الجمال وصياغة صداقات مع البيئة مضادّة للتخريب والتدمير).
من جهتها أوضحت المهندسة هبة الأدهم ورئيسة فريق تصميم المشروع أنّ التصميم جسّد تحديًا منذ مراحله الأولى، والرهان الحقيقى هو أن يتحقّق هذا الحلم فى الموعد المحدّد فى الثانى عشر من شهر سبتمبر بحلبة البحرين الدوليّة عبر فعاليّة (ينتصر للجمال). وتحدّثت الأدهم عن فكرة درايش لتدوير النفايات لخلق بيئة صحية، وذلك عبر إعادة تدوير للإطارات ومخلّفات السباقات فى حلبة البحرين لصنع منتج جديد، وأشارت إلى أن أهداف الفكرة توعويّة وتحمل رسالة التدوير، بالإضافة إلى أهداف سلوكيّة تهتمّ بتغيير السلوكيّات السلبيّة فى المجتمع وخلق منتج جديد من منتج مستهلك.
واستعرضت درايش فى شرحها تصميم المكان ومراحل العمل والتعاون مع حلبة البحرين الدوليّة، مبيّنةً أن هذا المشروع يشتغل على إعادة تدوير مخلّفات سباق السيّارات والمواد الاستهلاكيّة والمُعدّة للإتلاف، عبر تشكيلها وتصميمها لتنفيذ تصميم معماريّ، وأشارت إلى أن العمل فى المراحل السابقة استند على رصد المكان ودراسة تكوينه، من أجل خلق تصوّر معمارى متمّم ومنسجم مع طبيعة الحلبة، وأن الفترة الماضية كانت تهتمّ بدراسة أرض الموقع وتحليل المعطيات وبدء الخطوط الأوّلية للتصميم وتشكيل المكوّنات والفراغات المكانيّة. وأوضحت المهندسة هبة الأدهم أنّ فكرة التصميم تقوم على خلق فضاء معمارى ذى مهامّ وظيفيّة متعدّدة منها: ملعب للأطفال، مسرح للعروض والحفلات الصغيرة، استراحة ومقاعد للجمهور، مقهى وجلسات تابعة له، بالإضافة إلى حديقة مصنوعة من إطار السيّارات. واستوحت تصميم وتنظيم المكان من شعار حلبة البحرين الدوليّة لسياق السيّارات، حيث يتماشى تنسيق وترتيب المكوّنات المعماريّة مع خطوط الشعار.
وأشار المهندس خالد الشيخ إلى أنّ خطّة التنفيذ محدودة وتمتدّ لأسبوعين فقط حتى تاريخ 12 سبتمبر وأن الأمور تسير على ما ينبغى رغم حرارة الطقس، وأوضح أن الموادّ المستخدمة هى مواد وفرتها الحلبة وهى إطارات ومواد تالفة وحاويات بنزين فارغة، وهى مواد غير اعتياديّة لذا تشكّل تحديًا فى استخدامها.
وأعرب شريف المهدى المدير التجارى لحلبة البحرين الدوليّة لسباق السيّارات عن سعادته بهذه الفكرة والتجربة التى تدعمها الحلبة، مؤكّدًا أنّ إعادة التدوير هى مسؤوليّة الجميع تجاه البيئة واعتبر الدعم لهذه الفكرة واجبًا وليس دعماً. وأوضح أن الفورمولا 1 هى الرياضة الأولى للسيارات فى العالم وأنّ الفرق تنفق مبالغ باهظة على دراسة تقليل الفضلات وأن معظم المخلّفات ليست ناتجة من سباقات الفورمولا 1 وإنما السباقات الأخرى. وأن سباق الفورمولا 1 هو الأمثل فى إعادة التدوير، حيث استطاعت الحلبة الحصول على دعم رائع للتخلص من نفايات الوقود التى تعتبر خطراً على البيئة. ووجّه خلال حديثه رسالة للشباب مفادها أن الشرق الأوسط سيحتفل بمرور 10 سنوات لاستضافة البحرين أول سباق للفورمولا 1، وأن لدى الشباب وعى رائع، لذا فعليه مسؤولية نشر الوعى للآخرين، وقال: (ندعو الجميع للمشاركة فى هذا الاحتفال، ونطمح إلى أن يكون سباق هذا العام صديقًا للبيئة عبر تدوير ما يقارب 80% من المخلّفات).
من جهته، وجّه عبد المحسن آل محمود رئيس قسم التحكّم فى النفايات فى المجلس الأعلى للبيئة كلمته للشباب باعتبارهم وقود المجتمع، داعيًا إياهم للتسلّح بالعلم والاطلاع على تجارب المجتمعات الأخرى، مبيّنًا أن هناك شركات فى البحرين لجمع المخلفات، وأن التفكير الحالى يتوجّه إلى عمليّات التبريد لتحويل الإطارات إلى بودرة واستخدامها فى صناعة الإسمنت على سبيل المثال، مشيرًا إلى أن هذا النوع من التدوير سيخلق العديد من فرص عمل للشباب. وأشاد بتخصيص حاويات لإعادة التدوير كحاويات للورق والعلب المعدنية وتجاوز مرحلة التوعية لمرحلة التنفيذ.