من أهم القضايا التى أثارت ولا تزال تثير اهتمام الناس كافة فى بلادنا وفى مختلف البلاد قضية الحريات العامة وأسلوب ممارستها ومدى سلطة الدولة إزاءها وطبيعة هذه السلطة وذلك لأن هذه القضية ترتبط ارتباطاً مصيرياً بأعز ما يملك الإنسان وهو حياته وحريته وحقوقه وكرامته الإنسانية وتعد قضية الحريات العامة ومدى التصاقها بالإنسان والمجتمع الذى يعيش فيه ومدى التزام الدولة أى دولة بقدسية هذه القضية وبحق المواطنين فى إدارة المجتمع لصالحهم من أخطر القضايا التى هزت الضمير الإنسانى وأثارت الصراع والتحزب عبر العصور وأشعلت الثورات وغيرت النظم فى العالم وذلك لأن هذه القضية تمس أقدس ما ناضل ويناضل من أجله الإنسان وهو مجتمع الحرية والعدل والكفاية المستمد سلطته وقوته من الشعب والقائم على أساس الحق والشرعية والضامن لحقوق وحريات مواطنيه الأساسية والمعبر باستمرار عن أمانيهم الوطنية المشروعة وكان من أكثر التعابير التى أصبحت ملهمة ومحركة للجماهير منذ الثورة الفرنسية وحتى يومنا الحاضر تعبير (الديمقراطية) ذلك لأنه إيحاء للجماهير بإيمان النظام القائم أو الذى سيقوم بالشعب كمصدر للسلطات وبحريات وحقوق الإنسان نظاماً للمجتمع ودستوراً للنظام وهذه الحقوق والحريات العامة وأسلوب ممارستها وسلطة الدولة إزاءها وطبيعة هذه السلطة والقانون الذى يحكمها هى موضوع الساعة وبخاصة ونحن بصدد وضع الدستور الجديد لبلادنا والذى نطمح أن يكون على قدر وقيمة ثورتنا العظيمة وأن نعلم جميعاً أن هذه الحقوق والحريات ليست منحة من حاكم وإنما هى حق أساسى من حقوق البشر الطبيعية وهى ثابته ومطلقة وخالدة لم ولن تستطيع أعتى قوى الظلم والطغيان إلغاءه أو خنقه إنما الذى كان ولايزال تتم مقاومته وتهميشه ومحاولة اغتياله هو حرية الأغيار من غير طبقة الحكام فحرية الإنسان فى مجتمع الأقوياء وحقوق المواطن أمام الحكومات المستبدة والسلطات الغاشمة فى المجتمع الذى يعيش فيه كانت هى القضية الأساسية وأن أعدى أعداء الحرية يطمعون دائماً فى تحقيقها لذاتهم فى ذات الوقت الذى يغتالون فيه المطالبين باحترامها وتطبيقها للجميع وكذلك فأعدى أعداء الحرية يعملون دائماً على التحلى بالحرية والتفاخر بها فى ذات الوقت الذى ينكرونها كصفة ملازمة للطبيعة البشرية وكنظام للمجتمع الذى يعيشون فيه ويتحكمون بمصائر مواطنيه وهذا هو جوهر قضية الحريات والحقوق الأساسية للإنسان وسنتحدث عنها بالتفاصيل فى الأسابيع القادمة بإذن الله.