يبدو المشهد اللبنانى تحت وطأة التفجيرين المروعين اللذين استهدفا مدينة طرابلس بشمال لبنان وأثارا أكثر من أى وقت مضى مخاوف كبيرة من انكشاف أمنى وسياسى أمام موجات تصاعدية تشهدها البلاد لربط واقعها بالأزمة السورية.
وإذا كانت الكلمة التى وجهها الرئيس اللبنانى ميشال سليمان مساء أمس إلى اللبنانيين عكست الكثير من الهواجس التى باتت تثقل أى عمل إنقاذى لمواجهة أخطار الاستباحة الإرهابية التى تتهدد لبنان واللبنانيين، فإن الأيام القليلة المقبلة مرشحة لأن تشهد اختبارا دقيقا يتسم بطابع مصيرى حيال ما إذا كانت فصول تطورات الأيام العشرة الأخيرة الدامية ستكفل كسر الأزمة السياسية والحكومية وإطلاق ملامح تنازلات من شأنها أن تعبد الطريق لحكومة جديدة، أو أن الوضع سيبقى أسير الانسداد السياسى، واستمرار البلاد مشرعة على مزيد من الاستهدافات دون شبكة حماية سياسية.
ومع ذلك فقد أبدت صحيفة "النهار" اللبنانية، اليوم، ارتياحها لأجواء التضامن اللبنانى الواسع الذى أحاط بمحنة طرابلس، بعد تضامن مماثل حيال محنة الضاحية الجنوبية، لكنها لم تكتم مخاوفها من معطيات داخلية وخارجية تتجمع عند الخشية من أن يكون المسلسل التفجيرى، الذى يستهدف لبنان وسيلة ضغوط تخدم فرقاء إقليميين لجعل لبنان الرهينة التى يتم استخدامها بإزاء المجتمع الدولى والتهويل عليه بفتح بؤرة جديدة فى المنطقة.
ونبهت الصحيفة إلى أن هذا الأمر لا يمكن مواجهته بالتدابير الأمنية وحدها التى على أهميتها تظل قاصرة عن حماية لبنان، ما لم تقترن بمظلة سياسية تحول دون زعزعة استقراره، وتوظيف هذه الزعزعة لمصالح إقليمية معروفة.
وأشارت إلى أن الوضع فى مدينة طرابلس انكشف غداة التفجيرين على كارثة مأسوية حيث برزت معالم افتقار المدينة للبنية الإغاثية، فيما برزت فداحة الحصيلة التى خلفها التفجيران.
وعلى صعيد التحقيقات فقد تفقد النائب العام التمييزى بالوكالة القاضى سمير حمود ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضى صقر صقر موقعى الانفجارين، وعاينا آثار الدمار الهائل اللذين خلفاه، بعدما انتهت مبدئيا عملية إجراء المسح فى الموقعين، ورفع الأشلاء التى تطايرت إلى شرفات المنازل وطلب القاضى صقر من الأجهزة الأمنية مجتمعة التنسيق فيما بينها، والتعاون فى إجراء التحقيق فى الانفجارين.
كما طلب إجراء فحوص الحمض النووى "دى إن أيه" على الجثث والأشلاء لمعرفة أصحابها والعدد النهائى للقتلى الذى بات وفق ما أوضحت مصادر قضائية فى حدود 45 قتيلا فيما أحصى ألف جريح غادر 900 منهم المستشفيات، ولا يزال 100 جريح يخضعون للعلاج وحال بعضهم خطرة.
وبعدما أعلن عن توقيف الشيخ أحمد الغريب من "حركة التوحيد الإسلامى" وشخص آخر مقرب منه قالت مصادر قضائية أنه يجرى الاستماع إلى إفادتيهما وهما غير موقوفين، وإنما موجودان رهن التحقيق لمعرفة ما إذا كانت لديهما معطيات أو ما من شأنه إفادة التحقيق.
وقالت مصادر مواكبة للتحقيق، إن المعطيات المرافقة لتوقيف شعبة المعلومات فى قوى الأمن الداخلى الشيخ أحمد الغريب ومعه شخص ثان، جاء بناء على شبهات يجرى التثبت منها، ولا بد من انتظار يومين أو ثلاثة لمعرفة النتائج، وعليه لا يمكن التسرع فى إطلاق الأحكام سلبا أو إيجابا.
لبنان أمام مفترق حاسم.. إما انتظار كارثة جديدة أو قرار إنقاذى سريع
الأحد، 25 أغسطس 2013 08:22 ص