دافع حسام زكى، سفير مصر فى البرازيل عن ثورة 30 يونيو، وقال فى مقال له إنه فى يوم 30 يونيو، اندلعت ثورة شعبية أسفرت عن الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسى من الحكم بعد عام واحد فقط، وقد عانت عدة دول حول العالم لفهم الأحداث التى أدت إلى هذا التحول الدراماتيكى، وما حدث بعد ذلك.
وقام السفير بشرح الأسباب التى جعلت مصر تصل إلى هذه النقطة، وما هو المتوقع لما بعد ذلك..
وقال: لقد واجهت مصر أزمة عميقة بدأت فى نوفمبر 2012 بشأن صياغة الدستور الجديد. فالتحالف الإسلامى الحاكم بقيادة الإخوان المسلمين سارع إلى إجراء استفتاء على نص كان مثير للجدل بشكل كبير. حيث رأت القوى غير الإسلامية أن الدستور الجديد يغير الهوية المصرية الراسخة، والتى تقوم على التسامح والشمولية.
وعارض الدستور قطاعات شاسعة فى المجتمع لأنه كان ينظر إليه كأساس لحكم دينى جديد فى الشرق الأوسط، وهو النظام الذى أعرب المصريون عن رفضهم لهم بصوت مرتفع.
وبعد هذه الأزمة أصبح الموقف السياسى فى مصر شديد التوتر، وفى ظل غياب برلمان منتخب، منح الرئيس السابق وحزبه الصلاحيات التشريعية لمجلس الشورى الذى كانت للأحزاب الإسلامية الأغلبية الكاسحة فيه، واستخدموه لتمرير قوانين تتماشى مع وجهة نظرهم ووفقا للدستور الذى تم إقراره مؤخرا. وشهد المصريون بشكل بطئ الأسس القانونية التى تم وضعها لمصر الجديدة، فلم تعد مصر لا ديمقراطية ولا ليبرالية.
وكان الحزب الحاكم يطبق بشكل فهال سياسة إقصاء خطيرة برفضه إجراء تعديلات فى الحكومة الضعيفة لجعلها أكثر شمولا، ورفضه اتخاذ إجراءات ضد القنوات التليفزيونية التى تثير تحريضا خطيرا ضد خصومها على أساس دينى، والانخراط فى حملة لوضع مؤيديه غير الأكفاء فى جميع المناصب الرئيسية فى الدولة.
وقد تم إلقاء القبض على المدونين والمعارضين والنشطاء ومقدموا البرامج وتخويفهم، وقررت وزارة الثقافة إغلاق دار الأوبرا المصرية لعرضها أعمالا غير محتشمة.
وكان الوضع الأمنى خطير ومتدهور فى شبه جزيرة سيناء، وحمل أضرارا محتملة للأمن القومى لمصر، وتم منع القوات المسلحة المصرية فى عدة مرات من تعقب الشبكات الإرهابية الخطيرة التى كانت تبنى هناك، والآن تم إطلاق سراح الإرهابيين فى مخالفة للقانون، بينما تم السماح لآخرين بدخول مصر من أجل العمل فى سيناء.
وأصبح الموقف مقلقا بشكل متزاديد مع استخدام شبكة من الأنفاق تحت الأرض التى تربط قطاع غزة بالأراضى المصرية.
وتحدثت السفير فى مقاله عن تدهور الاقتصاد، وقال إن ضعف الأداء الاقتصادى الحكومى لم يساعد فى تعويض الشعبية المتراجعة بشكل سريع للرئيس السابق وحزبه الحاكم، كما أن الحزب الحاكم حرض أيضا على صدامات ضد السلطة القضائية التى تحظى باحترام كبير فى مصر، وتم السماح لأنصار النظام بترهيب القضاة مع الإفلات من العقاب.
باختصار، لقد أدرك المصريون أن أهداف الديمقراطية والعدالة الاجتماعية التى لأجلها قامت ثورة 25 يناير 2011، تعرضت لانتكاسة خطيرة، وربما لا تكون قابلة للاسترجاع.
ويقول السفير حسام زكى: عندما رافقت الرئيس السابق خلال زيارته للبرازيل فى مايو الماضى، كان المصريون لا يزال لديهم أمل ضعيف أن الإخوان المسلمين سيسمعون لصوت العقل، ويحتضنوا القوى السياسية الأخرى ويستسلموا فى النهاية لمطالب الشعب، لكن الأمر لم يكن كذلك مع الأسف.
وتحدث السفير عن نجاح حملة تمرد التى ضمنت نشطاء شباب فى مع 22 مليون توقيع تقريبا، للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وقال إنه لم يكن بوسع المصريين سوى النزول فى 30 يونيو للتعبير عن عدم رضاهم التام مع النظام، وطالبوا الرئيس السابق بالرحيل.
وفى مصر، تعامل المؤسسة العسكرية باحترام كبير بين المصريين، ولاسيما بعدما أوفت بعهدها بتسليم السلطة لرئيس مدنى منتخب ديمقراطيا ف 30 يونيو 2012. وطالب الشعب القوات المسلخة بعدها بالتدخل لأنه لم يكن هناك خيار آخر.. ولو كان الجيش اختار عدم التدخل، لكانت مصر بالتأكيد فى طريق خطير من المواجهات العنيفة. وقد تبنت القوات المسلحة نهجا تدريجيا بنصيحة كل الأطراف، ولاسيما الحزب الحاكم، من أجل كل الخلافات عبر الحوار، وتم رفض هذا النهج من قبل الحزب الحاكم.
وفى الثالث من يوليو، وبعد الإطاحة بالرئيس السابق، تمت الموافقة على خارطة الطرق لفترة مؤقتة يترأس فيها البلاد رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلى منصور، ويتم تعديل الدستور وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، ولا يحكم فيها الجيش. ويترأس الحكومة المؤلفة من التكنوقراط شخصية اقتصادية محترمة.
وللأسف، نظم الإخوان المسلمين اعتصامين كبيرين فى القاهرة بهدف تعطيل النظام الجديد واستعادة النظام القديم، وتم تصوير هذين الاعتصامين على أنهما سلميين بينما الحقيقة كانت مختلفة تماما. فقد وجدت أسلحة بكميات كبيرة طريقها إلى الاعتصام وأصح هذين الاعتصامين كان لمضايقة الأحياء المجاورة... وأقيمت المتاريس حولهما من أجل البقاء لفترة طويلة. وبعد استنفاذ كل الوسائل لفض الاعتصامين سلميا، قررت الحكومة تنفيذ القانون.
ولم تكن أى دولة أخرى فى العالم لتتسامح لشهر واحد مع هذه التجمعات غير القانونية وما تحمله من خطر على النظام العام والأمن.
وبعد فض الاعتصامين، قرر أنصار الإخوان المسلمين أن يبدأوا فى حملو إرهاب ضد المصريين والدولة المصرية. وتقوم السلطات بواجبها فى الحد بشكل سريع من هذه الموج من العنف والإرهاب التى يعتقد المصريون أنها ستسود.. وقد شهدت مصر الإرهاب من قبل وهزمته. ونمتلك الشجاعة لفعل ذلك مجددا من أجل مستقبل بلادنا. سيتم تطبيق القانون على كل من يرتكبون جرائم الإرهاب والعنف.
ومع مضى مصر قدما، فإنها تبحث عن أصدقاء لديها. ويريد المصريون استعادة ديمقراطيتهم على أساس الشمول وليس العنف، وعلى أساس التسامح وليس الإرهاب، وعلى أساس التعددية وليس الشمولية الجديدة، هذا ممكن وسوف نفعله.