أصيبت المهرجانات الفنية فى مصر بالشلل التام عقب انتشار الفوضى فى الشارع المصرى، وعدم استقرار الأمن فى ظل وجود تهديدات متكررة من التيارات الدينية المتشددة لعرقلة أى ملامح استقرار تشهده البلاد، ومحاولة إحداث فوضى فى الشارع وأيضا العمليات الإرهابية فى سيناء ورفح.
وكانت المهرجانات السينمائية صاحبة النصيب الأوفر من التأجيلات، وأبرزها مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الذى يعد المهرجان الأكثر تضررا من الأحداث الجارية، حيث تم تأجيل دورته الـ36 إلى العام المقبل، وهو ما يعد نتيجة طبيعية بسبب الأزمات الشديدة التى شهدتها إدارة المهرجان طوال الشهور والأسابيع الماضية عصفت بالدورة الـ36 وزاد من شدة تلك الأزمات، توتر الوضع فى الشارع المصرى وصعوبة الاتفاق مع فنانين أجانب ومداهمة الوقت أمام الدورة المقبلة، حيث قررت إدارة المهرجان تأجيل الدورة القادمة إلى العام المقبل، حيث تعقد دورته السادسة والثلاثين من 21 إلى 30 سبتمبر 2014 بحيث يأتى على المستوى المأمول لمهرجان دولى تنظمه وزارة الثقافة ويحمل اسم العاصمة المصرية.
جاء ذلك بعد اجتماع لجنة إدارة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، بحضور د.محمد صابر وزير الثقافة وبرئاسة سمير فريد رئيس المهرجان.
ويأتى تأجيل المهرجان لتتأكد مخاوف الوسط السينمائى عقب الأزمات المختلفة التى شهدها المهرجان وأبرزها تغيير رئيسه الناقد السينمائى أمير العمرى والاستعانة بالناقد سمير فريد، على خلفية الأزمة التى أثارها تعيين العمرى رئيسا للدورة الـ36 من قبل وزير الثقافة الإخوانى السابق علاء عبدالعزيز، حيث اعترض الكثير من السينمائيين على قبول العمرى رئاسة المهرجان والتعاون مع وزير الثفافة الإخوانى فى الوقت الذى كان المثقفين والسينمائيين يعتصمون فى مبنى وزارة الثقافة، اعتراضا على علاء عبد العزيز معتبرينه مجرد مبعوث للإخوان فى الوزارة ولا يستحق أن يكون وزيرا للثقافة.
وتعتبر هذه هى المرة الثانية التى يتم فيها تأجيل مهرجان القاهرة السينمائى بعد ثورة 25 يناير، حيث تعذر إقامتها عام 2011 بسبب توتر الأوضاع فى الشارع المصرى عقب الثورة، بينما أقيمت العام الماضى بعد مجهود طويل بذلته إدارة المهرجان ووزارة الثقافة ولم تخل أيضا من أزمات شديدة أبرزها الصراع الذى شهده الوسط السينمائى حينئذ بين الوزارة وبين جمعية مهرجان القاهرة السينمائى التى أسسها الناقد يوسف شريف رزق الله، وكانت مكلفة بتنظيم الدورة الـماضية قبل أن تحصل وزارة الثقافة على حكم قضائى ببطلان التكليف وأحقيتها فى تنظيم الدورة، ليستمر مسلسل أزمات المهرجان هذا العام بإعلان التأجيل.
وبعيدا عن تأجيل الدورة الـ36 قرر مجلس إدارة مهرجان القاهرة السينمائى بالإجماع وضع أسس جديدة للمهرجان وإقامة سوق القاهرة للأفلام بواسطة غرفة صناعة السينما و3 برامج موازية هى "آفاق السينما المصرية، وتنظمه نقابة المهن السينمائية للأفلام المصرية والعربية"، و"أسبوع النقاد للمخرجين الجدد من كل الدول وتنظمه جمعية نقاد السينما للمصرين عضو الاتحاد الدولى للصحافة السينمائية "فيبريس"، و"سينما الغد للأفلام القصيرة من كل الدول وينظمه اتحاد طلبة المعهد العالى للسينما".
ويكون لكل برنامج لائحة خاصة، ولجنة تحكيم تمنح جائزتين، ويتم اختيار أفلامه بواسطة الجهة المنظمة، وتقوم إدارة المهرجان بتحمل تكاليف سفر وإقامة ضيوف البرامج الثلاثة الذين تختارهم المؤسسات الثلاث.
كما قرر المجلس أن يستمر المهرجان طوال العام فى تنظيم برامج سينمائية مختلفة، مثل العديد من المهرجانات الدولية وأن يشترك فى مهرجان فينيسيا الذى يفتتح نهاية أغسطس الحالى، ومهرجان برلين فى فبراير، ومهرجان كان فى مايو.
وكان أمير العمرى قد شرع بالفعل فى الإعداد والتجهيز للدورة المقبلة، قبل أن يتم إبعاده، حيث كان اختار بالفعل الفيلم الفرنسى "الماضى" من إخراج المخرج الإيرانى أصغر فرهادى ليعرض فى حفل الافتتاح، لكن بعد مجىء سمير فريد خرج العمرى ليؤكد أن الفيلم لن يعرض فى المهرجان لأن اختيار فيلم الافتتاح هو اختيار خاص من جانبه قبل أن يصدر قرار من وزير الثقافة صابر عرب بإلغاء تعاقده مع الوزارة بشكل غير قانونى أو أصبح حاليا محل نظر أمام القضاء.
وقال العمرى، إنه عازم على إرغام وزارة الثقافة باحترام العقد الذى وقعه مع ما يعتبره إحدى مؤسسات الدولة المصرية وليس مع شخص الوزير، وبالتالى دفع قيمة الشرط الجزائى الذى ينص عليه العقد الذى حرره مستشار الوزارة الذى قضى 22 عاما فى العمل بها وهو المستشار محمد لطفى.
كما سيطالب العمرى الوزير صابر عرب بدفع 5 ملايين جنيه تعويضا عما لحق به من إساءة نتيجة نشر تصريحات للوزير يشكك فيها فى الذمة المالية للعمرى، خلال فترة رئاسته القصيرة للمهرجان دون أن يقدم أى دليل على ادعاءاته.
وفى الوقت نفسه قرر مجلس إدارة مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية تأجيل فعاليات وأنشطة المهرجان من 21 سبتمبر المقبل إلى19 يناير 2014 .
وأعلنت الدكتورة ماجدة واصف رئيسة المهرجان أن مؤسسة نون للثقافة والفنون وهى منظمة أهلية لا تهدف للربح قررت تأجيل موعد عقد المهرجان من سبتمبر إلى يناير المقبل، نظرا للظروف الراهنة التى تمر بها مصر والتى تواجه فيها موجة من الإرهاب.
وكان المهرجان قد عقد دورته الأولى بنجاح كبير فى سبتمبر من العام الماضى والذى حضره أكثر من ٤٠ من كبار الفنانين السينمائيين والمخرجين والمنتجين الأوروبيين، كما حضره عدد من كبار الفنانين المصريين.
ومع استمرار توتر الوضع فى الشارع المصرى تحاول إدارة مهرجان الإسكندرية السينمائى إقامة فعاليات الدورة المقبلة فى موعدها، حيث تستمر حتى الآن لجان المهرجان المختلفة فى عملها، وأكد الناقد السينمائى الأمير أباظة رئيس المهرجان لـ "اليوم السابع"، أن إقامة الدورة المقبلة أمر هام وضرورى لكى نعيد الثقة إلى الشارع المصرى والتأكيد على أن الأمور تسير فى مسارها الصحيح وتوصيل رسالة إلى العالم كله بأن مصر بخير.
وأصدر الأمير أباظة، بياناً يؤكد فيه على إقامة مهرجان الإسكندرية السينمائى فى موعده يوم 11 سبتمبر المقبل، موضحا أن المهرجانات السينمائية ليست مجرد أنشطة ترفيهية تقام للتسلية والإمتاع، بل هى ثقافة وفكر ومبدأ ورسالة"، تقام لكى تجمع الثقافات والحضارات، وتتحدى الظروف والأزمات، لكى يؤكد أصدقاء الحياة أنهم لم يتركوا الفرصة لصناع الموت والإرهاب لكى يهدموا استمراريتها وديمومتها.
وأضاف "أباظة" ومن أجل هذا قررت إدارة المهرجان تحدى كل الظروف والعقبات وإقامة الدورة القادمة فى موعدها، وتنفيذ برنامجها المعد مسبقاً لكى يقدم رسالة إلى العالم العدو قبل الصديق. إن مصر فى رحلتها لمقاومة الإرهاب لم ولن تتوقف عن الحياة.
وأكد أباظة أنه تقديراً لتلك الظروف التى تمر بها البلاد فإن المهرجان قرر إلغاء الاستعراضات، وما يصاحبها من غناء فى حفلى الافتتاح والختام اللذين يخرجهما الفنان هشام عطوة، تحت إشراف الدكتور محمد أبو الخير، رئيس قطاع الإنتاج الثقافى، وأن تقتصر الحفلات على تقديم مراسم المهرجان من تكريمات ولجان تحكيم وضيوف شرف، وأن تقام العروض والمسابقات والبرامج والندوات كاملة فى قصر المهرجان بفندق رويال تيوليب – مركز الإبداع – المركز الثقافى الفرنسى وأتيليه الإسكندرية.
ولم يقتصر الأمر على المهرجانات السينمائية بل امتد إلى الموسيقية، حيث قررت دار الأوبرا المصرية تأجيل الدورة السابعة لمهرجان الموسيقى العربية بالإسكندرية، والتى كان مقررا أن تنطلق فى منتصف أغسطس الجاري، ولم تحدد حتى الآن إدارة المهرجان موعدا جديدا لها، حيث ما تزال الأمور مبهمة وغير واضحة وإن كانت هناك محاولات حثيثة من الأوبرا لإقامة الدورة المقبلة، خصوصا أنها لها بعد وطنى هام، حيث كان من المقرر أن يعرض فى حفل الافتتاح أوبريت "فى حب مصر"، وتم تخصيص إيراداته بالكامل لصالح صندوق دعم مصر ويحييها نخبة من نجوم الغناء فى مصر والوطن العربى بمصاحبة فرقة أوبرا الإسكندرية للموسيقى والغناء العربى بقيادة المايسترو عبد الحميد عبد الغفار، وتتضمن 18 أغنية وطنية تستهل بـ افتتاحية يا مصريين ويغنى بها العديد من المطربين ومنهم محمد الخولى ومروة حمدى وآيات فاروق وأحمد إبراهيم و إيمان عبد الغنى ورحاب عمر ومحمد الحلو و أميرة أحمد، وإيناس عز الدين إيمان البحر درويش ومى فاروق وأمير الرفاعى ومحسن فاروق وسومة.
كما كان مقررا أن يقدم المطرب الكبير على الحجار رائعة بليغ حمدى وميشيل المصرى بوابة الحلوانى، وريهام عبد الحكيم فيها حاجة حلوة، وتختتم الاحتفالية بأغنية صوت بلادى ويشارك فيها جميع الفنانين.