أصدرت هيئة مفوضى الدولة تقريرها حول أزمة "جزيرة القرصاية" بين أهالى الجزيرة والجيش أوصت فيه محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة بإصدار حكم قضائى بإلزام وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى بسحب أفراد القوات المسلحة وفرقها من الجزيرة، وإلغاء القرار الصادر من رئيس الجمهورية الأسبق محمد حسنى مبارك رقم 152 لسنة 2001 بتخصيص أجزاء من أراضى جزيرة القرصاية التابعة لمحافظة الجيزة لصالح وزارة الدفاع كمنطقة إستيراتيجية ذات أهمية عسكرية، مؤكدة وأحقية الأهالى فى البقاء بالجزيرة.
وصدر التقرير فى الدعوى التى أقامها عدد من أهالى القرصاية عقب أحداث العنف التى وقعت فى شهر نوفمبر من العام الماضى والاشتباكات التى دارت بين القوات المسلحة وسكان الجزيرة، وأدت إلى وفاة أحد الصيادين وإصابة آخرين من الطرفين، والقبض على عدد آخر وأصدرت المحكمة العسكرية فى فبراير الماضى أحكاما ببراءة 14 من المقبوض عليهم من أهالى الجزيرة المتهمين بالاعتداء على القوات المسلحة، وحبس 11 منهم لمدة ثلاثة أشهر، ومتهم واحد لمدة 5 سنوات.
وأكد تقرير هيئة مفوضى الدولة الذى جاء فى 25 صفحة وأعده المستشار عمرو جلال داود بإشراف المستشار تامر يوسف طه نائب رئيس مجلس الدولة، أن قرار رئيس الجمهورية الأسبق حسنى مبارك رقم 152 لسنة 2001 مخالفا للقانون وواجب إلغاؤه، حيث إن جريزة القرصاية هى أراض "طرح نهر" وملحقة بالأراضى الزراعية وفقا للقانون رقم 100 لسنة 1964، ومخالفا لقانون المحميات الطبيعية رقم 102 لسنة 1983 خاصة، وأنه صدر قرار من رئيس مجلس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998 باعتبار هذه الجزيرة ضمن المحميات الطبيعية.
واستند التقرير إلى أن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998 قد ضمن جزيرة القرصاية ضمن المحميات الطبيعية ووصفت بأن مساحتها 117,5 فدان ونوع الإشغال "زراعات تقليدية ومبانى ومنشآت سياحية" والجهة المالكة "أملاك دولة"، وعدد السكان "1500 نسمة"، وهو الأمر الذى يقطع بأن قرار رئيس مجلس الوزراء قد صدر فى نطاق السلطة المخولة له محددا النشاط القائم وهو النشاط الزراعى، وقد سبق لرئيس الوزراء تأكيد هذا بقراره رقم 848 لسنة 2001 والمتضمن عدم إخلاء أى مبنى من المبانى المقامة بجزيرتى الذهب والوراق بمحافظة الجيزة، ولا يجوز التعرض لحائزى الجزيرتين وهو قرار يمثل تحقيق وجه المصلحة العامة من جانب الدولة المتمثلة فى الحفاظ على أمن وسلامة واستقرار قاطنى هذه المحميات والمحافظة على مصدر رزقهم.
وتبين لهيئة مفوضى الدولة من خلال الأوراق أن النشاط الزراعى والصيد يسودان على أرضة محمية جزيرة القرصاية، وأن أهالى الجزيرة قد أقاموا مجتمعا زراعيا وتجاريا يعتمد على حرفتى الزراعة والصيد بتلك المحمية، فضلا عن وجود بعض المشروعات السياحية الصغيرة، وعليه يكون قرار تخصيص أجزاء من أراضى الجزيرة للقوات المسلحة مشوبا بعدم المشروعية مستوجبا إلغاؤه لإنحرافه عن الالتزام بغاية الحفاظ على البيئة الطبيعية للجزيرة كما أفرزتها الطبيعة أرضا خصبة داخل مجرى النهر.
وذكر تقرير هيئة المفوضين الذى حصلت "اليوم السابع" على نسخة كاملة منه أنه لا يجوز تخصيص أجزاء من أراضى المحميات الطبيعية كجزيرة القرصاية لتكون معقلا أو مركزا لتدريب القوات المسلحة أو لتمركز قواتها فيها، إذ من شأن ذلك أن يغير من المظهر الجمالى الطبيعى للمحمية والإخلال بالتوازن البيئى المنبثق من طبيعتها.
وأشارت المفوضين فى تقريرها إلى أن وجود التجمع السكانى على أرض الجزيرة بوضعه الحالى لم ينشأ فجأة أو خفية على جهات الإدارة وأجهزتها، ولكنه مجتمع سكانى نشأ على مدى زمنى طويل أمامها وهو ما لم يتم فى الخفاء، ويتم تحصيل مقابل الانتفاع وصرف مستلزمات الإنتاج الزراعى للأراضى وتوجد إيصالات سداد كهرباء وإيصالات سداد من مصلحة الضرائب العقارية، كما أنها أسهمت فى وجوده عندما لم تمنعه فى حينه دون تثريب عليها.
وتابع التقرير "أما وقد قعدت عن ذلك ولم تنشط إليه فى وقته فإن تدميره والقضاء عليه الآن من خلال تخصيصه لصالح وزارة الدفاع بعد أن استفحل ليس فقط، مما لا يجوز للإدارة فعله، ولكنه يكون بمثابة إخلال منها بمسئوليتها بالحفاظ على أمن وسلامة المواطنين وحماية السلام الاجتماعي، وعدم السماح بأن يترتب على ذلك تشريد وتحطيم لحياة الآلاف من المواطنين نتيجة فقد المأوى الوحيد لهم وما ينطوى عليه من إهدار للأسس والقيم العامة التى يوم عليها المجتمع".
كما رأت المفوضين أن تشريد سكان الجزيرة دون تدبير شئونهم وإشباع حاجاتهم والحفاظ على الأمن والاستقرار بينهم لا يجوز، وأن هذه النتائج تشكل وجه المصلحة القومية الأكثر إلحاحا وأخطر شأنا يتعين أن تكون فى هذه المرحلة أولى بالرعاية من غيرها إعمالا لما هو مقرر فى الشريعة الإسلامية التى هى المصدر الرئيسى للتشريع من أن دفع الضرر مقدم على جلب المنافع، وأن الحفاظ على مصالح الأفراد الخاصة فى إطار المصلحة العامة يمثل أرقى مظاهر المحافظة على الأمن القومى.
وأكد التقرير أن أراضى جزيرة القرصاية هى أراضى طرح نهر، وأن أراضى طرح النهر هى أراضى ملجقة بالأراضى الزراعية وفقا للقانون رقم 100 لسنة 1964، وبالتالى فإن قرار الرئيس الأسبق رقم رقم 152 لسنة 2001 بتخصيص أجزاء من الأراضى الصحراوية لصالح وزارة الدفاع لاستخدامها فى أعمال التدريب والعمليات العسكرية، وكان من بينها أجزاء من جزيرة القرصاية بموجب العقد المشهر رقم 1767 بتاريخ 20 يوليو 2010، وبالتالى فهو قرار خاطئ لأن أراضى القرصاية أراضى طرح نهر وليست أراضى صحراوية.
ولفتت هيئة المفوضين إلى أن ما انتهت إليه هو تطبيق لصحيح القانون وإعمال لقواعد العدالة والإنصاف وحماية لمبدأ المشروعية الذى يعنى خضوع الحاكم والمحكوم للقانون بمعناه الواسع، وإن كان تخصيص هذا الجزء من الجزيرة للقوات المسلحة يحقق المنفعة العامة بتدعيم الأمن القومى، إلا أن ذلك لا يقوى فى مواجهة سيادة القانون الذى هو أساس الحكم فى الدولة، وأنه واجب على الدولة أن تراعى فيما يصدر منها من قرارات وإجراءات ما يحفظ أمن المواطنين وسلامتهم ومصادر رزقهم المشروعة وهى أمور فى مجملها برهان على قوة الدولة وقدرتها على ضبط الشعور العام للمواطنين،كما أنه تعبر عن الوجه الأمثل للمحافظة على هيبة الدولة وترسيخ مبدأ المواطنة، كما أن كرامة الفرد انعكاس طبيعى لكرامة الوطن باعتبارها حجر الأساس الذى تقوم عليه الجماعة الوطنية المصرية.
يذكر أن المحكمة ستستأنف نظر الدعوى التى أعدها أحمد حسام المحامى بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية ووعدد من المنظمات الحقوقية وكلاء عن مجموعة من أهالى الجزيرة بجلسة 3 سبتمبر المقبل.
ننشر نص توصية المفوضين بأحقية أهالى "القرصاية" فى البقاء بها.. الحكومة اعتبرتها محمية طبيعية منذ عام 98.. وطرد الأهالى إخلال بالأمن القومى.. ولا يجوز تخصيصها للجيش.. وعلى "السيسى" سحب القوات منها
الخميس، 22 أغسطس 2013 12:01 م