علق الكاتب البريطانى روبرت فيسك، فى مقاله اليوم، الخميس، بصحيفة "الإندبندنت" على قرار إخلاء سبيل الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وقال إن مبارك بعد إطلاق سراحه ينبغى أن يشعر بأنه فى بلده فمصر المنقلبة الآن رأسا على عقب، متحدثا عن أن "رجال أمن الدولة" يتصرفون بنفس القسوة التى اعتادوا عليها فى عهد مبارك.
ويذهب الكاتب إلى القول بأن إطلاق سراح مبارك كان يبدو ضربا من الجنون، لكن حريته ستكون متماشية مع المأساة المجنونة التى تعيشها مصر. فما كان يبدو مستحيلا فى أعقاب ثورة يناير، قد اكتسب نوعا من الحياة الطبيعية.
ويمضى فيسك قائلا، إن شوارع القاهرة تمتلئ الآن بآلاف الصور الكبيرة الملونة تحول صورة باراك أوباما بلحية أسامة بن لادن، مع وضع علامة الصلاة على جبهته. وإلى جانب أوباما الرجل الأكثر وسامة بين كل الجنرالات، هو وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى.
لذا، يضيف الكاتب، لا يوجد شك فيمن هم الأخيار ومن هم الأشرار. وتبث قنوات التلفزيون الرسمى شعارا على يسار الشاشة على مدار 24 ساعة بعنوان "مصر تحارب الإرهاب"، ويبدو أن المشاهدين يميلون لتصديق هذا. وقد طغى مقتل 25 من الجنود فى رفح على يد مسلحين على حادث مقتل 36 من لسجناء فى عربة الترحيلات.
وتطرف فيسك كذلك فى مقاله إلى تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش، الصادر اليوم الذى يؤكد تدمير 37 من الكنائس القبطية فى مصر، ومقتل أربعة اشخاص، ثلاثة مسيحيين ومسلم، نتيجة الهجمات التى استهدفت كنائس الأقباط وتجارتهم وأملاكهم. وفى المقابلن فإن منظمات المجتمع المدنى الأجنبية تعتقد أن 121 شخصا قد قتلوا فى ميدان رمسيس يوم الجمعة، وأن الشرطة استخدمت النيران الآلية ضد الحشود مسترشدة بكاميرات تلفزيونية ملحقة بمدرعاتهم.
ويقول فيسك أن بعض الأقباط فى صعيد مصر لا يلومون المسلمين على حرق كنائسهم، ولكن يلومون الرئيس باراك اوباما. فهناك شائعة تدور بأن أوباما له أخ مسلم، وأن هذا هو السبب الذى يفترض أن الولايات المتحدة تدعم لأجله الإخوان المسلمين.
ويشير فيسك إلى أن كل الصحفيين المصريين الذين قابلهم فى شوارع القاهرة يشكون من أنهم لم يعودوا قادرين على الكتابة بحرية، على الرغم من ضرورة تذكر أن عدد أكبر من الكتّاب تمت ملاحقتهم قضائيا فى عهد محمد مرسى، أكثر مما شهده تاريخ مصر الحديث على مدار 185 عاما.
ومن بين الأصوات القليلة العاقلة فى مجال الصحافة عماد الدين حسين رئيس تحرير جريدة الشروق. فكتب عن مقتل السجناء وقال إن الإخوان المسلمين ربما يكونوا قد ارتكبوا جرائم كثيرة أو غسلوا أدمغة العديد من المدنيين، لكن هذا لا يبرر قتلهم. وعلى الحكومة المصرية أن تضمن كفاءة ضباط الشرطة الذين تصرف بعضهم بعدوانية شديدة إزاء أنصار الأخوان على مدار الايام الماضية.
ورأى فيسك أن هناك قدرا من التلطيف لما يحدث، متحدثا عن أن رجال أمن الدولة عادوا إلى كامل القسوة التى كانوا عليهما فى عهد مبارك، يساعدهم البلطجية المستأجرين مثلما حدث فى عام 2011 وكذلك السجناء السابقين الذيم اعتادوا ضرب المتظاهرين بقضبان حديدية. ولذلك لو خرج مبارك من سجن طرة حيث يتم احتجاز أعدائه من الإخوان المسلمين، سيجد نفس البلد التى لا تعرف الكثير من الحريات، كما اعتاد عليها.