رويدا رويدا بدأ مسئولو النظام القديم فى تونس الذين كانوا مستبعدين من المشهد السياسى يوماً فى العودة إليه وممارسة ضغوط على حزب النهضة الإسلامى الحاكم ليفسح لهم الطريق.
كان هؤلاء الفلول أو ما يطلق عليهم فى تونس اسم "بقايا التجمع" أى المنتمين إلى حزب التجمع الدستورى الديمقراطى الحاكم خلال عهد الرئيس التونسى السابق زين العابدين بن على قد أطيح بهم خلال انتفاضة الربيع العربى فى يناير كانون الثانى عام 2011 وهزموا شر هزيمة فى انتخابات المجلس التأسيسى فى وقت لاحق من ذلك العام، بل فكر المجلس فى منعهم من العمل السياسى تماما.
لكن بعد اغتيال زعيمين يساريين هذا العام على أيدى من يشتبه أنهم سلفيون متشددون ومع تنامى الاستياء من الأجندة الإسلامية لحزب النهضة غرقت السياسة التونسية فى اضطرابات مما دفع المجلس التأسيسى الى تعليق أعماله.
ومنذ واقعة الاغتيال الثانية التى حدثت فى أواخر يوليو تموز بدأ المسئولون السابقون يعيدون تنظيم صفوفهم فى أحزاب سياسية جديدة ويتحدثون علانية ويشاركون فى تنظيم وحشد مسيرات ضخمة للمطالبة بتنحى حزب النهضة وإجراء انتخابات جديدة.
ويبدو الآن مرجحا أن يضيع الحظر المقترح على نحو 30 ألفا من "بقايا التجمع" لمنعهم من العمل السياسى وسط الاضطرابات السياسية وستظهر أحزاب المعارضة كمنافس قوى محتمل لحزب النهضة فى الانتخابات التالية.
وقال سامى براهمى الأستاذ بجامعة تونس أن المسئولين السابقين يريدون العودة إلى الساحة تحت راية جديدة مشيرا إلى نحو ستة أحزاب سياسية ينشطون فيها، وأضاف أنهم أكثر المستفيدين مما يحدث فى تونس الآن، ومن بين كبار المستفيدين باجى قائد السبسى الذى كان رئيسا للبرلمان لفترة قصيرة خلال حكم بن على، وأظهرت استطلاعات الرأى أن حزبه يتمتع بتأييد بلغت نسبته نحو 30 فى المائة أى ما يعادل الإسلاميين تقريباً.
وتأكد دوره المحورى فى حل الأزمة التونسية الأسبوع الماضى حين سافر راشد الغنوشى رئيس حزب النهضة سراً إلى باريس حيث كان السبسى موجودا ليجرى أول محادثات مع الرجل الذى كان الإسلاميون يقاطعونه حتى ذلك الحين.
ومن بين المستفيدين أيضا كامل مرجان وزير الدفاع ثم وزير الخارجية من عام 2005 حتى عام 2011، وحزبه وان كان أصغر من حزب السبسى إلا انه الأكثر دفاعا عن المسئولين السابقين فى حزب بن على المحظور الان وهو التجمع الدستورى الديمقراطى، وغالبية المسئولين التونسيين السابقين العائدين الى المشهد هم علمانيون براجماتيون من دعاة الحداثة عملوا كتقنوقراط فى نظام بن على دون أن يتلوثوا بشكل مباشر بانتهاكات حقوق الإنسان فى عهده.
كما أن أحزابهم على علاقة قوية مع الاتحاد العام التونسى للشغل وهو اتحاد قوى وأيضا من أشد منتقدى حزب النهضة الإسلامى، وعلى سبيل المثال يضم حزب نداء تونس الذى شكله السبسى أعضاء سابقين فى حزب التجمع ورجال أعمال كبارا برزت أسماؤهم فى عهد بن على إلى جانب تقدميين ونقابيين.
ويدعو برنامج الحزب فى موقعه الالكترونى إلى الديمقراطية وتوفير الوظائف والرخاء الاجتماعى والتقدم الاقتصادى وهى أهداف قال منتقدو حزب النهضة الحاكم انه فشل فى تحقيقها، ولا يشر برنامج الحزب إلى الإسلام.
وكان حزب النهضة يتجاهلهم باعتبار أنهم وجه للنخبة السابقة غير جديرين بالتحدث معهم، ولم يعد هذا واردا الآن بعد أن نشرت كل الصحف التونسية يوم الاثنين صورة للسبسى والغنوشى وهما يبتسمان فى تحفظ للكاميرا خلال لقائهما فى باريس.
نشرت هذه الصورة إلى جانب تقارير تقول إن حزب النهضة الذى كان حتى ذلك الحين يرفض مطالب المعارضة مستعد الآن للاجتماع مع منتقديه دون شروط.
وشكلت الاحزاب التى تدافع عن المسئولين السابقين "جبهات" تكتيكية مناهضة للإسلاميين مع يساريين ناضلوا ضد بن علي.ولا يرى الجيلانى الهمامى من حزب العمال وهو الحزب الشيوعى التونسى السابق مشكلة فى العمل مع "بقايا التجمع" فى إطار جبهة إنقاذ واسعة فى مواجهة حزب النهضة، وقال إن أعضاء حزبه مستعدون للعمل مع أى شخص يمكنه وقف هذه "الدكتاتورية الدينية".
وتم حل حزب التجمع الدستورى الديمقراطى عقب الإطاحة بابن على عام 2011 ونشأت أحزاب رئيسية شكلها مسئولون سابقون مثل حزب السبسى نداء تونس وحزب المبادرة الذى شكله مرجان. وكان حزب النهضة محظورا تحت حكم بن على ثم قنن أوضاعه بعد سقوط الرئيس.
ومن العائدين أيضا حامد القروى الذى كان رئيسا للوزراء فى عهد بن على فى الفترة من عام 1989 إلى عام 1999، حيث استدعاه رئيس تونس الحالى المنصف المرزوقى ليستمع لوجهة نظره فى سبل الخروج من الأزمة الراهنة.وأجرى القروى اتصالات مع أقرانه من "الدستوريين" أنصار الرئيس العلمانى الراحل الحبيب بورقيبة الذى قاد استقلال تونس عن فرنسا عام 1956 وحكمها حتى عام 1987.
ولا يشعر محمد جغام زعيم حزب الوطن وهو من بين عدد كبير من بقايا التجمع الأعضاء فى الحزب بأى حاجة للاعتذار عن الماضى،ويقول انه عمل مع بن على طوال 13 عاما من أعوام حكمه التى دامت 23 عاما وهو فخور بالمساهمة التى قدمها فى بناء بلده. وشغل جغام منصب وزير الدفاع ووزير الخارجية فى التسعينات كما شغل منصب وزير التجارة لفترة قصيرة عام 2011.
ونسب لنفسه ولمسئولين سابقين الفضل فى بناء البنية التحتية للصناعة والتعليم فى تونس قبل عام 2011.
وصرح جغام الذى انضم حزبه إلى مجموعة من الاحزاب الأخرى فى جبهة الدستوريين أن التيار المناهض للإسلاميين تعلم درسا مهما عام 2011 مشيرا إلى مشاركة نحو 125 حزبا فى الانتخابات التى جرت ذلك العام مما أدى إلى تفتيت الأصوات وقال إن هذا لا يمكن أن يستمر.
فلول النظام القديم فى تونس يعودون للمشهد السياسى
الأربعاء، 21 أغسطس 2013 12:03 م
الرئيس التونسى السابق زين العابدين بن علي
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نادية عبد الرحيم
..
تماما مثلما يفعل فلول مبارك في مصر.