أصبحت التدخلات الأمريكية فى الفترة الأخيرة مثار جدل وحيرة وكذلك ريبة وغيظ، وخصوصا أن السياسة الأمريكية مع مصر مرت بمراحل كثيرة كلها كانت بدافع من مصلحتها ومنفعتها، وهذا عكس ما يسوق لها إعلاميا إنها حامية لبعض المبادئ مثل: الديمقراطية والحرية وحقوق الأقليات.
ولعلنا نتذكر حديث وزيرة الخارجية السابقة (كونداليزا رايس) عن ضرورة فرض الديمقراطية و(الفوضى الخلاقة)؛ هذا المصطلح الغريب الذى كان من الصعب على الكثيرين إدراكه، وهذا حقيقى حيث أنه من غير المنطقى أن تقترن صفة سلبية (الفوضى) مع فعل إيجابى (الخلاقة) لتنتج واقع غير مشوه، ولكن مع الوقت اتضحت معالم هذه السياسات.
ولكن قبل الخوض فى تفاصيل السياسة الأمريكية فى مصر، علينا أن نفرق بين الإدارة الأمريكية والمواطن (الناخب) الأمريكى، فمن المعروف أن المواطن الأمريكى لا يهتم كثيرا بالسياسة الخارجية ويعطى صوته لمن يعده بمزيد من الرخاء الاقتصادى وارتفاع مستوى المعيشة والرعاية الصحية والاجتماعية.
أما على مستوى التنافس السياسى والحزبى، فيحرص كل مرشح أن يؤكد أن من أولوياته الحفاظ على أمن إسرائيل وذلك لتغلغل (اللوبى الإسرائيلى) فى جميع مفاصل الدولة وقدرته على توجيه الرأى العام وتسويق قضيتهم كما يرونها.
أما فى مصر، ففى البداية نتذكر مقولة جمال عبد الناصر: " لو رضيت عنى أمريكا، فاعلموا إنى أسير فى الطريق الخطأ". فالسياسة الأمريكية دائما ما تتلون تبعا لمصالحها المتمثلة فى تطبيع العلاقات مع إسرائيل وسهولة مرور السفن التجارية فى قناة السويس، وكانت العلاقات الأمريكية المصرية تتسم بالاستقرار والاتفاق فى عهد نظام مبارك، ولكن يبدو إنهم كانوا يفكرون فى عصر (ما بعد مبارك) قبل أن يفكر هو نفسه فى ذلك.
فكانت تحرص الإدارة الأمريكية دائما على فتح قنوات للاتصال مع جميع القوى السياسية حتى وإن اختلفت معها ايدولوجيا، فكانت لها اتصالات بتنظيم الأخوان منذ الثمانينات.
وبعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001 ووجدت إنها مستهدفة داخل أراضيها، بدأت فى العمل بسياسة (نقل الحرب خارج الأرض) فافتعلت حرب العراق لتنفيذ ذلك، وحرصت دائما على تصنيع مناطق ملتهبة تجذب إليها الجهاديين لحماية أراضيها من الهجمات المباشرة.
وعندما بدأت تظاهرات 25 يناير 2011 التى انتهت بالاعتصام فى ميدان التحرير ووجدت نظام مبارك يتهاوى، فكان البديل الذى سيدعمونه جاهز، فبدأت الضغوط للدفع بسرعة للانتخابات التشريعية دون إعداد دستور يحمى حقوق جميع المصريين، وبعد الانتخابات الرئاسية بدأت الضغوط لإعلان النتيجة بأقصى سرعة خلافا للجدول الزمنى المعلن بالتزامن مع إعلان (جماعة الأخوان) فوز مرشحهم فى الفجر قبل انتهاء فرز الأصوات والإعلان الرسمى للنتيجة (!!!).
وبعد فشل حكم الأخوان فى أقل من عام، وجدوا أن تصوراتهم لمستقبل المنطقة بشكل عام ومصر بشكل خاص لم يتحقق، فأصروا على دعم نظام رفضه الشعب متجاهلين إرادته معطين ظهورهم له بحجة الشرعية والديمقراطية، رغم أن هذا النظام قد أخل بجميع القواعد القانونية والدستورية والديمقراطية.
فتوالت الزيارات والضغوط والتقصى للتأكد أن ما حدث فى 30 يونيو 2013 ثورة شعب وليست انقلاب، مع أنهم سرعان ما اعترفوا بثورة 25 يناير 2011 مع إن الذى حكم مصر حينها المجلس العسكرى (!!!).
ولم يكن اختيار من يمثل (الأمريكان) موفق فى كثير من الأحيان، فحينا تتدخل السفيرة الأمريكية (آن باترسون) التى صرحت أن مصر ستفلس وإسرائيل ستحتلها فى عام 2013، وحين آخر نجد (جون ماكين) الذى له أراء معادية وعنصرية تجاه العرب جميعا، ولم يدركوا أن كل هؤلاء الشخصيات مرفوضة شعبيا.
ولكن للمرة الأولى منذ وقت طويل شعرنا إننا نستطيع أن نرفض الإملاءات والسياسات الأمريكية، وأصبحت القرارات تنبع من قلب الإرادة المصرية.
نبيل ناجى يكتب: السياسة الأمريكية المرفوضة فى مصر
الأحد، 18 أغسطس 2013 03:19 ص
مظاهرات رفض أمريكا
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة