رحل عن عالمنا السيناريست والناقد السينمائى السورى الأصل رفيق الصبان عن عمر يناهز الـ82 عاما بعد قضائه حوالى أسبوعا بغرفة العناية المركزة فى مستشفى السلام بالمعادى، ليترك الراحل فراغا كبيرا فى الوسط النقدى السينمائى لما له من رؤية ووجهة نظر فنية وخبرة سنوات طويلة من العمل فى المجال السينمائى، مما دعا الكثير من السينمائيين للتعبير عن حزنهم لوفاته، ومنهم المخرج خالد الحجر وجمعية نقاد السينما المصريين التى أصدرت بيانا نعت فيه ببالغ الأسى وفاة الناقد وكاتب السيناريو الكبير رفيق الصبان.
كما أن السيناريست سيد فؤاد رئيس مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية عبر عن حزنه الشديد على رحيل واحدا من أبرز النقاد السينمائيين فى الوطن العربى، وقال إنه يشعر بالحزن الشديد على عاشق السينما الذى تعلم منه الكثير فى معهد السينما وخارجه، وأعلن أن المهرجان سيقوم بإهداء الدورة الثالثة إلى روحه، كما نعت جمعية بيت السينما ورئيس مجلس الإدارة والسكرتير العام وأعضاء مجلس إدارتها فقيد السينما العربية.
ويعد رحيل محمد رفيق الصبان خسارة وصدمة كبيرة للوسط الفنى والنقد السينمائى، حيث حائز على وسام الفنون والآداب الفرنسى من درجة فارس، وبدأ مشواره الفنى من سوريا بعدما أخرج العديد من الأعمال المسرحية هى "العادلون" عام 1960، و"الخروج إلى الجنة" و"براكساجورا"، و"طرطوف"، و"بنادق الأم أمينة" و"حكاية حب"، ومسرحية "الزير سالم" عام 1972.
وبعد تلك الرحلة مع خشبة المسرح كمخرج انتقل رفيق الصبان إلى القاهرة ليرتدى ثوب كاتب السيناريو، حيث قدم عدة مسلسلات وسهرات تليفزيونية درامية ليدخل بعد ذلك عالم السينما الذى كان يعشقه ويقدم أولى تجاربه الروائية السينمائية الطويلة من خلال فيلمه المحفور فى تاريخ السينما "زائر الفجر" عام 1972 بطولة ماجدة الخطيب وعزت العلايلى وشكرى سرحان ومديحة كامل ويوسف شعبان وتحية كاريوكا، وإخراج ممدوح شكرى والذى رصد رفيق من خلاله لفترة هامة من تاريخ مصر الحديث وهى السنوات الأخيرة من حكم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والسنوات الأولى من حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وقبل نصر أكتوبر 1973، ليصف مجتمع يشعر بالهزيمة بعد نكسة 76 والذى كان الشعور العام الذى يسيطر على الشعب حينئذ وأيضا وجود قوى ثورية تطالب بتحرير سيناء من يد المغتصب الصهيونى، وممارسات الحكومة المصرية حينئذ، حيث تتجسس أجهزة الأمن على المواطنين ولا تتورع فى قتل كل من يحاول أن يصل لمعلومات سرية، ولم يهنأ رفيق كثيرا بالإشادات النقدية التى حصدها الفيلم، حيث تم منعه بعد أسبوع واحد فقط من عرضه لاعتراضات أمنية، ولم تسمح الرقابة بعرضه إلا بعد حوالى ثلاث سنوات من المنع وحذفت منه الكثير من المشاهد.
وشعر رفيق بحزن شديد على منع الفيلم خفف من وطأته إشادة زملائه بالعمل، وتأكيد البعض له أنه سيكون سيناريست له شأنه فى السينما المصرية، ليكتب بعد ذلك حوالى 25 فيلما، يغلب على البعض منها الطابع السياسى فهو دائما كان مهتما بهموم الوطن العربى والحرية المفقودة لشعوبها تحت وطأة الأنظمة المختلفة وأيضا الصراع العربى الإسرائيلى ومنها فيلمه "فتاة من إسرائيل"، كما أن كتاباته السينمائية بها لمحات درامية اجتماعية ومنها فيلم "الأخوة الأعداء" عن قصة للمؤلف الروسى ديستوفسكى وبطولة حسين فهمى ونور الشريف وميرفت أمين وعماد حمدى، حيث تدور أحداثه حول أب لديه 4 أبناء ولكنه لا يحبهم ولا يحب كل منهم الآخر، ولكنها تصل إلى قمة العداء بين الأب وأحد أبنائه لخلافاتهم المادية.
ويحفل تاريخ رفيق الصبان بعدة أفلام رومانسية تعد علامات بارزة فى تاريخ السينما ومنها فيلم "حبيبى دائما" عام 1980 بطولة النجم نور الشريف، "والذى قدم له أيضا فيلم "ليلة ساخنة" عام 1996، كما قدم مع المخرجة إيناس الدغيدى فيلمه "الباحثات عن الحرية"، ورحل رفيق الصبان قبل أن يرى النور آخر مشاريعه السينمائية حيث كان كتب سيناريو فيلم "الصمت" والذى كانت ستخرجه إيناس الدغيدى.
وبخلاف مشواره مع عالم التأليف السينمائي، تعلم على يد رفيق الصبان العديد من السينمائيين حيث كان يعمل أستاذاً لمادة السيناريو فى معهد السينما بمصر، واشتهر كذلك بكتاباته النقدية الهامة حيثُ يعدّ من أهم النقاد فى الوطن العربى .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة