رصد تقرير مؤشر الديمقراطية الصادر عن المركز التنموى الدولى، فى تقرير له اليوم الخميس 104 حوادث عنف يمكن أن تصفها بكل وضوح بأنها "إرهاب سياسى" مثّل رد فعل أنصار جماعة الإخوان المسلمين على فض اعتصامى ميدان النهضة وإشارة رابعة، تلك العملية التى كان لها صدى واسع من رضا الشارع المصرى والصمت الحقوقى و آراء شخصية لسياسيين ونشطاء وحقوقيين تمثل أغلبها فى تأييد هذا الفض وما لحقه من قرارات بفرض قانون الطوارئ لمدة شهر وحظر التجوال فى 11 محافظة.
اتسمت تلك الأحداث بمجموعة من المميزات التى استوقفت المؤشر وطرحت العديد من التساؤلات التى بإجابتها ربما تتبين بعض ملامح الخروج من الأزمة الراهنة والتى تكمن أهمها فى التالى:
أولا: انتهجت جماعة الإخوان ومناصريها منهجا يعتمد على إحداث مجموعة من الضربات المتتالية والسريعة الموجهة للدولة بحيث نفذت فى الـ 16 ساعة اللاحقة لفض الاعتصام فى اليوم الأول عدد 104 حوادث اعتداء /عنف/ إرهاب بمتوسط 6 حوادث فى الساعة و13 حادثة كل ساعتين، وحادثة كل عشر دقائق، بشكل متفرق و قادر على تشتيت جهود الدولة للتعامل مع تلك الحوادث.
ثانيا: استهدفت كافة أحداث الاعتداء والعنف التى قام بها أنصار جماعة الإخوان خمسة اتجاهات، أولها هو أقسام ونقاط الشرطة، حيث تم الاعتداء على 31 قسم ونقطة شرطة بالإضافة لأربعة مبان أمنية بجانب ما تم تدميره وإحراقه من ممتلكات شرطية تتمثل فى العربات والمدرعات، بشكل يرسم خطة ممنهجة تستهدف إضعاف وتشتيت المؤسسة الأمنية. أما الاتجاه الثانى فتمثل فى مهاجمة كنائس وممتلكات المصريين المسيحيين بشكل أدى لإحراق 18 كنيسة /دير/ مطرانية بالإضافة لـ3 مدارس وأكثر من 25 منزل وعدد من المحال والأنشطة التجارية المملوكة للمسيحيين، فى شكل يعكس قمة الإرهاب التى تمارسه جماعة الإخوان من أجل كسب المزيد من كروت الضغط محليا ودوليا والتلاعب بالقضية بشكل طائفى يساعد على المزيد من سياسة الإحراق ويشتت الجهود الأمنية ويعمل على تحقيق المزيد من الفوضى التى تصب فى صالح المعتدين.
ويأتى الاتجاه الثالث فى محاولة الجماعة إحداث حالة من الشلل المرورى كأحد وسائل الضغط وإحداث المزيد من الفوضى وبث الذعر، حيث قاموا بتنفيذ 19 حالة قطع طريق واستهدف أهم الطرق فى المحافظات مثل طريق صلاح سالم والمحور والأتوستراد بالقاهرة.
وتنفيذا للمزيد من الإرهاب الممارس على الدولة قام أنصار الجماعة بتنفيذ الاتجاه الرابع والذى اعتمد على اقتحام وتدمير أو الاستيلاء على 18 هيئة للحكم المحلى مثل المحافظات ومبان مجالس المدن، وفى تفعيل المسار الخامس قام أنصار الجماعة بمهاجمة 6 مبان قضائية من محاكم ومجمعات محاكم وقاموا بتدمير محتوياتها.
إن تركيز الجماعة وأنصارها على تلك المسارات الخمس فى سياستها الإرهابية ضد الدولة ومواطنيها إذ يعكس رغبة واضحة فى إضعاف وتفكيك الدولة، وذلك بإضعاف السلطة التنفيذية بواسطة تفكيك المؤسسة الأمنية وجهاز الحكم المحلى، وإثارة نيران العنف الطائفى، وإضعاف السلطة القضائية ثم إحداث حالة من الشلل المرورى والفوضى وانعدام الأمن بشكل يعكس ضعف الدولة وسط الإيحاء بمظاهر ثورة عارمة من الممكن أن تحكم البلاد أو تشعلها.
ثالثا: استخدم أنصار جماعة الإخوان سياسة الحرق كأساس لعمليات الإرهاب المنتظمة التى قامت بها خلال اليوم، حيث مثل الحرق وإضرام النيران بالمؤسسات والممتلكات العامة والخاصة نسبة 48% من الحوادث التى قام بها أنصار الجماعة بشكل عكس صورا لدولة تحترق واستهانة واضحة بكافة الملكيات والأرواح ورسالة واضحة لكل المخالفين للمسيرة الإخوانية، بينما كان اقتحام وتدمير ونهب الهيئات والمؤسسات العامة هو الوسيلة الثانية التى انتهجها أنصار الإخوان، حيث مثلت 31.7% من أشكال العنف التى مورست من الإخوان ضد الدولة ومواطنيها، فيما مثل قطع الطرق الرئيسية المحور الثالث الذى انتهجته الجماعة لإحداث شلل مرورى بالدولة حيث قامت بـ 19 حالة لقطع الطريق مثلت 18.3% من إجمالى حالات العنف التى مارسها الإخوان.
رابعا: نفذ أنصار الإخوان حوادث العنف فى 22 محافظة مصرية، لكن المدقق سوق يلاحظ أن أقسى حوادث العنف قد تمت فى 11 محافظة، على رأسها محافظة القاهرة / العاصمة ثم جنوبا مرورا بـ6 محافظات وهى الجيزة والفيوم وبنى سويف والمنيا وأسيوط وانتهاء بسوهاج، ثم جناح شرقى يتمثل فى محافظتى السويس وشمال سيناء وآخر غربى يتمثل فى محافظتى الإسكندرية ومرسى مطروح، و هو ما يعكس منهجا يعتمد على فرض السيطرة على أهم القطاعات الجغرافية بشكل متقارب يسهل الاتصال ويركز الجهود فى محافظات بعينها، لكن المؤشر يرى أن تلك المحافظات ترتبط ببعض الصفات المشتركة التى تأتى أهمها فى أنها تتقارب عدا القاهرة والإسكندرية فى معدلات التنمية وفى ثقافة حمل السلاح حيث يرى المدقق أن محافظات الجنوب المستهدفة هى محافظات صعيدية تنتشر بها ثقافة حيازة وتجارة السلاح بالإضافة لثقافة الثأر والعداء بين بعض العائلات والقطاعات، أما الشق الثانى من محافظات الجناحين الشرقى والغربى فهما مأهولان بالثقافة البدوية المشتركة مع نظيرتها الصعيدية فيما يخص حيازة والإتجار فى السلاح، وبالتالى اعتدت الجماعة فى إحداث إرهابها على ثقافات تحمل السلاح بطبعها وعلى مناطق يصعب الدخول معها فى مواجهات حيث الدخول مع الجنوب أو البدو فى مواجهات أمنية غالبا ما تنتهى بمواجهات دامية وهو لو حدث سيحدث المزيد من الفوضى وضياع الاستقرار وإضعاف المنظومة الأمنية ومنظومة / سيادة الدولة.
خامسا: نتج عن الأحداث استخدام كافة أشكال القوة لفض اعتصامى النهضة ورابعة والذى قوبل بموجة من العنف والإرهاب التى مارستها الجماعة الإخوانية ضد الدولة المصرية ومواطنوها – نتج عنه عدد من الخسائر العظيمة على المستوى البشرى والاقتصادى، حيث رصد مؤشر الديمقراطية وقوع 279 حالة وفاة بين صفوف المواطنين المصريين من المؤيدين للرئيس المعزول أو الأهالى أو الشرطة، بحيث كان نصيب الشرطة 43 حالة وفاة، فى حين رصد المؤشر وقوع 2441 إصابة، ونظرا لعدد الوفيات الكبير والتى شملت حالات متعددة بالطلق النارى فى المنطقة العليا من الجسد بالإضافة لحالات القتل والحرق والسحل التى تمت وراح ضحيتها مواطنون مصريون من الطرفين فإن المؤشر يطالب بإجراء تحقيق فورى وسريع فى تلك الأحداث من خلال لجان مشتركة ويتم إعلان نتائجه على الرأى العام.
أما الخسارة الاقتصادية فقد قدرها المؤشر بمتوسط نصف مليار جنيه مصرى، فبحصر الخسائر الاقتصادية لأحداث اليوم فقد شملت الأحداث حرق أكثر من 50 منشأة وأكثر من 25 منزل بالإضافة للمحال والمنشآت العامة التى تم اقتحامها ونهبها أو تدميرها وغيرها من الخسائر التى سوف تزيد الأعباء الاقتصادية أمام النظام الحالى.
إن أحداث الرابع عشر من أغسطس المؤلمة تفرض على الدولة المصرية ضرورة اتخاذ خطوات عملية وسريعة من أجل تحقيق المحاسبة والمكاشفة فى كافة إجراءاتها وسياسياتها، والعمل على إنهاء تلك الأزمة بأسرع وقت ممكن وأن تكون أولى سياساتها تهدف للحفاظ على أمن وسلامة وحماية حقوق وحريات المواطن وأن تعمل على وقف خطاب التحريض والكراهية الذى أصبح شعارا للصراع السياسى، كما يفرض الوضع الحالى على أنصار الإخوان، التوقف تماما عن أية أعمال عنف وتخريب وإرهاب بشكل يسمح بأن تحميهم مظلة القانون وأن يستقر الوضع المشتعل فى البلاد بسبب الصراع على السلطة، كما يوجه التقرير شكره للكنيسة المصرية لعدم انجرارها وراء أحداث العنف الطائفى الممنهج والهمجى ضد ممتلكاتهم وأماكن عبادتهم، ويدعو المؤشر الشارع المصرى والدولة بتحقيق أعلى درجات ضبط النفس، والعمل المشترك من أجل الخروج من تلك الأزمة دون المزيد من إراقة الدماء المصرية الغالية.
تقرير حقوقى يكشف: مصر تشهد 104 حوادث عنف وإرهاب سياسى بمتوسط حادثة كل 10 دقائق.. أحداث الأمس خلفت ما يقارب من 279 قتيلا و2441 جريحا.. والخسائر المادية تقدر بنصف مليار
الخميس، 15 أغسطس 2013 09:09 ص