ملك فى هيئة بشر... أو بشر فيه من صفات الملائكة، فى المسجد عالم و أستاذ و فقيه، و فى الميادين ... ثائر يصدح بكلمة الحق، هو الشيخ عماد عفت صاحب لقب " شيخ الثوار"، هو ذاك الشيخ الأزهرى صاحب الابتسامة الوضيئة التى لن ننساها ، لست أدرى من أين أبدأ فى الحديث عن هذا الرجل العظيم، هل أبدأ بالحديث عن نبوغه فى الفقه و شتى فروع العلوم الشرعية، أم أتحدث عن الشيخ الذى ولع به تلاميذه و مدحوه مدحا لم يمدحه تلميذ لأستاذ فى هذا الزمان، أم أسرد لكم بطولات الشيخ فى الدفاع عن الحق ، منذ اشتعال ثورة يناير و ما تبعها من تظاهرات، فكل ركن من أركان ميدان التحرير لشاهد
على بسالة و شجاعة هذا الشيخ الذى لم ير حقا، إلا و سعى لنصرته، و لم ير ظلما إلا و سارع إلى إنكاره.
إن مناقب الشيخ العديدة لا يمكن ذكرها فى مقال واحد، بل يحتاج الأمر إلى عشرات المقالات.
كم أنا سيئة الحظ لأننى لم أنل شرف الانتفاع بعلمه، لأننى و للأسف لم أعرف الشيخ إلا يوم وفاته.
نعم ... لقد كان أول يوم أسمع فيه عن الشيخ عماد، هو يوم استشهاده أمام مجلس الوزراء يوم 16 ديسمبر 2011..
كان الشيخ عماد كعادته يشارك الثوار فى وقفاتهم و مظاهراتهم، و لكن تلك المظاهرة لم تكن كسابقاتها، فقد كان الثوار فى غاية الاستياء من العنف و القسوة التى مورست من بعض ضباط الجيش بحق المصريين، و كان الشيخ عماد معهم و يساندهم، فهو- كما عهده الثوار- لم يكن ليرتدّ أبدا أو يحيد عن طريقهم، طالما رأى أن الحق وجهتهم و غايتهم.
و بينما كان الشيخ يقف فى صفوف المتظاهرين، إذا بالأيادى الغادرة الآثمة تمتد لتقتل نفسا من أنقى و أطهر النفوس على وجه الأرض، تلك الأيادى التى لم تنل عقابها حتى اليوم، و لكن الله و هو العدل الذى لا يرضى بالظلم سيخزى تلك الأيادى، و يرد الحق إلى أهله.
مجرد تذكر لحظة استشهاد الشيخ يصيبنى بألم شديد يصعب وصفه ، فقد خسرنا بوفاته رجلا لن يتكرر.
و لعل الذى يخفف من وطأة الألم، رؤيتى لصور أبناء الشيخ ، الذين فقدوا أعز و أحب شخص إلى قلوبهم، أسعد كثيرا لرؤيتهم و هم يحملون صور الشيخ ، أو و هم يدعون له.
أسعد كثيرا لأنى على يقين من أنهم سيكونون مثله، و سيسيرون على دربه، و سيكونون امتداد مشرفا لسيرته و مسيرته العطرة بإذن الله.
لم و لن ننساك يا شيخ عماد، سيظل ذكرك حاضر فى أذهاننا، و ستظل القيم التى زرعتها فينا خالدة إلى أبد الدهر، أى سكينة كنت تمتلك، و بأى قلب نابض بالحق كنت تعيش، عشت غريبا فى حياتك، و لازلت غريبا للكثيرين بعد مماتك فطوبى للغرباء ....
