بحثت فى خارطة العالم عن الأمل الذى يزين النفس.. عن العطر الذى يفوح من الورد .. عن الابتسامة التى هى عنوان الحب ..عن الشموع التى تنير الدرب .. عن شتلات الوطن المزروعة فى القلب .. عن أنهار كان يفوح منها أريج الصبر ويتغزل بها كل عاشق و محب .. لكن الخارطة خذلتنى ..منحتنى صرخات وبراكين ودماء تنزف من بين ثنايا القلب ..تتلاعب بأنفاس البشر محملة بشهيد هنا ومجروح هناك .. ودماء تسيل كمجرى النهر وصرخات تعلو من نبضات القلب .. أما كفاكم أيها البشر ؟! إلى متى ستظل أنفاسكم مصابة بدوار العشق للكرسى .. وللسلطة .. ولقهر الشعوب ؟! أما آن أوان الرحيل وانتصار الحق ؟! .. سرقتم أمال الشعوب، ونهبتم أحلام الفتية، ولطختم الوطن ببقع الهم، وسلبتم منه النقاء والصفاء وأسمى معانى الوفاء .. كل ذلك من أجل البقاء على كرسى مهما طال الأمد فلن يدوم لأحد . حاولت أن التمس لكم الأعذار مرات ومرات .. لكن بحور الدم لم تنته .. تفجير هنا وقتل هناك ونهب فى كل مكان، وبات الشعب مهاجراً كطيور تتراقص على ألم الجراح .
كان سكان الخارطة يحسدوننا على أمننا وأماننا وعلى بهائنا وخيرات بلادنا التى يشع منها الأمان فى كل مكان ويتناثر الحب منها فى كل زمان... ماذا حل بك يا وطنى ؟! ما الذى أصابك فقد أشبعتنى بكاءً وحنيناً..فخلف فراقك اشتياق ونبض يدعو لك بالسلامة مع كل صلاة أرى فيها نور ربى.. أما أن لنا أن نستريح؟! أما أن لنا أن نتفاهم ؟! .. أما أن للدمعة أن تتبدل إلى بسمة وضحكة ؟!.. آما آن لنا أن نعانق رسم خارطتك ونوقف جراح الألم ونزيف الدم ؟! لقد كسرت قلبى دون رحمة وحولت ابتسامتى لدموع وحسرة وتمزقت أوتار قلبى على كل بناء يدمر وعلى كل طفل يقتل وعلى كل شاب يفارق الحياة وتندفن معه آماله وأحلامه وعلى كل أم ثكلى وكل أسرة فقدت عائلها .. وها هى دعواتى تتعالى على كل يد آثمة أحرقت ممتلكات الوطن وتخضبت بألوان الدم وانحنت بسببها الظهور والقامات وعميت العيون وعلت الأهات فى كل مكان .
عجزت يا وطنى أن أتخيل الخارطة دونك أو دون أحرف اسمك فأنت فى نظرنا خارطة العالم نعشق ترابك .. تربينا فى أحضانك وكنت لنا السكن والسكينة .. فما الذى غير حالك فأصبحت وجهاً بلا زينة واشتعلت بك نيران لم نعد نستطيع أن نطفئها.. ها هم الشهداء يتساقطون كأوراق الخريف ومع كل ورقة تسقط دمعة وتندثر ابتسامة وتتشكل حروف رثاء يسردها قاموس الأيام ليحكى للتاريخ حكايات سجلتها يد القدر .. وها هى سفننا ترسوا على موانئ الحسرة والألم لتكون دليلاً على أيام الذل والقهر وأنين البشر وفراق أحبة باتوا غرباء فى عتمة الظلم وغروب الأمل .
مشاعرنا باتت عارية أمام الباطل شرسة أمام القدر ومذبذبة مع كل لون من البشر ..مؤلمة مع كل شهيد.. باكية أمام كل طفل برىء تصيبه سهام الغدر دون ذنب أو جريمة اقترفها سوى أنه ضحية وطن كان حلمه أن يكون رمزا ينير للجميع دروبهم .. لكن جدار الموت كان أسرع فعانقه قبل أن يعانق الأمل .. وحفرنا حروف اسمه فى القلب ورسمنا معها خارطة الدموع التى أبت إلا أن تنزف دماً .. وفتاة تهتف للحق وللإنسانية فأسكتتها رصاصة بلا ثمن ومنحتها لقب شهيدة من أجل هذا الوطن .. وشيوخ وشباب أشلاؤهم تتناثر هنا وهناك ليكونوا شاهدين على مأساة شعب بأكمله .
بالله عليك يا وطن أما كفاك ما ارتويت به من دماء وما دفنت بأرضك من بشر .. ماذا قررت بحق رب السماء ؟؟ متى سننعم بحقن الدماء ؟؟متى ستختفى خفافيش الظلام ونقول للأمن عد بسلام وللحق والعدل نحن معك فسر بنا إلى الأمام ؟!.. متى سنملك خطوط مدارك أيها الوطن ونحفر اسمك على كل سطر وعلى كل جبل وفى كل زاوية لتعبر بنا إلى بر الأمان وتنهى نزيف الدم ونبحر معك إلى شواطئ الأمل وبأيدينا صوارى النجاة ؟!.. متى نفتح قلوبنا لنستقبل الحياة وننسى أيام الظلم والغدر وكل من حاول أن ينال من أمن وأمان هذا البلد .. كفاكم ربيعاً ذابلاً بلا أوراق أو ثمر .. كفاكم صراعاً من أجل منصب هو زائل مهما طال الأمد .. كفاكم قتالا على ثروات الوطن وبيعه بأرخص الأثمان فهو حاميكم وهو شمسكم وقمركم وضياؤكم ..
دونه أنتم روح بلا حياة وقلب بلا نبض .. دعوا بارقة الأمل تشرق وتعلو على أكتاف همومكم لتخضبها بلون الزهر بدلاً من لون الدم ولهيب الشر ونيران الغدر .. دعونا نعانق السلام ونمتطى فرس الود والتفاهم ودفء الأمل ونقضى على شرارة الشر والظلم ونعيش حياة الاستقرار ونجعل شعارنا دائما هو أننا ننتصر للحق ونعلى مصلحة الوطن .
