قال معهد واشنطن الأمريكى لدراسات الشرق الأدنى، إن عزل الرئيس محمد مرسى يقدم فرصة ثانية لإدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، بل هى الفرصة الأكثر ندرة فى السياسة الخارجية، ولكى يتم وضع الأمور فى نصابها الصحيح، يجب على الولايات المتحدة أن تفهم الجوانب التى أخطأت فيها فى المرة الأولى.
ويقول روبرت رساتلوف، المدير التنفيذى للمعهد فى مقال له، إن البعض يرون أن الخطأ الجوهرى الذى ارتكبه الرئيس أوباما فى سياسته تجاه مصر هو سحب الدعم الأمريكى من الرئيس الأسبق حسنى مبارك، عندما ملأ آلاف المصريين "ميدان التحرير" للمرة الأولى مطالبين بالتغيير.
ووفقاً لوجهة النظر هذه، كان على الولايات المتحدة أن تقف إلى جانب مبارك، المعارض الصارم لـجماعة الإخوان المسلمين، الذى قاتل جنوده إلى جانب القوات الأمريكية فى حرب الخليج العربى والذى ظل محافظاً على سلام مصر مع إسرائيل، رغم عزلته فى العالم العربى، ومع ذلك فوجهة النظر هذه خاطئة.
لقد كانت صحة مبارك العليلة تعنى أن حكمه أوشك على الانتهاء، وهى حقيقة رفض مواجهتها، وبدلاً من ذلك أحاط نفسه بالمتملقين وتصرف كما لو كان فرعوناً عصرياً، وبالنسبة للمصالح الأمريكية فقد أصبح مبارك يشكل عبئاً ثقيلاً، وكان هناك بديل منطقى، وهو الجيش.
غير أن الكاتب يرى أن الخطأ الأكبر للولايات المتحدة كان ثقتها المفرطة فى أداء المجلس العسكرى الذى تولى الحكم بعد سقوط مبارك، ويقول ساتلوف إنه عندما انتقل البيت الأبيض إلى قضية ليبيا وغيرها من الموضوعات، ترك من الناحية الفعلية سياسته تجاه مصر تسير بقوة الدفع التلقائى، حيث منح الجنرالات حرية تقدير سرعة ومحتوى عملية التحول الديمقراطية.
ويحمل ساتلوف المشير طنطاوى مسئولية صعود الإخوان على السلطة، ويقول: إن جماعة الإخوان المسلمين لاعبة هامشية فى التحولات المثيرة فى "ميدان التحرير"، وخلال 18 شهرا فقط، استطاع الرجل المهيمن والقوى محمد حسين طنطاوى الإشراف على عملية سياسية تمكن من خلالها الإخوان هندسة طريقة منهجية للسيطرة على النظام السياسى فى مصر.
وربما سمح طنطاوى بذلك اعتقاداً منه بأنه وجد لاعباً سياسياً داخلياً لتأمين مصالح المؤسسة العسكرية، لكن سرعان ما انكشفت الحقيقة، فاستيلاء الإخوان على السلطة جزئياً من خلال صناديق الاقتراع، وبصورة جزئية من خلال وسائل غير دستورية، كان كاملاً إلى حد بعيد إلى درجة أن إحدى الخطوات الأولى التى اتخذها رئيسها المنتخب حديثاً هى الإطاحة بطنطاوى فى أغسطس 2012، وفى منطقة تعج بالسياسيين غير الأكفاء، كان طنطاوى مميزاً.
ويتابع ساتلوف قائلا "لا ينبغى أن يفرح أحد بخلع قائد منتخب من قبل جيش فى بلد ما، لكن هذا ليس انقلاباً بالمعنى التقليدى ولا يستحق تعليق المساعدات الأمريكية وفقاً لما ينص عليه القانون الأمريكى.
وفى الواقع، إن الجيش منع بشكل مؤكد وقوع حمامات دم كانت ستترك جروحاً فى مصر على مدار عقود، لأن عدم التدخل كان سيرقى إلى مرتبة العمل الإجرامى، لكن مع عودة الجيش إلى الساحة، فسيكون خطا فادحا كذلك أن تكرر الإدارة الأمريكية أخطاء الحلقة الماضية من الحكم العسكرى، عندما تمت التضحية بكل شىء على مذبح الاستقرار، مشيرا إلى "أن الفارس الأبيض الجديد الجنرال عبد الفتاح السيسى ربما يكون أكثر دهاء وحنكة من طنطاوى، وتحتاج واشنطن أيضاً أن تكون أكثر حنكة ودهاء".
ورأى ساتلوف أن فى عالم ما بعد مرسى، يجب على واشنطن أن تضع سياسة يكون فيها دعمها لمصر مشروطاً ليس فقط باستمرار اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، لكن أيضاً باستمرار التحرك نحو بناء حكومة ديمقراطية تعددية تنتهج سياسات اقتصادية سليمة.
معهد واشنطن: عزل مرسى يقدم فرصة ثانية نادرة لإدارة أوباما لوضع الأمور فى نصابها الصحيح.. ما حدث فى مصر ليس انقلابا بالمعنى التقليدى ولا يستحق تعليق المساعدات العسكرية.. السيسى أكثر دهاء من طنطاوى
السبت، 06 يوليو 2013 10:43 ص