فى عدد اليوم من صحيفة "الهافنجتون بوست" الأمريكية تحدث الدكتور محمد العريان، المدير التنفيذى لشركة بيمكو الاستثمارية المقيم فى الولايات المتحدة، حول الوضع الراهن مناقشا الأسباب التى تدفع المصريين إلى الانزعاج ممن يصف ثورتهم بأنها كانت انقلابا، والذى أكد فيه أن الجماهير حطمت خوفها، وأنها لن تتردد للخروج إلى الشوارع بالملايين إذا ما أظهر الجيش نية للاستيلاء على السلطة.
وقال العريان إنه بعد مرور أسبوع على الانتفاضة الشعبية الأخيرة فى مصر، والتى ظهرت على شاشات التليفزيون فى جميع أنحاء العالم فى 30 يونيو عندما خرجت الملايين إلى الشوارع للتعبير عن إحباطهم والسعى وراء التغيير، حاول المعلقون اللحاق بركب الوقائع على الأرض، وخلال تلك العملية، ظهرت العديد من القضايا المعقدة والمفاجئة.
وأشار العريان إلى أن تباين الآراء بشأن ما يحدث أثار الاختلافات والصدامات داخل مصر، إضافة إلى مناقشات ومخاوف محمومة خارجها. كما أنه أثر أيضا على آفاق المفاوضات السياسية المستقبلية وجهود المصالحة. فضلا عن وجود تداعيات ربما تؤثر على التدفق النقدى إلى مصر.
وقد تزايدت المخاوف بعدما شاهد العالم الصور المأساوية للجرحى ومشاهد العنف بالشوارع وهى الصور التى هيمنت على نشرات الأخبار اليوم. وفى مثل هذا الواقع سريع التغيير والمعرض للانفجار، يتزايد التوتر وتزداد مخاطر سوء قراءة وتفسير المشهد.
وأضاف العريان أنه لوضع كل ذلك فى سياقه كان من الضرورى توضيح بعض الحقائق المتعلقة بالمشهد المصرى، والتى لخصها فى أربعة نقاط رئيسية.
1- ثورة مصر غير المكتملة: أثبتت الثورة المصرية الأولى التى اندلعت قبل عامين ونصف (الثورة التى خلعت نظام مبارك) أنها لم تكن كافية لوضع مصر على المسار الملائم لتحقيق الأهداف المشروعة للثورة التى تلخصت فى شعارها "عيش، حرية وعدالة اجتماعية".
وذلك حيث هرعت الأحزاب السياسية فى محاولة لتنظيم صفوفها فيما كان الوقت يداهمها وكذلك قدراتهم التنظيمية نظرا لأنهم كانوا يبدأون من الصفر.
كما أسىء التعامل مع ترتيب الركائز الأساسية للعملية الانتقالية الديمقراطية الناجحة، دستور نشط، وانتخابات حرة ونزيهة سواء للبرلمان أو الرئاسة. وأعطى بعض جنرالات الجيش الانطباع أنهم راغبون فى أن يستمروا فى الحكم.
ومن ثم، فإنه بالرغم مما حملته المرحلة الأولى لحكم المجلس العسكرى من بشارة، فإنها فتحت الباب أمام الإحساس بخيبة الأمل.
2- الظروف الفوضوية الأولية: لقد كانت ثورة يناير 2011 يحركها الغضب تجاه المؤسسات والنظام الاقتصادى اللذان استحوذ عليهما زمرة من المصريين بدلا من أن تخدم البلاد ككل.
كما أن الحلول طويلة المدى اتسمت بأنها مفصلة ومعقدة، إذ كانت تتطلب تركيزا لعدة سنوات ومعرفة خاصة ونشاط دائم من جانب الإدارة. وقد أصبحت تلك المهام أكثر تعقيدا فى ظل المناخ العالمى المضطرب بما فى ذلك الأزمة المالية أو الركود الاقتصادى فى أوروبا، إضافة إلى تراجع معدل النمو والاستقطاب السياسى غير المسبوق داخل الولايات المتحدة.
3- تعزيز الصعوبات: وقد تزامنت الإدارة الاقتصادية والسياسية الضعيفة للرئيس مرسى، إضافة إلى الاستحواذ على السلطة والذى تجلى فى الإعلان الدستورى مع التحديات التى تواجهها مصر فى رحلتها الصعبة لتحقيق نظام ديمقراطى دائم وكفء.
كما أنها أبرزت إحباط معظم المواطنين، كما استمرت الانفلات الأمنى وتفاقم إحساس المواطن بالافتقار إلى الأمن. ونظرا لأن الشعب انتظر طويلا حتى اندلعت ثورته، ونظرا لأنه كافح بقوة من أجلها، لم يكن أغلبية المواطنين المصريين مستعدين للوقوف ومشاهدة المستقبل الواعد للبلاد وهو يتبخر بهذه السرعة.
4- ضعف الضوابط والتوازنات المؤسسية، وعدم رغبة الرئاسة فى تصحيح المسار:
تتمتع الديمقراطيات الراسخة بالعديد من الآليات التى تمكنها من تحديد المشكلات والتحديات المرتبطة بها. ولكن التحول السياسى الجديد وغير المكتمل فى مصر لم يكن لديه تلك الآليات. ومن ثم كانت النتيجة نشبت الأزمة الحادة التى ظهرت خلال الأسبوع الحالى بين الانتفاضة الشعبية المسالمة والرئيس المنتخب ديمقراطيا والذين يهيمن على السلطة رغم تراجع تأييده الشعبى.
ونظرا لأن كلا الجانبين كان يشعر بأن لديه الشرعية، لم يكن أى منهما مستعد للتراجع، بل صعد كليها موقفه من خلال استخدام خطاب قوى.
وقد أدى ذلك إلى تراجع إمكانية تصحيح المسار والمصالحة الوطنية، مما خلق مناخ قابل للانفجار، يحمل احتمالية امتداد النزاع إلى مواجهات بالشوارع يمكن أن تتطور إلى حرب أهلية.
وقد أدت هذه العوامل السابقة إلى وضع ضغوط قوية على نسيج المجتمع ذاته وهو ما فرض على حلفاء الدولة وأصدقائها عددا من القضايا المزعجة خاصة:
-فقد الرئيس مرسى الدعم الشعبى والشرعية لأن يحكم، ولكنه رفض أن يتنحى ويجرى انتخابات رئاسية مبكرة.
- فقدت الجماهير فى الشوارع الصبر والثقة وهو ما كان سيجعل الانتظار لثلاث سنوات محفوفا بالمخاطر.
- لم تكن الحركة المناهضة لمرسى هى فقط من خرج إلى الشوارع فمؤيدوه أيضا خرجوا مما عزز احتمالية وقوع اشتباكات وعزز التوتر.
-أصبح الاقتصاد الذى كان يعانى من وضع صعب معرضا للخطر مما يهدد البلاد بالمزيد من التفاقم لمعدل البطالة والتضخم والفقر، إضافة إلى أزمة النقد الأجنبى.
- لم ينجح أحد من الأطراف الخارجية فى التوسط، كما كان أى شكل من أشكال الوساطة سيتم اعتباره تدخلا أجنبيا.
ولم يكن هناك سوى الجيش الذى يمكنه أن يلعب دورا أساسيا ولكن نظرا لتجربته السابقة، كان الجنرالات مترددين فى التدخل للعديد من الأسباب بما فى ذلك احتمالية حدوث اضطرابات شعبية، كما أنهم كانوا يقرون بخطر إساءة تفسير مساعيهم.
ولا عجب إذن فى أن انتهى الوضع بحالة من الفوضى بدون نتائج حتمية.
فقد استحوذ الجيش على السلطة مرة أخرى وخلع الرئيس المنتخب ديمقراطيا وعلق العمل بالدستور الذى تمت الموافقة عليه من خلال استفتاء شعبى وحل مجلس الشورى وتراوحت ردود الأفعال فى الشارع بين البهجة واليأس فيما ظل الجميع قلق بشأن ما يمكن أن يحمله المستقبل من مواجهات.
وكان العديد من المحللين، سواء داخل مصر أو خارجها، قد ذهب إلى حد أن ما حدث هو انقلاب عسكرى يماثل ما حدث فى شيلى فى عام 1973. إلى أن التدخل العسكرى حظى بمساندة أغلبية، إن لم يكن كافة، المصريين بما فى ذلك الذين كانوا يشعرون بالإحباط خلال الثمانية عشر شهرا التى قضتها الحكومة الانتقالية بعد خلع مبارك. كما احتفى بهذه الخطوة تقريبا كل الأحزاب السياسية باستثناء جماعة الإخوان المسلمين.
وقد كان العديد من المصريين قلقين ويفضلون تجنب الحكم العسكرى المؤقت خاصة أخذا فى الاعتبار تاريخ البلاد وما تحتاجه من احتياجات ملحة. وكانوا يتطلعون إلى أن يتمكنوا من إجراء تغيير من خلال صندوق الاقتراع وسيادة القانون وحكومة تمثيلية ومؤسسات قوية ومجتمع مدنى نشط، ولكنهم شعروا بأنهم عالقون فى واقع مؤلم بدون خيارات طيبة. وهو ما يدفع العديد من المصريين إلى التذمر بقوة من أى أحد يطلق على ما حدث فى مصر مصطلح "انقلاب".
وبالنسبة لهم، كان التدخل الاستثنائى للجيش ضروريا لتقليل خطر وقوع خسائر بشرية كبيرة وعنف مدمر.
وما زال معظم المصريين يخشون وقوع اضطرابات مدنية وعنف، خاصة فى الأيام والأسابيع القليلة المقبلة ويتمنون ألا يضيع الجيش وقتا فى المصالحة الوطنية لتحقيق ديمقراطية شاملة ومستدامة بما فى ذلك عقد انتخابات جديدة.
ومما لاشك فيه أن المصريين أصبحوا واقعيين فقد تغلبوا على الخوف الذى سجنهم لمدة طويلة وبالرغم من أنهم ما زالوا لم يصلوا إلى توازن قومى جديد، فإنهم لن يترددوا فى العودة إلى الشوارع بالملايين إذا ما كانت لدى الجيش طموحات بخلاف مساعدتهم على تحقيق أهداف الثورة المشروعة.
محمد العريان لصحيفة أمريكية: الملايين منزعجة من وصف ثورتهم بالانقلاب
السبت، 06 يوليو 2013 09:04 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ابوجودة
مين محمد العريان
انت مين يا عم
عدد الردود 0
بواسطة:
me
هذه حقيقة
عدد الردود 0
بواسطة:
el.sahran
تانى الرئيس الاول هو انتم مش بتفهمه نجيب رئيس يعمل دستور المفروض الدستور اولا يكون معمول ب
عدد الردود 0
بواسطة:
Sam
To No. 1
Check google before you though us your garbage
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
لازم نتحالف مع الاحزاب اليمينية في اوربا وامريكا
عدد الردود 0
بواسطة:
مسلم مصرى
الى تعليق رقم واحد
عدد الردود 0
بواسطة:
د ثروت محمد عبد المنعم
كنت اتمنى ان تكون فى الوزارة الجديدة من خبرتك وحبك لمصر وتبرعك لها
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed
مصري
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد سعيد
إلى رقم 1
انت هنا بتعمل ايه انت فى مكان غلط
عدد الردود 0
بواسطة:
marco gerges
nice analyse