لابد أن التاريخ سيتوقف كثيرًا أمام أفعال الشعب المصرى.. وردود أفعاله أيضًا، هذا الشعب الذى يبهر العالم دائمًا بـ مصطلحات للأزمات.. والأفراح.. والأحزان أيضًا فى غضون عامين تم خلع رئيسين بنفس الطريقة، وحتى نفس المشاهد التى سبقت رحليهما تكررت ما بين مبارك ومرسى.
وبطبيعة الحال لعبت الرياضة دورًا مهمًا فى الثورتين حيث برز بعض من رموزها فى الأحداث، ومالوا لجانب على حساب الآخر، وتسبب هذا الدور فى انقلاب عدد كبير من أبناء الشعب ضد بعض نجوم الكرة وأيضًا.. ضد النجوم بعضهم البعض.
"اليوم السابع" ترصد التكرار الطبيعى لما أطلق عليه القائمة السوداء للرياضيين.. حيث كانت ثورة 25 يناير قد أعقبها ظهور قائمة سوداء.. والآن تظهر النسخة الجديدة.. لـ القائمة السوداء الثانية عقب عزل الرئيس مرسى ليصبح هناك فريقًا لـ"المخلوع".. وآخر لـ"المعزول" فى بطولة دعم الأنظمة وهو أمر تورط فيه عديد من الأسماء الرياضية المعروفة سواء كما ذكرت فى عهد المخلوع مبارك أو المعزول مرسى، وتختلف الأسباب بين الفريقين، فالداعم للمخلوع كانت له أسباب تختلف كليًا عن المؤيد للمعزول، تكمن فى اختلاف الظروف بين الرئيسين بالتأكيد.
فريق المخلوع مبارك "خبرة"!
بالنظر إلى الفريق الأقدم صاحب الخبرة الطويلة الداعم لمبارك ستجد أنهم كانت هناك أسباب عديدة تدفعه للوقوف جانب المخلوع منها طول مدة حكمه التى امتدت إلى 30 عاماً تجلت فيها اهتمامه بالرياضيين، خاصة كرة القدم التى نجحت فى تحقيق إنجازات عدة فى عهد مثل الفوز بكأس الأمم الأفريقية التى أقيمت بالقاهرة عام 86 وكان موجودًا باستاد القاهرة حينها وسلم الكأس بنفسه، وأيضًا الصعود إلى كأس العالم بإيطاليا عام 90، ثم الفوز بأمم أفريقيا مرة أخرى عام 98 ببوركينافاسو، وأخيرًا الفوز باللقب الأفريقى ثلاث مرات متتالية أعوام 2006 بالقاهرة و2008 بغانا و2010 بأنجولا، وفى تلك الفترة تحولت مصر بأكملها إلى مستطيل أخضر تقريبًا، وكان الرياضيون، لاسيما القائمين على الكرة المصرية هم نجوم المجتمع وأصحاب الصدارة فى المشهد المصرى، واجتهم الجماهير لأنهم عوضوا الشارع عن كل ما ينقصه، بالإضافة إلى الثورة الرياضية إبان عصر المخلوع.
كل هذه البلورة للأحداث الرياضية وتصدرها للمشهد جعلت الرياضيين وخاصة لاعبى الكرة يعتنقون فكرة أن الرئيس هو الراعى الرسمى للرياضة ولا شىء سواه فالجميع يدين له بالفضل، وكذا الأدوار الحاسمة التى يلعبها وقت الانكسارات فى رفع الروح المعنوية مثلما حدث عندما فشل المنتخب المصرى فى الوصول إلى نهائيات مونديال جنوب أفريقيا عام 2010، وبات الأمر أن نكسة جديدة ضربت مصر مجددًا وكأنها نكسة 67.
موقعة ميدان محمود النهاية
السبب الرئيسى فى القائمة السوداء كان غض نظر الرياضيين عن أشياء هامة أخرى مثل الظروف المعيشية للشعب المصرى والفساد الذى ضرب كل المؤسسات المصرية وتفشى فيها، ورغم وضوح كل العورات التى تعانى منها مصر ظهرت حالة الانفصال ما بين شريحة كبيرة من الرياضيين وفئات من الشعب خلال احتجاجات 25 يناير عام 2011، وانقسام مصر إلى جانبين الأول يطالب بإسقاط النظام واتخذ التحرير مقرًا له والآخر نادى بالاستقرار من ميدان مصطفى محمود للتأييد.
موقف رموز الرياضة المصرية آنذاك تجلى فى وجود حسن شحاتة، المدير الفنى السابق لمنتخب مصر، والتوأم حسام وإبراهيم حسام حسن، ومصطفى يونس، قائد الأهلى الأسبق، ومرتضى منصور، رئيس الزمالك الأسبق، وكتيبة الإعلام الرياضى شوبير ومدحت شلبى وخالد الغندور، وغيرهم الكثير من الرياضيين الذين رغبوا بشدة فى بقاء مبارك إلا أن الشعب لم يتأثر بنجوميتهم وحب لهم كرياضيين وأصر على رحيل مبارك حتى تنحى عن منصبه مما جعل البعض يطرح فى فكرة عمل قائمة سوداء للرياضيين الذين قاموا بدعم مبارك، لكن هذا الفريق عاد وكسب تعاطف الشارع مرة أخرى عندما نزل فى المظاهرات المطالبة برحيل مرسى، ولعل المكسب الوحيد الذى أعاد بعضهم مثل شوبير ويونس للتواجد هو إصراراهم على عدم إمساك العصا من المنتصف، وإعلانهما أن للنظام السابق ويلات، بلى وتقدما أيضًا بالاعتذار للناس.
فريق "المعزول".. والتأييد والطاعة
أسدل الستار ومرت الأيام سريعا، ويتم انتخاب مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسى رئيسا لمصر الثورة، ويأمل الجميع فى بدء صفحة جديدة مع أول رئيس منتخب فى تاريخ البلاد إلا أن السلطة تصيب لعنتها على الرئيس الجديد من البداية، وقبل أن تتضح ملامح طريقة إدارته للبلاد تتضح ملامح حاشيته المتمثلة فى أهله وعشيرته الذين ينتمون إلى مرجعيته الفكرية، تلك المرجعية التى كشفتها ممارسات الأهل والعشيرة، والتى أفصحت عن وجهها الصريح بأن البقاء للأهل والعشيرة، وماعدا هما ليذهب خلف الأسواء!
فى مجال الرياضة ظهر رجال الرئيس الجديد مبكرًا على الساحة متمسكين بصبغته ومرجعيته الدينية، ويتصفون بنفس صفاته الإنسانية وعلى رأسها الإلتزام الدينى الذى لا شك فيه.. وهو خارج هذا النقد، لأن هؤلاء النجوم مشهود لهم بالفعل بالتدين وأيضًا الأخلاق الحسنة والسلوك الإنسانى الرائع أمثال محمد أبو تريكة، أسطورة منتخب مصر والنادى الأهلى، ولعل هذا ما جعله يعرض ومعه آخرون مثل خشبة ورمضان والعقبى وجمال عبد الحميد والجمل وكثر مثلهم لانتقادات عديدة، لأنهم لم يفصحوا للناس عن رفضهم على الأقل للممارسات السياسية لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسى لجماعة الإخوان، بل كانوا وظلا متمسكين بضرورة المساندة والكلام عن "المشروع الإسلامى"، دون النظر أن المحروسة لا تعترف برئيس له رئيس.. أمر بالتشدد الدينى وأفكار عديدة مثل تقبيل اليد والرئيس "الوالد".. بعد مل المصريون هذا الأفكار خلال حكم المخلوع، والقديس أيضًا ظهر أثناء جولات "المعزول" ولم يخرج ينتقد آى سياسته لذا لانتقادات عنيفة وهجوم شرس عقب تأييده للرئيس، وأيضًا ربيع ياسين المدير الفنى لمنتخب الشباب وهادى خشبة، المدير التنفيذى للأهلى، ومجدى طلبة، مدير التسويق بالقلعة الحمراء، وحمزة الجمل نجم الإسماعيلى السابق، بالإضافة إلى العامرى الفاروق، عضو مجلس إدارة الأهلى الذى تولى مسئولية وزارة الرياضة فى حكومة الدكتور هشام قنديل، ولم يغيب دور الإعلم الرياضى عن التهليل لرئيس الجديد وقاد الكتيبة هذه المرة الناقد الرياضى علاء صادق، الذى كان معروفًا عنه الحيادية، وكما ذكرنا كان الحمق الشعبى ملازمًا لفكرة السمع والطاعة دون نقد.
تلك الأسماء أيدت مرسى مسبقا قبل أن يعمل أو يقدم خطة مستقبلية، الدعم كان فقط لانتمائه إلى نفس مرجعيتهم الفكرية، واستمروا فى دعمهم حتى بعد نزول قطاع عريض من المصريين إلى الشوارع يطالبونه بالرحيل بعد عام واحد من الحكم، فعلى الرغم من أن مرسى لم تظهر له بصمات فى الرياضة المصرية أو تزامن رئاسته مع أى إنجازات كروية سوى الفوز بكأس الأمم الأفريقية للشباب هذا العام بالجزائر، فضلا عن تأجيل الدورى عدة مرات وكاد قريبًا من الإلغاء، إلا أن هؤلاء قرروا استمرار دعمه، وهو ما جعل البعض ليطالب بعمل قائمة "سوداء" جديدة لأسماء ناصرت معزول آخر بعد المخلوع مبارك على عكس إرادة أغلب فئات الشعب التى طالبت برحيله لعدم رضاه عن أدائه طول فترة حكمه التى استمرت لمدة عام واحد فقط، هذه الكتيبة التى لا يشكك أحد فى نواياها، كان أمامها فرصة ذهبية للخروج عن فكرة السمع والطاعة.. نحو توجيه بعض النصح على الأقل لإدارة الرئيس المعزول.. ولكن تبقى الرياضة وكرة القدم تحديدًا حاصدة ومستحوذة على اهتمامات الشعب.. لتستمر المسيرة.. ونظل نرقب هل ستخرج قوائم جديدة.. ومن آى لون؟!
تقرير: أنصار مرسى فى القائمة السوداء الجديدة لـ"الرياضيين"
السبت، 06 يوليو 2013 01:08 ص