تتعامل الإدارة الأمريكية بحرص شديد مع الإطاحة بمحمد مرسى من قبل الجيش، حيث ينتابها القلق من دعم أى فريق فى الصراع الذى وضع مرسى ضد طموح المصريين فى تحقيق الرخاء وتشكيل حكومة شاملة.
ومن شأن انتقاد عزل مرسى أن يثير اتهامات ضد الرئيس الأمريكى باراك أوباما بأنه يدعم رئيسا فقد مساندة شعبه، وهو ما قد يشبه دعم أمريكا للرئيس الأسبق حسنى مبارك الذى ساندته واشنطن لعقود حتى تم الإطاحة به على وقع ثورة 25 يناير منذ عامين التى مهدت الطريق أمام الإخوان لتولى زمام الأمور فى البلاد.
لكن فى حالة تبنى خيارات مغايرة لهذا، فإن ذلك قد يثير اتهامات ضد أمريكا فيما يتعلق بالتزامها نحو تعزيز الديمقراطية، فضلا عن اتهامها بالتحريض على الانشقاق.
وفى بادئ الأمر وفور الإطاحة بمرسى، قال أوباما فى تصريحات اختيرت بعناية شديدة إن بلاده "لا تدعم أفرادا أو أحزابا سياسية بعينها"، معترفا فى الوقت نفسه "بمظالم المصريين المشروعة" لكنه أبدى احتراما للرئيس مرسى الذى تولى منصبه فى انتخابات شرعية.
وفى بيان صدر فى وقت متأخر أمس الأول الأربعاء، قال أوباما "نعتقد أنه فى نهاية المطاف لا يحدد مستقبل مصر سوى الشعب المصرى".
وأضاف "ومع ذلك، نشعر بقلق بالغ من قرار القوات المسلحة المصرية بعزل الرئيس مرسى ووقف العمل بالدستور المصرى".
ولم يذهب أوباما إلى وصف عزل مرسى بكونه انقلابا عسكريا ما يتيح له الوقت للتشاور فيما يتعلق بالناحية القانونية، حيث يلزم القانون الأمريكى الحكومة الأمريكية بتعليق المساعدات الخارجية إلى أى دولة يطاح برئيسها المنتخب فى انقلاب عسكرى.
لكن أوباما قال إنه طلب من الحكومة إجراء تقييم بشأن تأثير التطورات الأخيرة على المساعدات المقدمة إلى مصر.
وقال أوباما "أدعو الآن الجيش المصرى للتحرك بسرعة ومسئولية لإعادة السلطة كاملة إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا بأسرع ما يمكن عبر عملية شاملة وشفافة، وتجنب إجراء أى اعتقالات تعسفية للرئيس مرسى وأنصاره".
وكان الرئيس أوباما قد اجتمع فى غرفة إدارة الأزمات بعد ظهر يوم الأربعاء، مع وزير الدفاع تشاك هيجل ووزير العدل إريك هولدر ومستشارة الأمن القومى الجديدة سوزان رايس. وفى التصريح الذى أصدره عقب اللقاء، قال أوباما إنه يتوقع أن يقوم الجيش بحماية حقوق المصريين نساء ورجالا وحقهم فى التجمع السلمى، وأعاد التأكيد على دعوته إلى مصر ديمقراطية تشرك الإسلاميين والعلمانيين على حد سواء، بيد أن أوباما يبدو أنه لم يحقق الكثير من النجاح فى هذا.
فبعد وقت قصير من إصداره لبيانه، قال الناطق باسم جماعة الإخوان المسلمين إن مرسى و12 من مساعديه وضعوا رهن الإقامة الجبرية، واصفا عزل مرسى باعتباره انقلابا كامل الأركان.
وفى مقابلة مع شبكة "سى.إن.إن" الإخبارية، قال رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسى إن واشنطن تلقت تطمينات من الجيش المصرى بشأن حماية المواطنين الأمريكيين.
وسجلت المقابلة قبل عزل الجيش المصرى لمرسى، حيث أكد ديمبسى على "أن تماسك العملية الديمقراطية يستغرق بعض الوقت".
وقال الجنرال الأمريكى "أريد أن أشجعهم على حماية الشعب المصرى وليس دعم أى فصيل وبث الطمأنينة بشأن كونهم جزءًا من الحل على أساس دورهم الأصيل كجيش لتعزيز الاستقرار وليس التأثير على النتيجة".
وفيما يتعلق بعزل مرسى، قال ديمبسى "إذا تم اعتبار هذا انقلابا فإن هذا سيحد من قدرتنا على تأسيس نوعا من العلاقات التى نرغب بها مع القوات المسلحة المصرية".
وفيما يجرى الاستعداد للاحتفال بعيد الاستقلال فى أمريكا، اندلعت الاحتفالات ليلة أمس فى ميدان التحرير بوسط القاهرة، حيث أطلقت الألعاب النارية عقب قيام الجيش المصرى بتعليق الدستور الذى صاغته أغلبية إسلامية والدعوة إلى انتخابات عامة.
ومع تزايد التهديدات بوقوع اضطرابات فى مصر، أمرت وزارة الخارجية الأمريكية كافة الدبلوماسيين غير الضروريين وعائلات كافة موظفى السفارة الأمريكية فى القاهرة بمغادرة البلاد.
وفى بداية توليه منصبه تعهد مرسى بالالتزام بمعاهدة السلام التى وقعت بين مصر وإسرائيل فى 1979 ولعب دورا بارزا فى إبرام اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل فى نوفمبر.
بيد أن الولايات المتحدة أصبح يساورها الشكوك بشأن ما يواجه مرسى من اتهامات من معارضيه بعدم وفائه بالتعهدات التى قطعها على نفسه، فيما يتعلق بالإصلاحات الديموقراطية.
وكان وزير الخارجية الأمريكى قد حذر فى أبريل الماضى من تراجع العملية الانتقالية الديمقراطية فى مصر، منوها بعمليات الاعتقال والعنف فى الشوارع المصرية، وعدم قدرة الحكومة المصرية على استيعاب المعارضة. لكن فيما يبدو أن الخارجية الأمريكية تمهد الطريق أمس الأربعاء لقبول ضمنى بما قام به الجيش المصرى.
فقد رفضت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية جين باكى انتقاد الإنذار الذى وجهه الجيش المصرى لمرسى، لكنها قالت إن الولايات المتحدة تشعر بخيبة أمل بسبب الخطبة التى ألقاها مرسى قبل يوم من عزله. وقالت الناطقة "كانت الليلة الماضية بمثابة فرصة له لطرح خطوات جديدة.. لكنه لم يفعل هذا".
وتوجد بعض المؤشرات الأولية بأنه إذا أقدم أوباما على قبول عزل مرسى من قبل الجيش المصرى، فإنه لن يحصل على دعم الكونجرس.
وقال زعيم الأغلبية فى مجلس النواب الأمريكى الجمهورى إريك كانتور إن الشعب المصرى قد أكد على أن مرسى يهدد نوع الديمقراطية الذى يرغبون فى تأسيسه بعد ثورة 25 يناير 2011.
وقال "كما قال الرئيس أوباما، فإن الديمقراطية لا تعنى فقط الصندوق الانتخابى، الجيش المصرى هو شريك رئيسى للولايات المتحدة وعنصر مهم فى استقرار المنطقة، وربما يكون المؤسسة الوطنية الوحيدة الجديرة بالثقة فى مصر".
وأكد عدد من المشرعين الأمريكيين أن الجيش المصرى قد أثار فقرة فى القانون الأمريكى تلزم تعليق المساعدات إلى أى دولة يطاح برئيسها المنتخب فى انقلاب عسكرى.
وقال السناتور الأمريكى باتريك ليهى، رئيس اللجنة الفرعية المشرفة على المساعدة الخارجية فى مجلس الشيوخ، إنه يأمل أن يفى الجيش المصرى بتعهده بعودة السلطة إلى الشعب لكن قال إنه فى هذا الأثناء، فإن القانون الأمريكى واضح فيما سيحدث.
وقال السناتور "ستراجع لجنتى المساعدات المستقبلية التى ستقدم إلى الحكومة المصرية، فى الوقت التى نسعى فيه إلى الحصول على صورة أوضح".
وكان الجيش المصرى قد أكد لإدارة أوباما بعدم عزمه الحكم لفترة طويلة فى أعقاب الإطاحة بالرئيس محمد مرسى، وقام الجيش بطرح تشكيل حكومة مدنية من التكنوقراط لتدير شئون البلاد مؤقتا فى مسعى واضح لتجنب عقوبات أمريكية محتملة، وفقا لمسئولين أمريكيين يوم أمس الأربعاء. وتعهد الجيش المصرى بحماية المواطنين الأمريكيين فى مصر.
وقال ستيفن مكينيرنى، المدير التنفيذى لمشروع الديمقراطية فى الشرق الأوسط، إنه فى الوقت الذى فقدت فيه الولايات المتحدة الكثير من نفوذها فى مصر كنتيجة لثورة 25 يناير، إلا أن عودة الجيش مجددا سيعطى الولايات المتحدة المزيد من النفوذ بشأن نتيجة الاضطرابات الحالية. وقال "إن الطرف الذى كان يمتلك التأثير الأكبر هو الجيش والذى أصبح الآن الطرف الأكثر أهمية".
الأسوشيتد برس: أوباما يتعاطى بحذر شديد مع عزل مرسى
الجمعة، 05 يوليو 2013 09:24 ص
أوباما
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حافظ إمام ( مصرى أصيل حر )
نحن مع السلام لا مع الإرهاب