سبحان الله، ما هذا التشابه العجيب لكل ما يحدث الآن وبين ذلك الذى كان يحدث ويتداول من أحاديث من كلا الطرفين أثناء ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١.
هناك مجموعة فى السلطة لا ترى شيئا سوى أنها أتت بإرادة شعبية عبر الصناديق، هكذا يقول الدكتور مرسى وفريقه وكذلك كان يعتقد مبارك، فكرة التزوير أو غيره ليس لها وزن عند من يمتلك السلطة بعد إعلان النتيجة الرسمية من اللجنة العليا للانتخابات، فهم من وجهة نظرهم كحكام للبلاد هم أصحاب الشرعية ويجب أن يدافعوا عنها فلا ننسى أن مبارك أيضاً أتى بالصندوق !!!!
قال مبارك سابقا وقبل التنحى: يا أنا يا إما الفوضى، والعجب أن ذلك تماماً ما قاله د.مرسى بالأمس عبر تصريحات الرئاسة.
قال مبارك أيضاً يا أنا يا الإخوان !! وقال د. مرسى يا أنا يا إما فلول الحزب الوطنى والنظام السابق!! وكأن الشعب قد تم اختزاله إلى إخوان و فلول أو كأن الذى يصلح أن يحكم مصر لا يمكن أن يخرج عن هذين الفصيلين !!
قال مبارك عبر إعلامه حين ذاك أن من فى الميدان هم قلة مندسة مأجورة أو عملاء لدول أجنبية ومخربين ينتهجون العنف سبيلاً للانقضاض على الحكم، وهذا هو نفس ما يردده أنصار وإعلام د. مرسى أن هؤلاء الذين نزلوا فى ميادين مصر يوم ٣٠ يونيو (٣٣ مليونا حسب إحصائية موقع جوجل إيرث ) هم أرباب عنف منقلبون على الشرعية ويجب التصدى لهم للدفاع عن شرعية الدولة.
بالأمس كان عندنا دستور ١٩٧١ كان يستند إليه ويستقوى به النظام السابق بالرغم من كل ما شابه من عوار، واليوم يستند النظام الحالى على دستور ٢٠١٢ على الرغم من كل التحفظات التى وضعت عليه أو على الطريقة والسرعة التى تم التصويت على مواده فى جلسة ليلية مطولة خشية أن يتم حل اللجنة التأسيسية بواسطة المحكمة الدستورية العليا وتصبح البلاد بلا دستور وبالتالى ستتقلص الشرعية التى يكتسبها الرئيس الحالى ويظل عند ذلك رئيس مؤقت لحين كتابة دستور دائم يتوافق عليه أطياف الشعب ثم يقره عن طريق الاستفتاء.
بالأمس وأثناء ثورة ٢٥ يناير تم حرق مقرات الحزب الوطنى فى كل محافظات مصر تقريباً ومع ذلك لم يقل أحد بمن فيهم الإخوان المسلمين أن الثوره فقدت سلميتها وانتهجت العنف، واليوم يتم حرق مقرات الإخوان وحزب الحرية والعدالة فى غالبية المحافظات بنفس الطريقة، إن الرسالة التى يجب أن يعيها الإخوان وحزب الحرية والعدالة أن التشابه كبير فى أن الغضب هو الذى دفع بعض الأشخاص لحرق المقرات الخاصة بالحزب الوطنى فى ٢٥ يناير كدليل وكرمزية على حجم هذا الغضب، ولكن الجزء الأهم فى رسالة حرق المقرات بالنسبة للإخوان وحزب الحرية والعدالة أن حجم الكراهية التى اكتسبوها بعد عامين ونصف على الثورة وبعد سنة واحدة فى مقاعد الحكم تساوى بل قد تزيد على حجم هذا الكرة الذى تولد فى نفوس هذا الشعب بعد ٣٠ سنة من حكم النظام السابق.
أنا ضد حرق المقرات أو الممتلكات العامة والخاصة لأنها فى النهاية أموال الشعب المصرى الذى يجب أن تصان وأنا مع فكرة الدروع البشرية لحماية المنشآت التى قد تتعرض للحرق أو للنهب مثلما قام الشباب فى ٢٨ يناير بحماية المتحف المصرى بأجسادهم خشية نهب ثروات وتاريخ مصر.
ما أشبه اليوم وشهداء اليوم بشهداء الأمس، رصاص وخرطوش وقنص مجهول المصدر، الإخوان فى ميدان رابعة العدوية يحملون العصى ويلبسون الخوذ لاستعراض القوة والشكيمة ولكنى مع ذلك أربأ بهم عن فكرة أن يقتلوا أبرياء يتظاهرون، ولكن هناك أيضاً من يحاول منهم أن يدافع عن مقرات الحزب والجماعة وهناك إدعاءات يصعب على المحكمة إثباتها أن هناك طلقات خرجت من داخل مقرات الإرشاد أو حزب الحرية والعدالة، وهذا يشبه إلى حد بعيد بالرصاص الذى انطلق من الشرطة لحماية الأقسام فى يوم ٢٨ يناير وتم تبرأتهم جميعاً لأن القانون يخول لهم الدفاع عن أقسام الشرطة حتى لو استخدموا الرصاص الحى.
الشىء الأغرب فى مقارنة الأحداث فى المرتين هو هذا البطء الذريع فى التجاوب مع الأحداث المشتعلة وهذا الانفصال التام عن نبض الشارع وكأن من يدخل القصر الرئاسى يفقد الحاسة العادية للنظر أو السمع فهو يرى فقط ما يريد أن يراه (هناك حشود مؤيدون ومعارضون، ما المشكلة، هكذا كل الدول الديمقراطية) ويسمع فقط ما يريد أن يسمع (كله تمام ياريس، الأمور تحت السيطره، إحنا بنخدم البلد وربنا يقوينا نكون قد المسؤوليه الى حملهالنا الشعب لما انتخبك ياريس) !!!!
أما رد الفعل الرئاسى على الأحداث فهو غير متوافق مع سرعتها ويأتى بالقطاره، فالدكتور مرسى من خلال بيان الرئاسه يقول أنه يتفهم مطالب الجماهير ويوجه الوزراء والمحافظين بتنفيذ توجيهاته لتلبية مطالب الشعب !!! أية مطالب ياسيادة الرئيس سينفذها الوزراء، المطلب الوحيد اليوم هو إنتخابات رئاسيه مبكره، ومطلب الغد سيكون الرحيل دون شروط ومطلب بعد غد سيكون الرحيل والمحاكمة.. فحتى اليوم ما زال لك الاختيار، والتأخير سينزع هذا الاختيار منك فرجاء الانتباه..
ولكن هناك اختلافا مهما بين ما حدث يوم ٣٠ يونيو من خروج الناس ونزولهم ضد الإخوان والرئيس مرسى وبين ٢٥ يناير، أهم ملاحظة هى أن الشرطة لم تتعرض للمظاهرات والمسيرات بالقمع أو التفريق، وذلك فى اعتقادى هو التغيير الحقيقى الذى حدث فى التعامل مع الحدث من قبل الشرطة سواء كان ذلك عن تغيير داخلى حقيقى فى عقيدة الشرطة أو بسبب تعليمات من الرئاسة بعدم التعرض للمتظاهرين خشية تفاقم الأحداث، ولكن فى كل الأحوال هو شىء جلل أعطى للناس العادية الشعور بالأمان للنزول والتعبير عن رأيهم دون الخوف من القمع أو الغاز المسيل للدموع، ذلك الشعور بالأمان هو الذى أعطى هذا الزخم غير المسبوق فى الشوارع والميادين فى كافة أنحاء مصر من الشمال إلى الجنوب.
إننى أرى انتفاضة شعبية ديمقراطية سلمية ضد رئيس منتخب يقول له الشعب لقد أخطأنا بإعطائك الأغلبية ونريد أن نصلح هذا الخطأ، لقد اخترناك لأننا اعتقدنا أنك الأقرب إلى الثورة بل جزء مهم من الثورة بشبابك فى الميدان ولكنك أخطأت عندما تجاهلت مطالبنا والتواصل معنا ولم تف بتعهداتك واتفاق النخبة معك فى فندق الفيرمونت والبيان الشهير الذى تلاه الإعلامى القدير حمدى قنديل ولولاه لما حصلت على هذه النسبة الضئيلة والمهمة التى رجحتك على منافسك، لقد أخطأت بإعلانك الدستورى فى نوفمبر الماضى والذى بسببه انفضت النخب السياسية عنك وأخذت الموقف المعارض لسيادتك وتأكدت بالدليل أنك لا ولن تستمع إليهم فلا تلومهم على مقاطعتك واستقالاتهم من حولك بعدما تيقنوا من عدم جدوى الحوار أو الاقتران مع المؤسسة الرئاسية.
أنا ما زلت أرى أن وجودك وليس منافسك فى منصب الرئيس فى ذلك الحين كان يعنى الاستمرارية للثورة والذى دفع البعض إلى قبول ذلك مضطرين على اختلافهم معك كان بسبب الوضع المعقد الذى أعاد الفريق شفيق لسباق الرئاسه فى سقطه قانونيه للجنة الانتخابات الرئاسية والتى كان يجب عليها تنفيذ قانون العزل السياسى حتى لو تم الطعن عليه دستورياً بعد ذلك ولكن اللجنة فى استباق لنتيجة طعن لم يحدث بعد وفى لمحة أرادوا فيها أن يحصنوا دستوريا منصب الرئيس القادم من الطعن فرأوا أن ينزل الفريق للانتخابات ولو خسر يكون الأمر قد مر وانتهى ووفروا على مصر تكلفة إعادة الانتخابات، وكان هذا هو الخطأ الفادح الذى ندفع ثمنه الآن فلم يكن هناك اختيارات بعد تفتت أصوات المرشحين الأقرب وهم الأستاذ حمدين صباحى ود.أبو الفتوح، وبذلك يكون النزول ضدك الآن يا د.مرسى هو استمرار للثورة أيضاً بسبب أدائك المتواضع فى عام من حكم مصر، وأؤكد أن الذين نزلوا يوم ٣٠ يونيو لم ينزلوا ضد الإسلام أو المشروع الإسلامى كما يدعى البعض ولكنهم أناس عاديون مسلمون وغير مسلمين يريدون الحياة الكريمة والعدل الذى كفله الإسلام، فهم ليسوا ضد الإسلام ولكنهم ضد رئيس أخفق فى احتوائهم والتواصل النفسى معهم حتى يكونوا عونا له فى تحقيق حلمه وحلمهم فى حياه أفضل لكل المصريين بما يتطلبه ذلك من تضحيات مطلوبة من المواطن البسيط يستطيع أن يقدمها إذا استطعت أن تريه ضوءاً فى نهاية النفق المظلم الذى ظل قابعاً فيه أكثر من ٣٠ عاماً. وأنا لا أحملك أو وزراءك كل الأوضاع المتردية فى مصر من اقتصاد وتعليم وصحة فهى تركه ثقيلة من الفشل عبر سنوات سابقة توجت بتوقف شبه كامل لعجلة الإنتاج ومصادر الدخل القومى أهمها السياحة بسبب تردى الأوضاع الأمنية بعد ٢٥ يناير، ولا يمكن لعاقل أن يتوقع منك أو من غيرك نتائج ملموسة فى ظل الظروف والأوضاع الراهنة، ولكن مشكلتك الحقيقية أنك فشلت فى احتواء هذا الشعب وهذه الفصائل السياسية التى لولاها وبصدق لما أصبحت رئيساً، هذا هو الخطأ الكبير الذى حتى الساعات القادمة يمكنك تصحيحه مع الاحتفاظ بمستقبلك ومستقبل حزبك فى العمل السياسى، أما الاستعلاء فسيذهب بك و سيذهب بالحزب الذى تمثله كما ذهب الحزب الوطنى وسيعود بجماعة الإخوان إلى ممارسة نشاطهم وتنظيمهم السرى من جديد على أمل أن تأتى لهم فرصة التمكين مرة ثانية ربما بعد ٨٠ عاماً أخرى ولعلهم فى أجيالهم القادمة يكونون قد تعلموا من أخطائهم عند فرصة التمكين الأولى التى سنحت لهم فى أول العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
killer bee
انها لا تعمي الأبصار