رغم انشغالهم بأزماتهم الداخلية الحادة، تابع اللبنانيون بترقب وقلق تطورات الأحداث فى مصر أمس، إلى أن ساد الارتياح لدى قطاع كبير منهم بعد بيان الفريق أول عبد الفتاح السيسى، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع، الذى أعلن فيه عن خارطة طريق لحل الأزمة السياسية فى مصر.
فالمكانة التى تحتلها مصر فى قلب الشعب اللبنانى، جعلت الأحداث بمصر فى مقدمة اهتماماتهم اليومية، وكل مواطن لبنانى له وجهة نظر فى الأحداث، كأنها شأن داخلى لبنانى، وإن كانت بنسبة كبيرة تؤيد المظاهرات التى طالبت برحيل الرئيس السابق محمد مرسى ويعتبرونها ثورة جديدة، وبعضهم على اتصال بأقارب وأصدقاء مصريين، يشاركون فى هذه المظاهرات.
و"معارضو مرسى فى لبنان"، إن صح التعبير دوافعهم مختلفة، فمنهم من يرى أن أداء الرئيس السابق السياسى تسبب فى احتقان الأوضاع فى البلاد، خاصة الإعلان الدستورى، وما يسمى بمصطلح "الأخونة" التى يتحدث عنها اللبنانيون كثيراً بعد أن سمعوا عنها عبر وسائل الإعلام المصرية المشاهدة بنسبة جيدة فى لبنان.
وهناك جزء من هؤلاء المعارضين ينتمى لليمين اللبنانى المتخوف تقليديا من الحركات الإسلامية والقومية على السواء (ولا يفرق بينها عادة) وهذا اليمين يؤمن تاريخيا بانعزال لبنان عن محيطه العربى، أما جزء كبير من الرافضين لمرسى أيضا وخاصة من المثقفين، فهم من القوميين العرب ومن الناصريين، وهم يرون فى الأحداث الجارية امتدادا للصراع التاريخى بين الإخوان وجمال عبد الناصر، وهؤلاء مستاءون بشكل خاص من مقولة الرئيس السابق الشهيرة فى ميدان التحرير "وما أدراك ما الستينيات".
فجمال عبد الناصر إذن هو الغائب الحاضر منذ ثورة 25 يناير بالنسبة لغالبية اللبنانيين، فهم منذ قيام هذه الثورة فى عام 2011 يتطلعون إلى أن تستعيد مصر مكانتها زمن الزعيم الراحل، وينتقد كثير منهم مرسى لعدم اتخاذه مواقف حازمة ضد إسرائيل وما يعتبرونه تقاربا زائدا مع الولايات المتحدة فى عهده.
وفى المقابل، فإن كثيرا من اللبنانيين من ذوى الميول الإسلامية السياسية كانوا يطالبون بإعطاء الرئيس السابق محمد مرسى فرصة ثانية، ويتخوفون من أن يتعرض الرئيس القادم لموقف مشابه عند أول قرار مثير للجدل.
أما جمهور حزب الله اللبنانى، فموقفهم من مرسى مرتبط بموقف الأخير من الأزمة السورية، فهم مستاءون من التصعيد الأخير للرئيس السابق ضد نظام بشار الأسد فى مؤتمر الصالة المغطاة الشهير المسمى "مؤتمر الأمة لنصرة سوريا"، ويتهمون الإخوان بأنهم وضعوا يدهم فى يد إسرائيل وأمريكا وما يسمونه الحلف التكفيرى الصهيونى - الأمريكى، رغم اعترافهم بأن جماعة الإخوان المسلمين أقل الجماعات الإسلامية السنية توجسا من الشيعة، وهكذا اختلطت الاختلافات السياسية والطائفية للبنانيين مع حبهم لمصر لتنتج اهتماما استثنائيا بالشأن المصرى.