إن من يتأمل المشهد المصرى الحالى يدرك أن الخلاف بين القوى الدينية فى جانب والقوى الوطنية فى جانب آخر، إنما هو «خلاف ثقافى» بالدرجة الأولى، فالمنطلقات مختلفة، ونوعية التعليم متباينة، والخلفية الثقافية هى المصدر الحقيقى لكل ما نراه من تفاوت وصراع، ولا يعنى ذلك أننى أقوم بالمفاضلة بين تيارين ولكننى أشير إلى زاوية محددة، وهى أن الاختلاف فى نوعية التعليم ومصدر الثقافة والخلفية الفكرية هذه كلها قد أدت إلى نظرة مختلفة للهوية المصرية، فأصبح الصراع فى ظاهره سياسيًا، بينما هو فى جوهره فكرى ثقافى بالدرجة الأولى، إنه ليس تنافسًا حزبيًا كما هو الحال فى معظم الدول، ولكنه صدام فكرى حول «هويّة مصر» وذلك هو جوهر المشكلة فى الحالة المصرية الراهنة بخصائصها المتفردة وتركيبتها المعقدة.