العدالة الانتقالية

كانت ومازالت العدالة الانتقالية هى أحد المطالب الهامة لثورة 25 يناير 2011 ومن بعدها ثورة 30 يونيو 2013 التى أكدت وأصلت لهذا المطلب الهام والذى نادى به كثير من جموع هذا الشعب العظيم التى خرجت لتصحيح مسار ثورة سبق اختطافها ولم تحقق أى من أهدافها التى قامت من أجلها نتيجة ما قام به تنظيم الإخوان الفاشل من إدارة شؤون البلاد وفقا لرؤيتهم، وبما يخدم مصالحهم الخاصة ومصلحة تنظيمهم، ودونما نظر للمواطنين ومصالحهم ومصالح البلاد بشكل عام، والعدالة الانتقالية وهى ترتبط كثيرا بالثورات والانقسامات الحادة فى البلاد، ولذلك فإنها تكون ناجحة فى رأب الصدع وحل هذه الانقسامات، ولكن تم إهمال هذا المطلب المهم والالتفات عنه وكأن الغرض من عدم إثارته هو إغلاق ملف التجاوزات وعمليات القتل والتعذيب وكل ما يتعلق بها، وكان أوضح دليل على ذلك هو إهمال الطعن على القضايا التى ارتبطت بالثورة المصرية وكأن الهدف من ذلك هو إخفاء الفاعل الحقيقى وعدم محاسبته، والعدالة الانتقالية تمثل أيضا وسيلة هامة للاستقرار فى أى بلد، ولها متطلبات عدة حتى تحقق هدفها، وهى أولاً المحاسبة والقصاص وتحديد مسؤولية مرتكبى الجرائم على اختلافها، وثانيًا حصر ضحايا الجرائم وتخليد ذكراهم، وثالثا إصلاح مؤسسات الدولة وتطهيرها من المسؤولين عن الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان وحرياته، وتنتهى، رابعا، بالمصالحة الوطنية الشاملة، والعدالة الانتقالية بهذا المفهوم تتماشى بشكل كامل مع الشريعة الإسلامية التى تحقق إرضاء أولياء الدم والمعالجة النفسية للمجنى عليهم وتعويضهم عما لحقهم من أضرار وما تعرضوا له من ممارسات وجرائم وإعادة دمج من بقى منهم على قيد الحياة فى المجتمع.

ومع التغيير الوزارى الجديد وتشكيل الحكومة الجديدة التى تم تعيين أحد وزرائها وزيراً للعدالة الانتقالية، أتمنى أن يبدأ عمله وفقاً لمتطلبات العدالة الانتقالية للانتهاء منها فى أسرع وقت ممكن، كى تنطلق بلادنا للأمام مع التأكيد على آليات معالجة الانقسام المجتمعى فى بلادنا من خلال التأكيد على أن حماية أمن المواطنين وسلامتهم وصيانة حقوقهم وحرياتهم مسؤولية أساسية للدولة بأجهزتها ومؤسساتها وأن تحقيق المصالحة الوطنية وإزالة حالة الاحتقان التى يعانى منها مجتمعنا تقتضى معرفة كل ما حدث من تجاوزات وانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها طبقاً للقانون وإعمالاً لمبدأ سيادة القانون.