صورة الديكتاتور لا تختلف كثيرا فى سينمات العالم، فالديكتاتور واحد أيا كانت ثقافته أو بيئته، نفس الوجه القاسى، صاحب الملامح الحادة ونظرة العين الميتة، يجلس على كرسيه فرحا، نهما لكل شىء من متع الحياة، وما بالك إذا كان الديكتاتور سفيها أو مريضا بجنون العظمة أو أضعف الإيمان صدق نفسه وأصبح منبهرا بالكرسى الذى يجلس عليه، والسلطة التى يظن أنه يمتلكها، يأمر فتطاع أوامره ويجرى الخدم من حوله، ويكثر الخدم والمتحولون، الذين يملكون نفسية الخدم ولا يمانعون فى خدمة أى ديكتاتور وكل نظام حتى لو كان يقتل ويبيد ويغتصب حقوق شعبه، بقراءة بسيطة لمشاهد أول أمس والخروج المهيب لكل فئات الشعب المصرى والذى انتفض فى القرى والمراكز والمدن، ستجد أن أزمة كل نظام ليس فى رأسه بل تتمثل أكثر فى هؤلاء الذين يتكتلون حوله، ويحاولون طوال الوقت أن يصوروا له أن الدنيا وردية اللون، وأن المعترضين عليه لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة وأنهم خونة ومغرضون، بل إن بعضهم يردد بغباوة منقطعة النظير، أن الأعداد عادية وأنهم ليسوا ملايين بل يبالغ ويؤكد فى ثقة عمياء أن أنصار الرئيس أقصد «الديكتاتور» فى ميدان رابعة العدوية تفوق أعدادهم بخمس مرات أعداد كل المصريين فى الشوارع والمحافظات، لم أصدق أذناى وعيناى وأنا أرى بعضا من قيادات الإخوان المسلمين وأعضاء حزب الحرية والعدالة وأنصارهم وهم يصرون على أن يلعبوا دور الأعمى - مع احترامى لكل فاقدى البصر، فبصيرتهم أهم بكثير ويرون ويشعرون بها - أما هؤلاء فهم فاقدو البصر والبصيرة، يختزلون المشهد فى أرقام ويحاولون لعب دور الضحية، ويرددون أنهم دعاة سلم وينبذون العنف رغم أن مؤيدى الرئيس يمسكون بالهراوات ويرتدون الخوذات ويقتلون الحلم ويغتالون الشباب الطاهر الذى يحلم باسترداد بلده، من يد من طغى وتجبر، من جعل مصر تعود عصورا إلى الوراء، من فرق الوطن، من جعل حدوده مهددة، من جوع الشعب، مرسى الجالس فى الاتحادية أو فى دار الحرس الجمهورى أو فى أى مكان يحتمى بأنصاره، من فاقدى البصر والبصيرة الكارهين لمصر وطنا وشعبا لم يعرف يوما سوى الوسطية، أما أنت وأنصارك وجماعتك فلم تقدموا شيئا من الخير الذى وعدتم به مصر والمصريين، فقط أهنتم الوطن والمواطن، مرسى.. صدق جماعتك وصدق ما ينقلون لك ويروونه بالنيابة عنك، فالشوارع هادئة ولا أحد يحتج وأنت فى مأمن، صدق أن الشعب لا يصرخ، وأن الفقير لا يعانى، صدق أن الإعلام هو العدو الأول، وأن فلول النظام السابق هم فقط من يهددون عرشك، صدق أن طوابير البنزين هى حالة نفسية، لا تسمع سوى لخيرت الشاطر وعصام العريان وحمزة زوبع، وصفوت حجازى ومحمد البلتاجى، وغيرهم من أتباعك الذين يتعاملون معك بنفس الطريقة التى قدمها النجم محمد صبحى والكاتب لينين الرملى فى «مسرحيته الديكتاتور والشعب فى جمهورية أنتيكا».. مرسى نحن لسنا شعب جمهورية أنتيكا، ومصر أكبر منك ومن جماعتك بكثير، لذلك عش فى أوهامك وأوهام من حولك وتعامل على أن حشودك وأنصارك سيحمونك من الشعب، ولكن غدا لناظره قريب، ستصحو يوما على صوت الجماهير الهادر، وعلى موجات غضب أعنف وأكثر قوة أنت وجماعتك وإخوانك أصبح لكم تار فى كل دار فى مصر، مصر التى لم تقدر حجمها وقيمتها، ولن تسمع وقتها.
أَنا إِن قَدَّرَ الإِلَهُ مَماتى سوى صوت مصر يقول: لا تَرى الشَرقَ يَرفَعُ الرَأسَ بَعدى.
ما رَمانى رامٍ وَراحَ سَليماً ومِن قَديمٍ عِنايَةُ اللَهُ جُندى.
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى
مقالة جميلة
عدد الردود 0
بواسطة:
هشام الشبيني ( مصري مقيم في السعودية )
شكرا جزيلا على الكتابة الصادقة النابعة من القلب
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد كمال الشافعي
مقال رائع