علقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على الخطاب الذى ألقاه الرئيس محمد مرسى، فى ساعة متأخرة أمس الثلاثاء، وقالت إن مرسى كان متحدياً وسط الضغوط المتزايدة عليه للتراجع مع اقتراب المهلة التى حددها الجيش للاستجابة لمطالب الشعب من الانتهاء، وحتى مع تفكك حكومته على ما يبدو.
وأضافت الصحيفة، "قبل ساعات قليلة من انتهاء مهلة الجيش اليوم، فإن مصر تندفع بسرعة نحو مواجهة مسلحة".
وقالت الصحيفة، إن الرئيس ظل يلوح بيديه ويهز قبضته فى خطابه الذى استمر 45 دقيقة، وأقيم فيه على التزامه بالعملية الديمقراطية التى أتت به إلى السلطة، محذراً من أن أى محاولات لتخريب الدستور غير مقبولة، وناشد مرسى المصريين لمنحه مزيداً من الوقت للتعامل مع مشكلات البلاد، مع اعترافه بارتكابه أخطاء فى العام الأول له فى الرئاسة.
واعتبرت "واشنطن بوست "أن خطاب مرسى يمثل تحدياً مباشراً للجيش، وإشارة إلى فشل جهود التوسط فى الأزمة حتى الآن".
وسردت الصحيفة التطورات المتلاحقة فى مصر أمس الثلاثاء، من استقالة عدد من المسئولين فى الحكومة والرئاسة، والاشتباكات الدموية أمام جامعة القاهرة، وتهديدات شخصيات بارزة فى التيار الإسلامى وجماعة الإخوان المسلمين بعدم السماح بإخراج مرسى بالقوة من منصبه، ومن بينهم محمد البلتاجى، ثم قالت إنه بالنسبة للمحللين السياسيين، ومعارضى الرئيس، فإن ترك الرئيس لمنصبه أصبح أمراً مفروغاً منه.
وتقول ميشيل دون، مديرة مركز رفيق الحريرى بالمجلس الأطلنطى، وهو أحد المراكز البحثية الأمريكية، إنها ترى أن صدور بيان من الجيش بمهلة 48 ساعة يعنى أن الأمر قد انتهى، فتحديد مهلة قصيرة كان بمثابة إخبار المتظاهرين، "انظروا، هذا لن يستغرق 18 يوماً، فى إشارة إلى الفترة التى استغرقتها ثورة 25 يناير للإطاحة بمبارك، وأن هذا سيستغرق يومين".
من ناحية أخرى، نقلت الصحيفة عن محللين قولهم، إنه لم يتم تهميش مرسى أو إجباره على ترك منصبه بشكل كامل، فإن أنصاره الإسلاميين سيواجهون واحداً من خيارين، إما الموافقة على أى دور سياسى يسمح به الجيش لهم، أو اللجوء إلى العنف.
ويقول جوشوا ستاشر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كنت الأمريكية، إنه من النادر تاريخياً أن يترك رئيس منتخب السلطة بدون الكثير من الدماء، ويضيف أن الإخوان يرون أن ما يحدث تهديد وجودى.
ويتابع ستاشر قائلاً، "إن الإسلاميين ليس لديهم رغبة فى العودة إلى السجون، لذلك يحاربون لأنهم يعتقدون أن لديهم تفويضا انتخابيا، وهو أمر حقيقى".
واشنطن بوست: الاضطرابات السياسية فى مصر تضع أوباما فى موقف غير مُستقر.. مسئول أمريكى: واشنطن تحاول أن تسير على خط رفيع فى التواصل مع القادة السياسيين والعسكريين ولا تريد أن تبدو محركة للأمور
تعليقا على موقف الولايات المتحدة من التطورات الأخيرة، قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الاضطرابات السياسية فى مصر تضع إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى موقف غير مُستقر. وأوضحت "الصحيفة" أن مصر ما بعد الثورة وعلى مدار العامين الماضيين كانت أشبه بحقل ألغام لإدارة أوباما التى صارعت من أجل أن توازن بين دعمها للتحول الديمقراطى بحاجاتها إلى الحفاظ على مصالحها فى المنطقة؛ وقد ترك الفصل الأخير من التحول السياسى الهش فى مصر الإدارة الأمريكية فى موقف ربما يكون الأكثر تزعزعا على الإطلاق.
فمع العاصفة التى يواجهها محمد مرسى من المعارضة، فإن واشنطن وسفيرتها فى القاهرة، آن باترسون، بدوا مثل القضبان المضيئة، ويقول المطالبون برحيل مرسى "إن الولايات المتحدة تشعر براحة مع الإخوان المسلمين".
وبعدما دعم أوباما مرسى، بدت إدارته وكأنها تنأى بنفسها عنه هذا الأسبوع مع بيان البيت الأبيض الذى قر "أن أوباما قال لمرسى فى مكالمة هاتفية، إن الولايات المتحدة لا تدعم طرفا أو جماعة بعينها".
ويقول المحللون "إن التحول يبدو معايرة لاحتمال أن يطاح بمرسى فى الأيام المقبلة"، ويقول شادى الحميد الخبير بمركز بروكنجز، "إن الولايات المتحدة تحوط رهاناتها بالطريقة التقليدية لهذه الإدارة، فهى لا تريد أن تتبنى موقفا أو آخر".
وتقول "واشنطن بوست" إن المسئولين الأمريكيين يراقبون الأزمة بقلق متزايد، لكنهم راغبين فى أن ينظر إليهم على أنهم محركين للأمور.
ونقلت الصحيفة عن أحد كبار مسئولى الإدارة الأمريكية، الذى رفض الكشف عن هويته لحديثه حسابات عن الإدارة، قوله: "إن واشنطن تحاول أن تسير على خط رفيع فى التواصل مع القادة السياسيين والعسكريين، ولا أحد حريص على أن يظهر وجود يد أمريكية قوية فى خضم هذه الأزمة الذى وصفها بأنها شديدة الميوعة.
وترى الصحيفة، أن هذا الموقف تشكل ربما جزئيا بسبب الاعتراف بمدى الاستقطاب الذى أصبحت عليه السفيرة الأمريكية فى الأسابيع الأخيرة، بعدما أدلت بتعليقات عدة عن الشئون المصرية الداخلية، حيث دافعت باترسون عن مرسى، فطالب معارضوه بتركها للبلاد.
وقالت السفيرة الأمريكية، إن البعض يقول إن الشارع يمكن أن يفرز نتائج أفضل من الانتخابات، ولكن للصدق، فإننى وحكومتى نتشكك للغاية فى هذا، فمصر تحتاج إلى الاستقرار لتنظيم بيتها الاقتصادى، ومزيد من العنف فى الشارع لن يؤدى إلا إضافة أسماء جديدة إلى قائمة الشهداء.
وترى ميشيل دون، مديرة مركز رفيق الحريرى بالمجلس الأطلنطى، آن باترسون أخطأت فى الحديث بصراحة شديدة، وتقول دون: ربما كان من الخطأ أن تقوم السفيرة بالتعليق بهذا التفصيل على الساسة المصرية الداخلية فى وقت تفجر فيه الأمور، إلا أنها لم تكن تريد التأثير فى السياسة المصرية.
وترى الخبيرة الأمريكية "أن واشنطن كررت علاقتها مع مبارك مرة أخرى مع مرسى، مشيرة إلى أن المسئولين الأمريكيين ركزوا جهودهم على دعم الرئيس ودائرة مستشاريه الصغيرة".
الإعلام الأمريكى يسلط الضوء على تحدى مرسى للشعب والجيش.. ويحذر من عودة الإسلاميين لعنف التسعينيات.. ويؤكد: خارطة الطريق تظهر للعالم أن الجيش لا يهدف للانقلاب
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الدكتور محمد مرسى تحدى فى خطابه، مساء الثلاثاء، تحذير القوات المسلحة بالرضوخ إلى رغبة ملايين المحتجين المصريين الذين يطالبونه بالرحيل.
وأضافت أن مرسى أصر على أنه الرئيس الشرعى للبلاد، ملوحا أن أى محاولة لإزاحته من السلطة ستغرق البلاد فى الفوضى، ويبدو أنه تجاهل الأعداد القياسية من المصريين الذين خرجوا إلى الشوارع مطالبين برحيله.
وتحذر الصحيفة الأمريكية، أن تحدى مرسى وجماعته للشعب والجيش، يثير شبح السنوات الدامية فى التسعينيات عندما استخدمت الجماعات الإسلامية المتطرفة العنف فى محاولة للانقلاب على الحكم.
وقالت وكالة الأسوشيتدبرس، إن مصير أول رئيس منتخب فى مصر معلق، قبل ساعات من انتهاء المهلة التى حددها الجيش للإذعان لمطالب ملايين المتظاهرين، وأشارت إلى أن مرسى أصر على التحدى فى خطابه ليشعل نيران مواجهة كبرى بين أنصاره الإسلاميين والمصريين الغاضبين من محاولة الإخوان الاستيلاء على السلطة وفشله فى إدارة البلاد.
وبينما يتمسك مرسى بالشرعية، فإن الثوار يؤكدون أنه فقد شرعيته عبر سلسلة من الأخطاء والاستيلاء على السلطة، جنبا إلى جنب مع رفض ملايين المصريين الذين يخرجون لرفضه منذ الأحد الماضى.
وتشير الوكالة الإخبارية إلى أن الإخوان المسلمين والإسلاميين المتشددين استدعوا أنصارهم للخروج إلى الشارع، بداعى الدفاع عن الشرعية، مما أسفر عن أحداث عنف فى أماكن عديدة من البلاد أمس الثلاثاء.
وتضيف أن تسريب خارطة الطريق السياسية التى أعدها الجيش، والتى تتضمن تعليق العمل بالدستور وحل مجلس الشورى والإعداد لانتخابات رئاسية مبكرة، يبدو أنه يهدف إلى إضافة مزيد من الضغط على مرسى من خلال إظهار نية القوات المسلحة أمام الجمهور، والمجتمع الدولى، التى لا تنطوى على أى انقلاب عسكرى.
وأكدت شبكة "سى.إن.إن" أن رفض مرسى الانصياع لتحذير القوات المسلحة، يمهد الطريق لمواجهة محتملة، ونقلت عن مصادر قولهم "إن الجيش سوف يختار مجلسا مؤقتً من القادة "المدنيين" بدلا من مرسى حتى يتم صياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات رئاسية.
ووفقا لمصدر مقرب من قيادات رفيعة المستوى فى مصر، فإن خطوات الجيش بعد انتهاء المهلة المحددة لمصر تتضمن الحد من نفوذ جماعة الإخوان المسلمين داخل مجلس الوزراء، والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة وانتخابات برلمانية.
وقال مسئولون حاليون وسابقون فى واشنطن لصحيفة وول ستريت جورنال، إن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما استخدمت قنواتها الدبلوماسية والعسكرية لتسليم رسائل هادئة، وتحذيرات لكلا من مرسى والقادة العسكرية.
وأشارت الصحيفة إلى تآكل دعم مرسى ليس على مستوى الشارع فقط، حيث استقال المتحدثون الرسميون باسم الرئاسة والمتحدث باسم مجلس الوزراء، هذا علاوة على الانشقاقات بين صفوف الوزراء أنفسهم.