حصلت "اليوم السابع" على مبادرة "العدالة الاجتماعية"، التى يتم مناقشتها فى الفترة الحالية بين شباب حزب الدستور وقياداته لتبنيها، قبل عرضها على الدكتور محمد البرادعى نائب رئيس الجمهورية وكل مؤسسات الدولة، رافعا شعار "دولة الرفاه الاجتماعى: زيادة الفقير غنى، وزيادة الغنى غنى".
وقد نصت المبادرة على أنه:
بعد ثورة قامت وبصورة أساسية على شعار "عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية"، وحزب بات يعرف بين المصريين بأنه "حزب الثورة"، حمل منذ اللحظة الأولى نفس الشعار مرتبطا باسمه، وأعلن منذ اللحظة الأولى أنه حزب "يسار الوسط" (ليبرالى اجتماعى) وأن "العدالة الاجتماعية" هى جوهر فكره، خاصة أنه بدونها، لا يمكنه لا الحصول على العيش، ولا الحرية ولا تحقيق الكرامة الإنسانية.
وخشية من خروج المصريين من فساد احتكار رجال أعمال نظام "لجنة سياسات" مبارك، إلى فساد احتكار رجال أعمال نظام "مكتب إرشاد" الإخوان، ليعودوا مرة أخرى إلى نفس آليات النظام الذين خرجوا عليه، مما قد يؤدى لثورة جياع دامية مدمرة ربما تعود بالتيار الإسلامى مرة أخرى.
لذلك تعلن مجموعة من أعضاء حزب الدستور اليوم، عن "مبادرة العدالة الاجتماعية" داخل الحزب، يهدفون من خلالها إلى التركيز على الدفاع عن قيم العدالة الاجتماعية، ومحاولة إقناع أكبر عدد من أعضاء الحزب برؤاهم وأفكارهم وخططهم للمساهمة فى تحقيق هذه القيمة، ليتبناها الحزب بأسره ويطالب بتحقيقها، حتى يتم تطبيقها فى مؤسسات الدولة من رئاسة وحكومة وبرلمان ومحافظات محليات.
ويهدف الأعضاء من خلال هذه الخطوة إثراء الحراك السياسى داخل الحزب، بل وداخل الحياة السياسية المصرية بأسرها، كما يحدث فى أحزاب الدول الديمقراطية التى يوجد بها تيارات وسط ويمين ويسار داخل الحزب نفسه، لكل رؤاه وأفكاره التى تتنافس وتتلاقح، حتى تثمر، "رؤية" سياسية اقتصادية اجتماعه عميقة صالحة للمساهمة فى حل مشاكل المجتمع المصرية، وقيادة الدولة إلى وضع مصر على الطريق الصحيح الذى نحلم به جميعا.
وتعتمد المبادرة مبدأ الطريق الثالث والذى يعنى : "الديمقراطية الاجتماعية" لتحقيق العدالة الاجتماعية.
فالعدالة الاجتماعية (التى كانت أهم قيمة قامت عليها الثورة وحزب الدستور) لا تعنى النظام الاشتراكى أو الاقتصاد الموجه، ولا تعنى على النقيض تقديم الفتات للفقراء كمتسولين أو كمستحقين لصدقة أو زكاة، لكنها تكفل حق الجميع أغنياء وفقراء فى ثروة وطنهم المنهوبة منذ آلاف السنين، ويمزج بين "الليبرالية السياسية" وبين "العدالة الاجتماعية".
وتعتمد الديمقراطية الاجتماعية على هذه مبادئ الحريات والمساواة والعدالة الاجتماعية والتضامن الاجتماعى والديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام.
وتقوم الرؤية السياسية الموجزة لمبادرة العدالة الاجتماعى بعد إسقاط نظام "مرسى – مبارك" (بلجنة سياساته ومكتب إرشاده) على ضمان الحكم المدنى الديمقراطى، والتعددية السياسية، وإعادة الأمن والاستقرار، لتنتقل مصر على المدى المتوسط والبعيد من دول العالم الثالث الفاشلة إلى دول الرفاه الاجتماعى والحكم الرشيد، وتقوم سياستها الخارجية على الاستقلالية الوطنية، وإعادة مصر إلى مكانها ومكانتها فى محيطها الأفريقى العربى والإسلامى والشرق أوسطى والعالمى، من خلال سياسة متوازنة بين الشرق والغرب، والاعتماد على قوتها "الناعمة" قبل "الخشنة"، وحشد كل طاقاتها فى الداخل والخارج لتحقيق هذه الأهداف.
ولن يحدث ذلك إلا إذا تم إعلاء المصلحة العامة قبل كل شىء وأن يكون الهدف تحقيق الحلم وليس الانتقام، خاصة الأمل فى حياة أفضل للجيل الجديد، وضرورة إيجاد نخبة جديدة مختلفة من خلال تمكين شباب لديه الوعى، الذى يتحقق من خلال تدريب وتثقيف سياسى واقتصادى وعلمى مكثف، وكذلك أن نهتم بالبحث ولو مؤقتا فى المرحلة الحالية عن "الإدارة الجيدة"، وصولا خلال سنوات إلى "الحكم الرشيد".
ويكون أساس هذه المشاركة الشعبية "الديمقراطية التشاركية" بديلا عن "الديمقراطية التمثيلية" بغرض بناء تحالف اجتماعى جديد يسعى للوصول للسلطة بشكل ديمقراطى تمثل فيه الطبقة الوسطى والعاملة والفلاحين والمهنيين والمفكرين والمثقفين ويتسع للرأسمالية الوطنية المنتجة التى تتعارض مصالحها مع سياسات الفساد وكذلك خلق آليات إضافية للديمقراطية تكفل فرض المشاركة فى صنع القرار فى مجالات الحكم المحلى والمؤسسى ومحاولة إحداث تغيير جذرى فى ثقافة المجتمع يكرس قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ودعم التعاون الذى يؤكد على الوظيفة الاجتماعية للملكية ولدور الوحدات الاقتصادية التعاونية.
كما تتمثل الرؤية الاقتصادية الموجزة لتيار العدالة الاجتماعية فى العدالة الاجتماعية بمفهومها البسيط، وهو"ضمان العدالة فى توزيع الثروة"، ولذلك فبدون وجود "ثروة" لا يمكن أن تكون هناك عدالة اجتماعية، الأمر الذى يتطلب تنوع مصادر الثروة.
الأمر الذى يجعلنا نتبع ما يمكن تسميته "بالطريق الثالث"، ( بعد فشل النظامين الشيوعى، والرأسمالى المتوحش فى عقر دارهما، وهو يقوم على نوع من المزج بين مزايا النظامين الرأسمالى واليسارى المعتدلين، فى فكر يعتمد على سيطرة الدولة على بعض المؤسسات والمشاريع الاستراتيجية (مثل المطارات والسكك الحديدة وقناة السويس ومصانع الأسلحة وغيرها)، وعلى فتح الباب المفتوح أمام القطاع الخاص (بشرط تحقيق المنفعة العامة والتزامه بالمسئولية الاجتماعية والشفافية)، ودعم القطاع التعاونى والشركات المساهمة التى تزيد من عدد المواطنين الذين يمتلكون جزءا من المشاريع المتوسطة والكبرى.
وبناء دائرة اقتصادية مفتوحة من الاستثمارات الدولية والعربية والمصرية (بما لا يضر الأمن القومى المصرى سياسيا واقتصاديا)، وزيادة فرص العمل لمكافحة البطالة والفقر بتحويل مصر كلها إلى ورشة عمل كبرى من خلال زيادة الاستثمارات والاكتتابات، والاقتراض من الصناديق السيادية للمشروعات الصغرى والمتوسطة بدون فائدة، مع ضمان حد أدنى أدنى للأجور (1500 جنيه) وحد أقصى 15 ضعفا للحد الأدنى (22500 جنيه)، وإنهاء فوضى المستشارين الذين يحصلون على المليارات شهريا، وكذلك المد فوق السن الذى يخضع للمحسوبية، وزيادة المعاشات بما يناسب الأجور، وضمان التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحى، ومنع دعم الطاقة (غاز ومازوت وسولار وكهرباء) للشركات الاستثمارية المصرية والعالمية الكبرى من شركات الأسمنت والأسمدة والحديد والألومنيوم والسراميك التى تبيع إنتاجها بأعلى من الأسعار العالمية.
وتقوم الدولة بلعب دور، "التاجر المرجح" لمواجهة الاحتكار والغلاء، وتعديل القانون الضريبى الحالى، بضرائب تصاعدية تصل إلى 40% على الأقل لذوى الثراء الباهظ والشركات الاستثمارية الكبرى، ذات الأرباح بعشرات ومئات الملايين كما هو الحال فى المعايير العالمية، والجدية فى تحصيل الضرائب من كبار الرأسماليين وشركاتهم (63 مليار جنيه، متأخرات ضريبية حاليا، وضعفها تهرب ضريبى).
ومن أهم ما تحمله المبادرة هو التعامل الرشيد مع البيئة ومكافحة التلوث ومن اهم المشاكل فى هذا الشأن تآكل الرقعة الزراعية وتلوث مياه النيل والجو وتصدير الدول الغنية، لنا صناعتها الملوثة، ومن أهم الأمور سياسيا توثيق التعاون بين مصر وحوض النيل خصوصا مع أزمة المياه حاليا مع دول المنبع.
وضرورة الاهتمام بفقراء الريف من مستأجرى الأراضى وذوى الملكيات المحدودة المقدرة بالقيراط وعمال اليومية وصغار الحرفيين والتجار وكل فئات الطبقة الوسطى وهى التى تضم الكتلة الواسعة من المهنيين والمثقفين والمعطلين عن العمل وفقراء المدن ساكنى العشوائيات، والرأسمالية الوطنية المنتجة المهتمة بزيادة الإنتاج القومى وكذا المشتغلون بالبحث العلمى.
وضرورة الالتفات لمنظمات المجتمع المدنى، التى تعمل على نشر ثقافة الديمقراطية وحرية الإعلام انصياعا منا وفهما فى آن واحد، أن الديمقراطية ليست الإجراءات فقط أو الصندوق، إنما كذلك قيم التعدد والتنوع والتداول السلمى للسلطة وسياق عام تمارس فيه العملية الديمقراطية بما يشمله من نزاهة وشفافية وحرية فى تداول المعلومات.
وهنا يأتى دور البرلمان ساعة انعقاده بعد شهور فى تشريع قوانين تساهم فى تطبيق هذه الاستراتيجيات السالفة الذكر، والتى تتمثل فى قوانين تشديد قوانين حماية المستهلك ومنع الاحتكار وإقرار قانون إتاحة المعلومات وتعديل قانون البنك المركزى بما يجبره على تحديد معدل تضخم معين، تتم محاسبته على تحقيقه بالإضافة أنه يجب أن يشمل القانون على ضمان استقلال المركزى عن السياسة المالية.
وقانون فرض قيود غير جمركية خاصة بالمواصفات لحماية الصناعات المصرية وآخر ليحدد احتمالية تصدير المواد الخام ثم استعادة تصديرها للحد من عجز الميزان التجارى، وقصره على مدخلات الإنتاج غير المتوفرة بمصر، وتغليظ عقوبات الفساد المالى والإدارى وضمان استقلالية الجهاز المركزى للمحاسبات وقانون توزيع المصروفات فى الموازنة وآخر للهيكل العام للأجور وربطه بالهيكل الوظيفى والإنتاجية ومعدل التضخم ومجال العمل مع ربط الحد الأدنى للأجر بخط الفقر وتحديد إعانة بطالة مرتبطة بالتدريب، وإقرار قانون بخصم تكاليف تدريب الطلاب داخل الشركات من الضرائب المفروضة عليها.
وقانون لوقف إهدار الدعم عن طريق دعم الخدمة أو المنتج النهائى وليس مدخلات الإنتاج وقانون لتحجيم التوسع الحكومى فى الاقتراض خصوصا الداخلى بأسعار فائدة مرتفعة مما يحسن فرصة المشروعات الخاصة فى الاقتراض بغرض الاستثمار ويجب بعد كل ذلك الترويج لنموذج دولة الرفاهة إعلاميا وتوعية المواطنين بالنتائج الإيجابية لتطبيقه.
ويجب أن يستغل أخيرا الإعلام للترويج لنموذج دولة الرفاهة الاجتماعى وآثارها الإيجابية بتفزيع الجمهور من النظام السابق، وآليات حكمه واقتصاده المصادر لحقوق الطبقة الوسطى والفقراء والمهمشين.
مبادرة "دولة الرفاه الاجتماعى" لشباب "الدستور"عن العدالة الاجتماعية.. أركانها: تحقيق الحلم بدولة ديمقراطية.. وتدعيم مجتمع المشاركة الشعبية.. وتنشيط النمو بدلا من التصدير.. وبناء دائرة اقتصادية مفتوحة
الإثنين، 29 يوليو 2013 01:20 م
صورة أرشيفية