د. نعمان جلال

مصر إلى أين؟

الأحد، 28 يوليو 2013 01:53 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أخطأ كثيرون فى فهم شخصية الشعب المصرى وهوية مصر كدولة ولعل فى مقدمة هؤلاء بعض المستشرقين، ولكن الأخطر عندما يخطئ دبلوماسى أمريكى يجيد اللغة العربية فى فهم الشخصية المصرية، والواقع المصرى، لأن ذلك يترتب عليه إساءة تقدير من القوة العظمى الوحيدة فى عالم العقود الأولى من القرن العشرين لدولة ليست فقط ذات تاريخ حضارى عريق، وإنما أيضا لها دور مهم فى أربعة محاور هى المحور العربى والإفريقى والإسلامى والدولى وأشير على سبيل المثال إلى ثلاث وقائع منها تحول مصر نحو الاتحاد السوفيتى، والكتلة الاشتراكية فى منتصف الخمسينات من القرن الماضى عندما أخطأت السياسة الأمريكية فى فهم مصر عبد الناصر، وتصورت أنه يمكنها الضغط على مصر لبناء السد العالى، والمثل الثانى عندما أخطأت السياسة الأمريكية فى فهم مشاعر الشعب المصرى، والجيش المصرى بعد هزيمة عام 1967 وتصورت أن مصر أصبحت جثة هامدة، وجاءت المفاجأة فى حرب أكتوبر1973، وثالثها أخطاء سفيرة الولايات المتحدة سكوبى فى قراءة الواقع المصرى، والغضب المصرى، ضد نظام مبارك ومساعيه لتوريث السلطة، وكذلك خطأ السفيرة التى أعقبتها وهى باترسون عندما تصورت أن فكر الإخوان المسلمين سوف يسود فى مصر ولذا فوجئت هاتان السفيرتان بثورة 25 يناير2011، ثم ثورة 30 يونيه 2013. وهذه التصرفات هى سلسلة لأخطاء أمريكية فى فهم شخصية الدول والحضارات الأخرى.

وللأسف بعض الإخوة العرب وبخاصة الفلسطينيين أيضا يقع فى أخطاء مماثلة خذ على سبيل المثال المقاطعة العربية لمصر بعد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ثم إدراكهم أن ما فعله السادات كان عين الصواب ولكن بعد سنوات ضاع فيها على العرب وعلى الفلسطينيين الكثيرين من الوقت، بل إن بعض المصريين أنفسهم يقعون فى الفهم الخاطئ للشخصية المصرية مثلما حدث مع الرئيس مبارك تحت تأثير زوجته فى موضوع الوراثة، ومع الإخوان المسلمين فى قضية الاستحواذ والتمكين والإقصاء عندما وصلوا للسلطة، ولعل مرجع الكثير من الأخطاء عدم قراءة التاريخ المصرى العريق وسيكولوجية الشعب المصرى ونظرته لنفسه ونظرته للدوائر السياسية الجيواستراتيجية التى يعمل فى إطارها ولقد كتبت فى دراستى عن هوية مصر تحليلا للقوى السياسية فى المجتمع المصرى والذى صدر فى منتصف الثمانينات من القرن الماضى، كما كتبت فى كتابى المعنون "الاستراتيجية والدبلوماسية والبروتوكول" تعريفا لمفهوم الدبلوماسية من وجهة نظرى وهى "إن الدبلوماسى هو مبعوث حضارة إلى حضارة أخرى" ومن ثم فإذا لم يفهم الدبلوماسى حضارته ويفهم حضارة الدولة المرسل إليها يقع فى الكثير من الأخطاء التى تؤدى أحيانا إلى كوارث فى علاقات الدولتين من هنا أهمية فهم الحضارات لرجل السياسة لمعرفة ردود فعل الدول الأخرى، ليأخذها فى الحسبان عند اتخاذ القرار.

ولقد تعرضت عدة مرات للسؤال المتكرر من بعض الأصدقاء، وغيرهم، مصر إلى أين؟ وبعد ترو وتفكير خلصت إلى سبع حقائق أراها مفتاحا لفهم الأوضاع الراهنة فى مصر، من خلال فهم الشخصية المصرية والتراث الحضارى المصرى، ومن ثم تساعد فى الإجابة على السؤال المطروح؟ وأطلقت عليها الحقائق الثمانى لفهم ومن ثم تفسير الموقف وتصور التداعيات المستقبلية.
الحقيقة الأولى: إن مصر سبقت كثيرا من الحضارات البشرية، وكذلك سبق وجودها وإيمانها بالله الواحد العقائد والأديان السماوية، فالإيمان بقرص الشمس فى عهد إخناتون، وكذلك مزامير داوود وخاصة المزمور 104 تكاد تكون منقولة حرفيا عن ترانيم إخناتون وخاصة فى كتاب الموتى فى عصر الفراعنة وفى هذا الإطار عرفت مصر مفهوم الدين قبل أن يظهر الإخوان المسلمون أو السلفيون أو غيرهم إلى الوجود.

الحقيقة الثانية عن الحضارة المصرية وعبقريتها باستعارة مصطلح العلامة جمال حمدان اعتمدت مفهوم التسامح والاعتدال فى معظم تاريخها، وعرفت الثورات العنيفة فى مراحل قليلة لعل أهمها فى عصر الفراعنة الثورة الاجتماعية التى هى أول ثورة فى التاريخ فى أواخر الأسرة السادسة فى عهد الملك بيبى الثانى الذى حكم مصر 94 عاما وتولى السلطة، وسنة 6 سنوات، وكان من بين أسباب الثورة انخفاض منسوب مياه نهر النيل وزيادة الضرائب مما ادخل مصر فى مرحلة أطلق عليها عصر الاضمحلال فى أواخر عهد الأسرة السادسة بعد فترة بناة الأهرامات المشهورة، ثم جاءت ثورة مصر التحريرية الكبرى فى عهد أحمس لطرد الغزاة الهكسوس وبناء الدولة الفرعونية الحديثة، ثم احتضان مصر للمسيحية وبناء أول كنيسة فى الإسكندرية عام 49 ميلادية ورفضها ومقاومتها للفكر الكنسى الذى اعتمدته كنيسة روما وسعت لفرضه على المذاهب المسيحية الأخرى ورفض المصريون الإملاء الخارجى لعقيدتهم، وقد أدت مقاومة كنيسة الإسكندرية لذلك، إلى ما عرف بعصر الشهداء تمسكا بالدين المسيحى القويم، وهكذا حتى جاء الفتح الإسلامى بقيادة عمرو بن العاص ووجد المصريون أن فى الإسلام تسامحا واعتدالا وليس سعيا للقمع والقهر والتمكين، إذا استخدمنا المصطلحات الحديثة، فرحبوا به وكان النبى محمد(صلى الله عليه وسلم) أبرز من أشاد بمصر وأوصى بأقباطها بمقولته المشهورة: "إذا فتح الله عليكم مصر فاستوصوا بقبطها خيرا فإن لى فيهم صهرا ونسبا" أن الدلالة هنا هى أن مصر مسلمة قبل ظهور الإخوان (المسلمين) عام 1928م، وستظل كذلك بعد أفولهم وأفول غيرهم من المذاهب والحركات الإسلامية السياسية فى الماضى والحاضر والمستقبل، فمصر أهم ما أى مذهب أو حركة دينية أو سياسية ستظل باقية
الحقيقة الثالثة: إن شعب مصر فى تكوينه ونفسيته وسلوكه أكثر اعتدالا وتسامحا ويعشق الحرية، ولكنه فى نفس الوقت أكثر صبراً على الحاكم الظالم، وأكثر عنفا عندما يثور ويصر على حقه فى اختيار حاكمه، ويرفض أية إملاءات خارجية، وأذكر مثالا مشهورا هو مقاومة المصريين للحملة الفرنسية رغم كل محاولات الدعاية الفرنسية التى قام بها نابليون، ورغم إنجازات تلك الحملة من الناحية العلمية فى اكتشافها لشفرة اللغة الهيروغليفية.

وكان الإصرار المصرى واضحا فى رفض أكثر من خمسة ولاة تم تعيينهم من قبل الباب العالى (الدولة العثمانية) التى كانت تحتل مصر وتسيطر عليها باسم الدين، وهو منها براء، وإصرار العلماء والشعب المصرى على اختيارهم لمحمد على الذى توسموا فيه خيرا، ولم يتطلع العلماء المصريون والثوار لتولية أحدهم على مصر، ولكن محمد على سرعان ما انقلب على من نصبوه السلطة من العلماء ومن المماليك وغدر بهم، ثم انطلق فى بناء نهضة مصر الحديثة حتى اصطدم فى سياساته مع العثمانيين ومع الاستعمار الأوروبى الصاعد فتحالف الجميع ضده، نتساءل ما هى دلالة هذه الحقيقة؟ يمكن أن نستنتج من ذلك أن التخلى ورفض حكم الإخوان بعد الموافقة على اختيار رئيس منهم لظهور حقائق جديدة، وحنث بالعهود، ومن الحقائق التى تكشفت عدم وجود مشروع نهضة، كما روج لذلك الدكتور محمد مرسى فى حملته الانتخابية، واكتشاف المصريين أن الدكتور مرسى تحول لرئيس لحزبه وعشيرته وحركته الإخوانية، وليس رئيسا لكل المصريين، وهذا بخلاف حالة محمد على الذى أصبح رئيساً لكل المصريين، وقدم مشروعا نهضويا مدنيا بعيداً عن الفكر القديم الذى كان يسعى لجر مصر للماضى السحيق بسيطرة فصائل المماليك، أما حالة الرئيس السابق محمد مرسى فلم تكن تختلف كثيرا عن حالة الرئيس الذى سبقه محمد حسنى مبارك فى السعى للاستيلاء على ثروات البلاد، لمصلحة حزبه الذى نشر أعضاءه بسرعة فى كثير من مفاصل الدولة، من القضاء للشرطة وللإعلام والخارجية والاقتصاد والتجارة، حتى إنه كان يصطحب معه رجال الأعمال من حزبه فى رحلاته للصين والهند وباكستان والبرازيل وروسيا وجنوب إفريقيا سعيا نحو الانضمام لمجموعة بريكس الخماسية، ورفض طلبه لأن مصر ليست مؤهلة، فهى ضعيفة اقتصاديا، وغير مستقرة سياسيا بخلاف تلك الدول الخمس، كما حّمل الدكتور مرسى ميزانية الدولة رهقا بتعيين نصف مليون مصرى فى وظائف قيل إنها لمواجهة البطالة، والحقيقة أن 80% منهم كانوا من حركة الإخوان وحدها، هذا فضلا عن زيادة الحراسة له ولأنصاره بأكثر مما كانت فى عهد حسنى مبارك.

الحقيقة الرابعة الاتجاه السياسى الدولى الخطير للرئيس محمد مرسى بالتنازل عن أرض مصر وكشفت وسائل إعلام عديدة عن صفقتين خطيرتين الأولى فى سيناء التى حولها إلى وكر للجماعات الإرهابية الجهادية من ناحية، ومأوى لفصائل حركة حماس الطائفية التى استطاع الرئيس مرسى إرساء دعائم تحالفها مع إسرائيل بسرعة، فعزز الهدنة بين الطرفين وحظى مرسى بالإشادة بإنجازاته من إسرائيل وأمريكا وحماس وقام بتنفيذ تعليمات المرشد (محمد بديع) الذى سبق أن صرح بأنه يتمنى أن يكون إسماعيل هنيهة رئيسا لوزراء مصر، كما صرح المرشد السابق عليه محمد عاكف، قائلاً: "طز فى مصر" فإذا كان قادة الإخوان والرئيس لا يؤمنون بالوطن، فليس لهم شرعية ولا قانونية، ويضاف لذلك وعده بالتنازل عن حلايب وشلاتين عندما زار السودان، وأعلن السودان صراحة ذلك.
الحقيقة الخامسة: لقد صوت الشعب المصرى، فى انتخابات منتصف 2012، لمصلحة الدكتور محمد مرسى، والإخوان لثلاثة اعتبارات أولها ما افترضوه فى الإخوان من نقاء وصلاح وفى مرشحهم من وعود جاذبة بما فيها وعوده بإطلاق مشروع النهضة، ووعوده بإنجازات خمسة فى المائة يوم الأولى من توليه السلطة، وثانيها رفض بعض قطاعات الشعب لحكم القوات المسلحة بعد مرور 60 عاما على ثورة 1952، التى حققت الكثير من الإنجازات، ولكنها ارتكبت أيضا كثيرا من الأخطاء، وثالثها الخوف من المرشح المنافس الدكتور أحمد شفيق باعتبار ارتباطه بالنظام السابق، وهكذا كان الشعب المصرى بين خطرين كبيرين حكم الجيش والنظام السابق، أو حكم الإخوان، فاختار معظم الشعب أقلهم خطرا فى تصوره.

ما هى دلالة هذه الحقيقة؟ هى أن الرئيس حنث فى وعوده وأيمانه، وهو المسلم كامل الإيمان والإسلام، وحنث فى القسم الوطنى بالحفاظ على ترابه ووحدته، وهكذا انقسم المصريون إلى طوائف وفصائل متصارعة، لأن الرئيس أصر أن يكون رئيسا للإخوان وليس للشعب المصرى.
الحقيقة السادسة استمرار التخبط فى السياسة الخارجية بما يمس بأمن البلاد ومصدر حضارتها، وهى مياه نهر النيل، والخلاف مع أثيوبيا رغم محاولاته غير الناجحة فى استرضائها، وكذلك محاولات رئيس وزرائه، لماذا كان هذا الإخفاق؟ لأن الرئيس ورئيس الوزراء ليسوا متخصصين فى السياسة أو الإدارة، ولا فى كيفية التفاوض، وحل المشاكل، ولا يستشيرون الخبراء.
الحقيقة السابعة: إنه بين القانونية والشرعية فارق كبير إذ أن الدكتور محمد مرسى، كان رئيسا قانونيا ولم يكن رئيسا شرعيا Legal but not legitimate كان قانونيا لأنه انتخب وجاء عبر صندوق الاقتراع، وهذا صحيح شكلا، ولكن من الناحية الواقعية عليه تساؤلات عديدة لحدوث تلاعب بالصندوق فى استمارات المطابع الأميرية، وفى فرض منع إجبارى ضد الأقباط فى مناطق تجمعهم العديدة بتهديدهم، كما القضاء والقوات المسلحة للقبول بالنتيجة غير الصحيحة تحت ثلاثة أنواع من الضغوط وهى إعلان الحركة الإخوانية عن النتيجة قبل استكمال الإحصاء الدقيق ومراجعة الأخطاء والطعون، ثم تهديد أنصار الدكتور مرسى بإشعال حرب فى البلاد وحرقها، وأخيرا الضغط من الولايات المتحدة على المجلس العسكرى لأنهم كانوا يرغبون فى أن يتولى إخوانى السلطة، فاتخذ القرار سياسيا بفوز، المرشح الإخوانى ومن هنا كان القرار قانونيا وليس شرعيا. Legitimate
الحقيقة الثامنة: هل تدخل الجيش وقام بانقلاب عسكرى ضد السلطة الشرعية؟ هذا سؤال مهم لم يحدث انقلاب عسكرى لأن الانقلاب يكون مفاجئا، وضد سلطة شرعية، ويتولى السلطة الجديدة عسكريون، ويعلنون حالة الطوارئ، ويقمعون المعارضين بعنف، وهذا ما حدث فى عام 1952، وما حدث فى دول عربية ولاتينية وأفريقية عديدة، ولكن ما حدث فى مصر فى 30 يونيو 2013، إن القوات المسلحة عندما وجدت 33 مليون مصرى، يطالبون بانتخابات مبكرة للرئاسة ومطالب أخرى بسيطة مثل إقالة رئيس الوزراء كان الرئيس يرفض بإصرار وعناد.

واستجابة لنداءات جماهير الشعب المصرى، تدخلت القوات المسلحة وتشاورت مع قوى المجتمع الدينية (المسيحية والإسلامية) ورموزه السياسية فأيدها الجميع، وأعلنت وقف الدستور المختلف عليه، وتسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية، وهو رئيس أعلى مؤسسة قضائية، هذا التصرف من القوات المسلحة يعبر عن أدق خصائص الشخصية المصرية وهو السلمية الحقيقية وعدم التطرف والاعتدال واحترام عزيز قوم ذل، كما دعا لذلك النبى محمد صلى الله عليه وسلم، والتصرف المصرى حدث مع الملك فاروق وحدث مع محمد نجيب، ومع حسنى مبارك، ومع محمد مرسى، أى أنه سلوك نمطى طبيعى لمصر، وقواتها المسلحة، بخلاف ما حدث مع شاوشيسكو فى رومانيا أو مذابح الثورة الفرنسية، أو مذابح ثورة العراق عام 1958، أو مذابح الثورة الإيرانية.

هل ما حدث فى مصر فى 3 يوليو 2013 يعد انقلابا عسكريا؟ تقول لا، وقد أوضحنا ذلك من حيث الشكل، ومن حيث التاريخ والسوابق فإن الجيش المصرى له تاريخ مشهود فى حماية أمن الوطن والدفاع عنه، فى لحظات الأزمات الطاحنة، والمساس بأمن البلاد، ومن هنا وجدنا ثورة أحمد عرابى، والإطاحة بالخديو إسماعيل رغم مشاريعه التحديثية العديدة لمصر ثم ضد الخديو توفيق الذى تولى السلطة شرعيا، ثم خان الأمانة، وتحالف مع الإنجليز وسمح لهم باحتلال مصر فى إطار خيانة الوطن، ثم فى ثورة 1952، ثم فى ثورة 25 يناير ضد الرئيس حسنى مبارك، رغم أنه ابن العسكرية المصرية، ولم يقل أحد آنذاك إن تدخل الجيش وإجباره مبارك على الاستقالة سوى أنه ثورة شعبية، ولم يفعل دعاة الديمقراطية من أمريكا وألمانيا سوى الإشادة بدور الجيش المصرى الوطنى الذى وقف مع الشعب ضد الحاكم المستبد.

لقد استقال الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون على الفور عندما اكتشفت فضيحة ووترجيت Watergate، وفى ألمانيا وصل هتلر الذى كان فاشيا، وقاد العالم لحرب عالمية كبرى، عن طريق صندوق الاقتراع، وقد أكد كثير من علماء السياسة فى أمريكا وبريطانيا وغيرها بأن صندوق الانتخابات هو أحد أدوات الديمقراطية، ولكنه ليس الديمقراطية فكثير من الدول يصل قادتها بصندوق الانتخابات ثم يخونونه بعد ذلك، فيثور الشعب ضدهم.

ثم يأتى السلطان العثمانى رجب طيب أردوغان لينتقد مصر وأجدر به أن يتذكر شتائمه للشعب التركى الذى ثار ضده فى مسألة منطقة "تقسيم" ووصفه إياه بالغوغاء. إن أى رئيس يصف شعبه بمثل هذه العبارات سيفقد شرعيته فى أى نظام ديمقراطى حتى وإن جاء عبر صندوق الاقتراع، إن أردوغان حرى به أن يجلس فى منزله للاستمتاع بتمثيلية حريم السلطان بدلا من نقد مصر صاحبة الحضارة العريقة وأن يراجع تصريحاته تجاه الثوار الذين قاموا ضده فى منطقة تقسيم، أو أن يسعى لمشاكل الأكراد أو الأرمن وغيرهم من عناصر الشعب التركى، وكذلك إيران وقناة العالم وغيرها ينبغى أن يفكر ويطلقوا سراح موسوى وكروبى ويتذكر كم قتلوا من الشعب الإيرانى منذ ثورتهم غير السلمية حتى الآن.

إننى كدارس للعلوم السياسية والعلاقات الدولية أنصح أن يكون لها دور فى المجتمع الدولى بأن تعلم دبلوماسييها فلسفة الحضارة والخصائص الذاتية لكل حضارة وكذلك تعلم سياسييها كيفية التحدث وكيف التعامل مع من ينتمون لحضارة أخرى. إن تصريحات أردوغان وتصريحات المسئولين الإيرانيين حول الثورة المصرية اتسمت بالجهل بتاريخ مصر وشخصيتها والجهل بالسلوك الدولى فى القرن الحادى والعشرين فى التعامل مع الدول ذات السيادة وبأبسط مبادئ وتعاليم الإسلام بعدم الادعاء وضرورة التدقيق وقول الصدق والتواضع.
* باحث فى الدراسات الاستراتيجية الدولية وحوار الحضارات.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري

محب التاريخ

مقالة رائعة و موضوعية.

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة