بعد نحو مئة يوم من تسلمه مقاليد الرئاسة فى فنزويلا، تمكن نيكولاس مادورو على ما يبدو من اكتساب شرعية تعترض عليها المعارضة، لكن يبقى عليه الآن مواجهة تحد أكبر وهو النهوض باقتصاد فى الحضيض.
وفى وقت بدأ ظل سلفه هوجوتشافيز يأفل منذ وفاته بمرض السرطان فى الخامس من مارس، يبدو أن مادورو يمسك فعلا بزمام الأمور فى معركة الشرعية إمام المعارضة. "فقد اكتسب شرعية داخلية وخارجية" على ما قال المحلل السياسى جون ماغدالينولوكالة فرانس برس.
وفى الواقع يحظى "أول رئيس تشافيزى" كما أعلن نفسه، بفترة هدوء بعد مرحلة ما بعد الانتخابات التى شهدت صدامات عنيفة بين الناشطين المؤيدين لمادورو، وأنصار المعارضة أوقعت عشرة قتلى بحسب الحكومة.
ولفت ماغدالينو أيضا إلى أن الشتائم والاتهامات التى كان يتبادلها الفريقان بعنف خفت حدتها ووتيرتها أيضا.
ويبدو أن هذا الظرف يميل لصالح التصديق على انتخاب سائق الحافلة السابق البالغ من العمر 50 عاما حتى وإن لم تبت المحكمة العليا بعد بشأن طعن قدمته المعارضة قبل أكثر من ثلاثة أشهر.
فقد احتجت المعارضة على نتائج اقتراع 14 أبريل الذى فاز فيه مادورو بتقدم 1,49% فقط من الأصوات على خصمه المعارض هنريكى كابريلس.
لكن بالرغم من بقاء التشكيك بصحة الانتخاب فى نظر قسم من السكان، فإن الاحتمال ضئيل أن يكون لهذا الطعن "تأثير حقيقى إلى درجة اعتبار حكومة مادورو غير شرعية"، برأى المحلل السياسى الذى أكد فى الوقت نفسه أن الحكومة "تقيم الوقت المناسب لنشر قرار المحكمة العليا بشكل لا يستفز ناخبى المعارضة".
ومنذ تسلمه مهامه فى 20 أبريل يجرى مادورو وزير الخارجية السابق مشاورات فى كل الاتجاهات، مع أرباب العمل ووسائل الإعلام والنقابات ورجال الدين.. كما قام بسفرات عدة إلى أمريكا اللاتينية وأوروبا بهدف الإقناع بصحة انتخابه وإرساء سلطته وإعطاء ضمانات لشركائه.
ورأى الخبير الاقتصادى ماكسيم روس من جامعة مونتى أفيلا "أن مادورو عزز موقعه تدريجيا بفضل تأثيرات خطابية ودعائية لكن ما زال ينقصه تحقيق انجازات ملموسة".
إلا أن نقطة ضعفه تتمثل اليوم بالوضع الاقتصادى الدقيق الذى تمر به فنزويلا مع انها تعد المنتج الأول للخام فى أميركا الجنوبية وتملك أكبر احتياطات نفطية فى العالم.
وفى الوقت الحاضر يعانى الفنزويليون فى يومياتهم من نقص فى المنتجات ناجم خصوصا عن رقابة شديدة مفروضة على أسواق الصرف منذ 2003 فى بلد يستورد كامل السلع الاستهلاكية تقريبا.
فالقيود الكبيرة المحيطة بحصول الشركات على دولارات تعوق فى الحقيقة الواردات وتتسبب بنقص متكرر للمنتجات الأساسية مثل السكر والدقيق مع تأثير فورى ينعكس على الأسعار، ففى الفصل الأول من العام سجلت فنزويلا تضخما قياسيا بلغ 25%.
وفى هذا السياق توقع روس "تدهورا فى الأجور والوظائف، وسيكون هناك تضخم مع استمرار مشكلة النقص فى المواد الغذائية".
واعتبر هذا الخبير الاقتصادى أنه إن لم يفعل شىء لتصحيح المسار فإن هذا الوضع "قد يتحول إلى نزاع اجتماعى".
وفى الأشهر الأخيرة بادرت الحكومة إلى التساهل قليلا لتوفير العملات الصعبة من خلال دعوات استدراج عروض واتخاذ تدابير ضد المراهنة، كما تصدت لعدد من الموظفين الفاسدين، لكنها واصلت فى الوقت نفسه سياسة الدين وعمليات الاستملاك مما أضعف القطاع الإنتاجى إلى حد كبير.
وأشارت دراسة لمعهد داتاناليسيس نشرت هذا الأسبوع إلى أن 58% من الفنزويليين يصفون الوضع الاقتصادى الحالى بالسلبى، كذلك كشفت الدراسة أيضا أن 52,2% من أنصار تشافيز يعتبرون أن على الحكومة أن تعمل مع القطاع الخاص من أجل إنعاش الاقتصاد.
مادورو يكسب رهان الشرعية لكن الاقتصاد يبقى التحدى الأكبر
الأحد، 28 يوليو 2013 12:19 ص