تحدثت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن الأزمة التى يواجهها الإخوان المسلمون فى مصر وتونس وليبيا، وأكدت أنه قبل عام بدا كما لو أن الأحزاب الإسلامية، خاصة تلك التى لها جذور من الإخوان المسلمين فى المقدمة بعد الربيع العربى، لكن هذا الأسبوع تواجه تلك الأحزاب أزمة عميقة.
وأضافت الصحيفة فى تقرير لها "لو كانت مصر تمثل مركز الأزمة التى يواجهها الإخوان، والتى تأسست فيها الجماعة، فإنها أيضا المكان الذى أصبحت فيه الحركة ضد الإخوان الأكثر حدة فى الأسابيع الأخيرة، فقد تم إقصائها من السلطة بعد تدخل الجيش.
واعتبرت الجارديان أن ما حدث مع الإخوان فى الأسابيع الأخيرة من قبل بعض مؤسسات الدولة سيرا على نهج عبد الناصر قبل 60 عاما فى ملاحقة قيادات الإخوان المسلمين وإقصائهم، ومن بينهم الرئيس المعزول محمد مرسى.
وترى الصحيفة أنه لو كانت معارضة الإخوان المسلمين على الأرض قد زادت فى كل بلد على حدة، فإن هذا الأمر قابله تحالف إقليمى متزايد ضدها، من الأردن والسعودية التى كانت من أوائل الدول التى هنأت الرئيس المؤقت عدلى منصور، بعد ساعات من الإطاحة بمرسى، ويأتى هذا مع تلاشى نفوذ قطر على ما يبدو التى كانت داعما قويا للإخوان.
وحذر شادى حميد مدير الأبحاث بمركز بروكنجز الدوحة من النعى السابق لأوانه للإسلام السياسى، أو الإخوان أنفسهم، موضحا أن التجمعات التى يتم استهدافها هى تلك التى تكون لها مكانة بارزة فى السلطة والحكم، وهى ليست الأحزاب السلفية التى تواجه ضغوطا، والدرس الذى يتعلمونه هو أن سياسات الشرق الأوسط أكثر ميوعة مما اعتقدوا، وأن الناخبين شديدو التقلب.
وبرغم ذلك، إلا أن حميد يعتقد أن الإخوان فى مصر قاموا بسلسلة من الحسابات الخاطئة بعد سقوط حسنى مبارك، أبرزها تراجع عن تعهدها السبق بعدم خوض سباق الرئاسة، ويشير حميد إلى أنه يتذكر أن قادة الإخوان ومن بينهم القيادى عصام العريان قد قال فى أواخر عام 2011، إن المصريين لن يقبلوا برئيس إسلامى.
وقد سمع آخرون نفس الرسالة، ومنهم ناثان براون، الخبير بمؤسسة كارنيجى، الذى التقى خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ثلاث مرات بين عامى 2011 و2012، ولفت براون لرويترز إلى أنه فى كل مرة قابله كان واضحا أن الشهية السياسية تزداد، إلا أن المرة الأولى كان صريحا فيها للغاية بأن الإخوان لن يسعوا إلى السلطة السياسية الآن.
وتابعت الصحيفة "أثناء تواجدها فى السلطة ضاعفت جماعة الإخوان من الحسابات الخاطئة، فتوقعات جماعة الإخوان المسلمين التى أفرزتها عقيدة السمع والطاعة، أكدت أنها فشلت فى التواصل والتفاعل مع الجماعات الرئيسية الأخرى فى المجتمع المصرى، وأكدت شكوك معارضيها بأنها تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة فقط".
وواصلت "لم يكن الإخوان فى مصر وحدهم الذين يواجهون تراجعا قويا، ففى ليبيا حيث يسيطر حزب الإخوان "العدالة والبناء" على ثانى أكبر عدد من المقاعد فى المؤتمر الوطنى، كانت هناك معارضة متزايدة لسلطتها ونفوذها المتزايد، وفى يوم الجمعة خرج الآلاف ينددون بالجماعة بعد مقتل الناشط والناقد البارز للإخوان عبد السلام المسمارى.
واستكملت "هناك تونس أيضا التى ربما تحمل أساس الصعوبات التى خاضها الإخوان والحركات المشابهة تمثل نقطة مقارنة مثيرة للغاية، فحزب النهضة قدم تنازلات كبيرة، وهو فى تحالف حكومى مع أحزاب أخرى وتصرف بشكل جيد جدا، لكن لا يزال هناك قدر كبير من الكراهية إزاءه".
من جانبه، يرى عمر عاشور، الخبير فى شون الجماعات الإسلامية بمركز بروكنجز، أن المصاعب التى تواجه الإخوان وحلفائها فى شمال أفريقيا تعكس مشكلة أكبر لعملية التحول الديمقراطى، وعن الخاسرين لا يقبلون حقيقة خسارتهم للانتخابات، إلا أن الفائزين أيضا لم يكونوا قادرين على احتواء القوة المعارضة لهم ولم يكونوا قادرين على الحكم، مؤكدا أنه بإمكان الأحزاب الإسلامية أن تفوز لكنها تجد صعوبة فى الحكم، وأن جزءا كبيرا من ذلك يتعلق بأهمية السلطة، فقد واجه النهضة فى تونس والإخوان فى مصر مصالح قوية.
الجارديان: الإخوان يواجهون أزمات فى مصر وتونس وليبيا.. خبراء: أساءوا التقدير فى مصر قبل السلطة وبعدها.. وجزء من مشاكل الإسلاميين فى المنطقة يتعلق بعملية الديمقراطية نفسها.. والجماعة تسعى لمصالحها فقط
الأحد، 28 يوليو 2013 02:14 م