تنهى محاكمة بو تشيلاى عملية إقصاء المسئول الصينى المدبرة بحذر من السلطات المركزية الحريصة على إعادة تأكيد استقرار هزته الفضيحة، كما يرى خبراء، وقد أقيل بو تشيلاى المسئول السابق فى الحزب الشيوعى فى مدينة شونغكينغ (جنوب) والعضو السابق فى المكتب السياسى النافذ، من مهامه العام الماضى، بعد تورط زوجته فى جريمة قتل، وأعلنت وسائل إعلام الدولة الخميس ان بو، الذى ظهر آخر مرة أمام الملأ قبل سنة، كان ملاحقا بتهمة الفساد واستغلال السلطة، ويفترض أن تبدأ محاكمته منتصف أغسطس، على ما أفاد فرانس برس مصدر قريب من الملف طلب عدم ذكر اسمه، كما يتوقع أن يمثل بو أمام محكمة فى جينان (شرق).
وفى حين تحرص السلطات المركزية على المحافظة على صورة إجماع فى قمة هرم الدولة، يتوقع ان يكون التعامل مع الفضيحة والاعداد للمحاكمة قد خضعا لمشاورات طويلة فى الوكاليس وقد يكون تم الحسم سلفا فى مصير بو تشيلاى على ما يرى المحللون، وقال ديفيد غودمان المتخصص فى الصين بجامعة سيدنى ان "طبيعة المخاطر التى تشكلها (قضية بو تشيلاي) كانت محض سياسية وكذلك خطر حدوث ردود فعل من بعض النخب القريبية من بو"، وبينما كانت نزعة بو تشيلاى القيادى الغريب الأطوار، الشعبوية وما يتمتع به من قوة حضور، موضع جدل داخل الحزب، كان يحظى فى صفوفه بحلفاء ويرى خبراء ان التحضير لمحاكمته أثار بالتأكيد الكثير من المفاوضات فى الكواليس.
وقال غودمان ان "الأصعب قد انتهى ألان" والمحاكمة "ستجرى على الأرجح بشكل إجرائى ومطول وباهت"، وبعد دقائق من كشف التهم الموجهة إلى بو استذكرت وكالة الصين الجديدة بسرعة ان "استقرار وامن البلاد لا يمكن ان يصانا إلا بصيانة سلطة الحكومة المركزية"، وواكبتها فى ذلك صحيفة "يومية الشعب" لسان حال الحزب بالإلحاح على ضرورة "المزيد من التركيز على الوحدة والحفاظ على الاستقرار".
وفى خطوة تهدف إلى تفادى اى ردود من مدينة شونكينغ الكبيرة البالغ عدد سكانها 33 مليونا، والتى حولها بو إلى مركز اقتصادى كبير، أوضحت الصحيفة ان السلطات المركزية تقدم "دعمها المتواصل لتنمية" المدينة، وقد ساهم فى تسريع السقوط المثير لبو تشيلاى، مساعده قائد شرطة المدينة سابقا وانغ ليجون، وبعد سقوطه حاول وانغ فى فبراير 2012 طلب اللجوء السياسى فى القنصلية الأمريكية فى شينغدو، المدينة الكبيرة المجاورة فى جنوب غرب الصين، وقد كشف فى القنصلية عن جريمة قتل رجل الأعمال البريطانى نيل هايوود التى حكم فيها على غو كايلاى زوجة بو تشيلاى.
واعتقل بو تشيلاى بعد شهر لكن تعين مرور سنة قبل إعلان التهم التى تفسح المجال أمام محاكمته، ورأى ديفيد زفيغ من جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا أن تلك المهلة سمحت لمختلف فصائل الحزب بالتوافق، وقال "إنه مؤشر جيد أن تسير القضية الآن (نحو نهايتها)، وذلك يوحى بأن (القادة) تمكنوا من تسوية بعض الجوانب السياسية" من الفضيحة، وكان بو تشيلاى الذى أحيا فى شونغكينغ مثل "الثقافة الحمراء" المأوية بواسطة "الأغانى الوطنية"، يناقض ذلك بطموحاته وهو الذى كان يريد الانضمام الخريف الماضى إلى اللجنة الدائمة فى المكتب السياسى، أهم مواقع السلطة فى النظام، وكان آخر مسئول كبير حوكم بتهمة الفساد، وزير السكك الحديد ليو جينجون الذى انتظر محاكمته قرابة السنتين قبل أن يحكم عليه فى مطلع يوليو بالإعدام مع تعليق النفاذ وتخفيف حكمه إلى السجن مدى الحياة.
من جانبه، حكم على عمدة مدينة شنغهاى شين ليانغيو، آخر عضو فى المكتب السياسى حوكم بتهمة الفساد فى 2008 بالسجن 18 عاما، وعلى غرار سابقيه يفترض أن يفلت بو من حكم الإعدام، الحكم على حالات الفساد التى تتجاوز مئة ألف يوان (12250 يورو)، وقال ديفيد غودمان "يفترض أن يكون أعضاء اللجنة الدائمة فى المكتب السياسى قد اتفقوا على الحكم"، ورأى أنهم سيتجنبون "سابقة خطيرة" سيشكلها إعدام بو و"سيفكرون دائما باحتمال أن يأتى الدور عليهم يوما ما".
القادة الصينيون يحاولون التخلص من قضية بو تشيلاى دون إثارة ضجة
الجمعة، 26 يوليو 2013 11:51 ص