خفضت الحرب الأهلية فى سوريا محصول القمح إلى أسوأ مستوى له فى حوالى ثلاثة عقود، وقلصت حصة الحكومة من المحصول مع مواجهتها صعوبات فى جنى الحبوب المزروعة فى مناطق تسيطر عليها المعارضة.
وتشير تقديرات جمعتها رويترز من أكثر من 12 مسئولا وتاجرا محليا للحبوب، إلى أن المحصول ربما يكون انخفض إلى 1.5 مليون طن أوأقل من نصف متوسطه قبل الحرب وأقل بكثير من توقعات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو).
ويوجه تراجع الإنتاج الزراعى صفعة كبيرة لسياسة الاكتفاء الذاتى من الغذاء وهى حجر الزاوية فى جهود الرئيس بشار الأسد، لتجاوز إجراءات يتخذها الغرب لعزل حكومته وإضعافها عن طريق العقوبات.
وتأتى هذه السياسة فى إطار اقتصاد موجه فرضه حزب البعث الحاكم عندما تولى السلطة فى 1963 حول سوريا إلى مصدر للقمح، إلى أن عانت نقصا فى المياه قبل ست سنوات يرجع جزئيا إلى التوسع فى الزراعة فى إطار برنامج حكومى سخى للدعم.
وقال التجار والمسئولون إنه رغم سقوط أمطار جيدة هذا العام فإن شح البذور والأسمدة بالإضافة إلى نقص العمالة أدى إلى إنتاج أسوأ محصول منذ عام 1984 عندما تضررت البلاد بسبب موجة جفاف شديدة.
وقال كثيرون إن المحصول ربما يكون بلغ 1.5 مليون طن، وقال قلة منهم إنه ربما يكون اقترب أكثر من مليونى طن لكن حتى ذلك يظل أقل بكثير من التقديرات الأولية لمنظمة الفاو والبالغة 2.4 مليون طن والتى أوردتها قبل فترة وجيزة من حصاد المحصول فى يونيوحزيران- يوليوتموز.
وقال تاجر حبوب إقليمى "أمطار مواتية مثل التى شهدناها هذا العام، كان يمكن أن تنتج أربعة ملايين طن قبل الأزمة لتغطى الاستهلاك السنوى للبلاد."
وحتى وقت قريب كانت الحكومة تتمسك بتوقعات أكثر تفاؤلا إذ قال وزير الزراعة أحمد القادرى فى مايو أيار إنه يتوقع أن يبلغ الإنتاج 3.6 مليون طن.
ومنذ ذلك الحين تراجع المسئولون عن توقعاتهم، وألقوا باللوم على العقوبات الغربية فى الانخفاض الحاد فى الانتاج، ويقول رئيس الوزراء السورى وائل الحلقى الآن إن المحصول من المتوقع أن يبلغ نحو2.5 مليون طن.
وأنتجت الأراضى الزراعية الواقعة شرقى حلب والتى شهدت قتالا عنيفا بين مقاتلى المعارضة وقوات الحكومة على مدى 12 شهرا مضت نحو50 ألف طن فقط من القمح هذا العام بالمقارنة مع 175 ألف طن فى المحصول السابق على الأزمة.
لكن انخفاض الإنتاجية ليس هوالمشكلة الوحيدة التى تواجه السلطات التى تجد صعوبة أيضا فى شراء الحبوب من بعض من أغصب المناطق الزراعية فى سوريا والتى يسيطر المعارضون على الكثير منها وتمتد من الحدود الشمالية مع تركيا إلى الحدود مع العراق فى جنوب شرق البلاد.
وفى قرية دير حافر التى تقع على مسافة 40 كيلومترا شرقى حلب تتكدس أجولة القمح الذى حصده أحمد رحال فى مخزنه المؤقت.
ودفع ذلك رجال للبحث عن مشترين بعد أن اعتاد على تسليم نحوثلاثة أرباع محصوله للحكومة فى إطار برنامج تجارة القمح الذى يدعم إنتاج المزارعين.
وقال رحيل بينما كان يبيع أجولة يزن الواحد منها مئة كيلومن القمح لتاجر من القطاع الخاص "لم أعد أجرؤ حتى على التوجه إلى حلب لبيع القمح، هناك العديد من نقاط التفتيش على الطريق."
ويقول خبراء وتجار حبوب إنه كنتيجة لفقد الحكومة السيطرة على جزء كبير من مناطق زراعة القمح، أصبح نصف إنتاج 2013 من القمح على الأقل خارج سيطرتها.
ومما يدعم وجهة نظرهم كميات الحبوب التى جمعتها الهيئة التى تحتكر سوق القمح حتى الآن. وقال مسئولون من المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب، إن المؤسسة تلقت 950 ألف طن فقط حتى الآن.
ويقول حكمت جولاق الخبير السورى البارز فى القمح إن المزارعين فى مناطق أخرى يسيطر عليها المعارضون خصوصا الذين لا يزرعون سوى القمح ليس أمامهم بدائل تذكر لنقل ما ينتجونه من قمح لبيعه لمراكز التجميع الحكومية، ومن المرجح أن نحو ربع القمح الذى اشترته الحكومة جاء من أماكن يسيطر عليها مقاتلوالمعارضة قرب الحسكة فى شرق البلاد.
وقال مسئول بقطاع الحبوب "شجعنا المزارعين بكل الطرق ليسلموا محاصيلهم للمراكز وزدنا المدفوعات. ضمان إطعام السوريين أمر يعلوعلى السياسة."
وأودعت الحكومة ما قيمته 70 مليار جنية سورى أونحو350 مليون دولار بأسعار الصرف الحالية لدى البنك المركزى لشراء القمح من المزارعين المحليين.
وأفاد مسئول بقطاع الحبوب على صلة بدمشق أن تراجع الانتاج المحلى منذ العام الماضى دفع سوريا إلى زيادة وارداتها من الحبوب بمليون طن على الأقل غالبيته من القمح اللين اشترته من السوق العالمية فى عام 2012.
لكنه وخبراء آخرين يقولون فى أحاديثهم الخاصة إن نقص العملة الصعبة يجعل سوريا تواجه صعوبات فى الاستمرار فى الاستيراد، ودفع ذلك السلطات إلى السعى لفك حسابات أجنبية مجمدة لدفع قيمة مشترياتها من الغذاء.
وفى عطاء طرح اليوم قالت هيئة سورية حكومية أنها تعتزم دفع قيمة 200 ألف طن من القمح اللين باستخدام أموال من حسابات مجمدة بسبب عقوبات تجارية يفرضها الغرب، واقترحت دمشق هذا الأسلوب للدفع فى بادىء الأمر أوائل هذا الشهر لكن لم يتضح بعد ما غذة كانت نجحت فى تحرير أى من أموالها المجمدة.
الحرب فى سوريا تخفض محصول القمح إلى النصف وتقلص حصة الحكومة
الجمعة، 26 يوليو 2013 03:05 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة