وجدى الكومى يكتب: فى الرد على "طارق البشرى".. تهافت التهافت فى التدليس على الثورة وفى تعريف الانقلاب العسكرى

الخميس، 25 يوليو 2013 10:15 م
وجدى الكومى يكتب: فى الرد على "طارق البشرى".. تهافت التهافت فى التدليس على الثورة وفى تعريف الانقلاب العسكرى طارق البشرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
• لماذا تجاهل الفقيه القانونى انقلاب "البشير" الإخوانى فى السودان وضرب مثالين بالانقلاب على السلطان عبد الحميد العثمانى والملك فاروق فى مصر متباكيا الأنظمة الملكية؟.
• هكذا يرى البشرى الدولة.. ليس بها "شعب" أو "مواطنين" إنما بها أجهزة، ومؤسسات حاكمة، ونظم دستورية قانونية سبق أن هاجم مرسى من أجل محاولته المساس بها.

• هل يتعمد الفقيه القانونى الكبير تفتيت الجيش المصرى وإثارة الضغائن داخله باستدراج الضباط والجنود للانقلاب على قادتهم بزعم أنهم لم يكونوا على علم بخطوة عزل مرسى؟.
• أليس من التدليس التشبث بدستور سبق وأن هاجمه الفقيه القانونى الكبير ووصف مادتين به بأنهما شابهما التدليس؟.

المتابع الجيد للمستشار طارق البشرى، الذى ظل لسنوات صاحب اجتهادات قانونية، فضلا عن كونه مؤرخا، يدرك أن الرجل، لا يثبت على خط واحد فى تقييمه للمشهد السياسى، وفى الحكم عليه، فهو إما منتصرا للسلطة القضائية ضد الرئيس السابق محمد مرسى، فى مقالاته المنشورة بصحيفة الشروق تحت عنوان "عن مشروع الدستور اتحدث" بتاريخ الأربعاء 5 ديسمبر، 2012، وكذلك المقال المعنون بـ"المستشار عبد المجيد محمود" باق فى منصبه وقرار عزله منعدم، والمنشور بنفس الصحيفة بتاريخ "6 أبريل 2013"، وإما منحازا تماما للرئيس المعزول محمد مرسى وضد الثورة وجماهيرها العارمة المطالبة بالإطاحة بنظام فاشل، وجماعة فاشية، كما ظهر ذلك فى مقالات الفقيه القانونى الكبير "معنى الانقلاب العسكرى" المنشور أيضا بالشروق بتاريخ 22 يوليو الماضى، وكذلك مقاله السابق عليه، والمنشور بتاريخ 10 يوليو تحت عنوان "الصراع القائم الآن بين الديمقراطية والحكم والانقلاب العسكرى وليس بين الإخوان ومعارضيهم".

وإذا تغاضينا عن رفض الفقيه الدستورى والمؤرخ طارق البشرى للمساس بالسلطة القضائية والدستورية فى المقالين الأوليين، ثم ارتداده عن ذلك وهجومه على ما وصفه بـ"الانقلاب العسكرى" فى مقاليه الأخيرين، وهو ما لن نتغاضى عنه بالطبع وسنأتى إليه بالشرح والتفصيل، فإن هذا الموقف المتأرجح يثير علامات استفهام كبيرة، على نشاط الفقيه القانونى الكبير، الذى كان لى شرف الاقتراب منه، وإجراء معه حوار عام 2011، لصحيفة "اليوم السابع"، وفيه انتصر للجماهير العريضة التى خرجت مطالبة بالإطاحة بحسنى مبارك، وقال وقتها لى نصا: "15 مليون مصرى خرجوا، ولم يكسروا فانوس".

ويطرح هذا التأرجح سؤالا، لماذا يبدد الفقيه القانونى الكبير مداد قلمه، فى الدفاع عن سلطة غاشمة، استنكر "غشوميتها" ورغبتها فى السيطرة على السلطة القضائية، واعتبر مادتين بدستور 2012 تدليسا وخداعا، كما ورد فى مقاله المعنون "عن مشروع الدستور أتحدث" المنشور بتاريخ 5 ديسمبر 2012، ويمكن للراغبين التأكد من كلامى، الرجوع لهذا المقال.

وفى مقاله الأحدث "ما معنى الانقلاب العسكرى" المنشور بالشروق فى 22 يوليو، حاول البشرى أن يرتدى "أفرولا" و"كابا" عسكريا، ويعطينا محاضرة عسكرية فى سمات الانقلابات العسكرية، فقال بالنص: "من سمات الانقلابات العسكرية أن القوى العسكرية التى تقوم بها، بما تشمله من وحدات ومجموعات وأفراد عسكريين إنما يتحركون بآلاتهم وأجهزتهم الحربية للسيطرة على الأوضاع المادية، وهم لا يعرفون أية أهداف سياسية ستتحقق بسبب حركتهم".

السطور السابقة مقتبسة من مقال البشرى، وهى التى استهل بها مقاله، الذى يتوجه به لجمهور يعرفه مسبقا، ويعرف إيمانه بكل حرف مما يقول، وهو جمهور متنوع، بعضهم "إخوانى" و"إسلامى" تلقف مقاله، وتداوله بترحاب وحب، وهذا الجمهور لا فائدة من مخاطبته، أو الكتابة إليه، أما الجمهور الثانى الذى أكتب إليه هذا المقال، فهو يعرف بالتأكيد، أن الضباط، وصف الضباط، والجنود، لا يمكن أن يتحركوا وهم على علم مسبق بأهداف هذا التحرك، وأبسط جندى فى أية قوات مسلحة فى أى دولة من دول العالم، لم يمض على تجنيده يومان، يعرف ويؤمن، أن الغرض الرئيس من عدم مشاركة قادة الجيوش لجنودهم بأهداف المعارك، والمأموريات العسكرية، هو الحفاظ على سرية هذه المهام، وجديتها، وحمايتها، وتحقيق النصر المنشود، يقول "البشرى" فى جزء آخر من المقال: "هنا يكمن الفارق الواضح بين تغيير نظام الحكم بواسطة ثورة شعبية وبين تغيير نظام الحكم بواسطة الانقلاب العسكرى، لأن حركة الجماهير فى الثورة الشعبية التى يسقط بها نظام الحكم، هى حركة ظاهرة الأهداف، أما بالنسبة للانقلاب فإن القيادة العليا للقوة المسلحة، هى وحدها التى تعرف الهدف السياسى من وراء حركة الجنود، وكل الجنود المشاركين فى العمل حشدا وتوزيعها للمهام، يجهلون ما يكمن خلف صنيعهم من نتائج منشودة".

وربما كان هدير الجموع الذين خرجوا فى 30 يونيو لم يصل صوتهم للفقيه القانونى الكبير، حيث يسكن فى فيلته الفاخرة بأحد أهم أحياء محافظة الجيزة، ولكن هذا لا يعنى أن يحاول تدليس المشهد كما فعل فى مقاله الأحدث، والتدليس، كما شرحه فى مقاله المنشور تحت عنوان "عن مشروع الدستور أتحدث" يعنى "كتمان العيب، والمخادعة، وإخفاء ما يستوجب الرفض، أو الاستهجان، وما يستوجب الرفض أو الاستهجان، فى مقال المستشار طارق البشرى الأحدث، هو المعنى الخبيث الذى حاول توصيله عبر كلمات مقاله، وبدت رائحته الخبيثة جلية بين سطوره، فالرجل بمقاله يأمل، أن يستفز ضباط وجنود الجيش المصرى، الجيش الوحيد المتبقى على ثباته وقوته، فى منطقة الشرق الأوسط، على قادته، حينما يوعز لهم عبر سطوره وفقراته المتتالية، أن قادة الجيش المصرى، تم استدراجهم إلى مؤامرة انقلابية، على السلطة الشرعية كما يعتبرها طارق البشرى، وسبق وأن انتقدها فى مقالاته المنحازة للسلطة القضائية.

ويضرب الفقيه القانونى الكبير، المثل على وقائع الانقلابات العسكرية، بما حدث فى تركيا، إبان الخلافة العثمانية، عام 1908، والذى قاده ضباط الجيش التركى، على الخليفة العثمانى السلطان عبد الحميد، ومن الغريب علينا أن يضرب البشرى مثلا على الانقلابات بهذه الواقعة التاريخية، لكنه ليس غريبا عليه، فهو يأتى حلقة فى التباكى على الخلافة الإسلامية المغدورة، ورثاء للنظام التركى، المدعم لمرسى المعزول، ومحاولة جديدة للتدليس فى تشبيه الخليفة العثمانى، بمحمد مرسى.

كما يضرب البشرى مثلا آخر على واقعة أخرى للانقلاب العسكرى، وهو ما حدث فى مصر، على حد قوله، عام 1952، فى إشارة بكائية أخرى على نظام ملكى مغدور من وجهة نظر البشرى، فلماذا يتباكى الفقيه القانونى الكبير على الأنظمة الملكية السابقة، هل كان يأمل يا ترى أن تتحول مصر على يد "المرسى" إلى سلطنة إخوانية ما؟.

وليس من الغريب ألا يذكر المستشار الكبير طارق البشرى، المنقلب من الإيمان بالأفكار اليسارية كما فعل فى كتابه المعنون "الحركة السياسية فى مصر من 45 إلى 1952" والذى أعلى فيه من شأن اليسار، إلى اعتناق أفكار تيار الإسلام السياسى كما فعل فى كتابه الصادر فى الثمانينيات بعنوان "المسلمون والأقباط فى إطار الشريعة" والذى أعلى فيه من شأن الإخوان المسلمين، ليس من الغريب عن رجل بهذه الأفكار المنقلبة، أن يرى ما حدث فى 30 يونيو انقلابا، ولا يرى فيما حدث فى السودان عام 1989، انقلابا قاده البشير، وحمل الإسلاميين إلى الحكم، وكان البشير فى يده مدفعا، وفى يده الأخرى مصحفا، وأطاح بنظام "الصادق المهدى" الديمقراطى البرلمانى الذى كان يحكم السودان آنذاك، ومن الغريب أن البشرى فضل أن يضرب مثالين على معنى الانقلاب، اتجه فى أحدهما شمالا، إلى النموذج التركى، ولم يتجه جنوبا إلى النموذج الإسلامى الفاشى الذى يحكم السودان منذ انقلاب "البشير" وتسبب فى تقسيمها، وتفتيتها، علاوة على تجريف أرضها وإهدار ثرواتها بفضل التجربة الإخوانية السودانية.

ويمضى المستشار طارق البشرى، فى مقاله مغيرا الوقائع، ممارسا نوعا فريدا من "التدليس" سبق وأن هاجمه، ففى الفقرة الثالثة من مقاله، التى يقول فيها: "كانت قوى المعارضة قد أعلنت فى تجمعاتها السياسية وأجهزة إعلامها، ومن يواليهم داخل أجهزة الدولة، دعوة مصرة وصاخبة للحشد ضد من يتولى السلطة من خلال أجهزة الدولة الدستورية بهدف إنهاء هذا الحكم"، ثم عرض لخطاب وزير الدفاع بتاريخ 23 يونيو، الذى استشعر الخطر على الأمن القومى، محاولا الإشارة بين ثنايا سطور مقاله، أن دعوة السيسى، كان الغرض منها إعلان مسئوليته التضامنية مع الوزارة، وحمايته عن الدولة، التى هى عند "البشرى" مجرد أجهزة ومؤسسات حاكمة، لها نظم دستورية قانونية، هكذا يرى البشرى الدولة، ليس بها "شعب" ليس بها "مواطنين" إنما بها "أجهزة، ومؤسسات، حاكمة، ولها نظم دستورية قانونية، أسقط البشرى من مقاله، أى إشارة من قريب أو بعيد، إلى المصريين، أوجاعهم، ضيق أحلامهم، واختناق أفق وسبل عيشهم، تحت حكم مرسى طوال عام، فقط أشار إلى ما حدث فى الشارع بقوله: "حدثت الحشود المعروفة فى 30 يونيو التى توزعت على حركتين سياسيتين، شعبيتين متقابلتين".

يقلل هنا البشرى بدهاء وتهافت واضح على "التدليس" من حجم الحشود المعارضة لمرسى، ويساوى عن عمد، ورغبة أصيلة من جانب المفكر الإسلامى الكبير، فى كتمان العيب، والمخادعة، بين مؤيدى المعزول، وأنصاره، وبين الجموع الغاضبة، التى خرجت تهدر مطالبة بإسقاطه، أى تدليس يمارسه الفقيه القانونى الكبير، وأى تجاهل عن عمد للجموع الغاضبة الهادرة، وهو القاضى الكبير، الذى جلس سنوات على المنصة، وأمره الله أن يحكم بالعدل.

وفى نهاية مقاله، المكون من 4 أجزاء، يتشبث طارق البشرى بدستور 2012، بقوله: "لا يزال قائما معمولا بأحكامه، ويتعين إعماله، وهو دستور مستفتى عليه شعبيا"، وهنا أحب أذكر القاضى الجليل إن كان قد نسى بسطور أخرى من مقاله المعنون "عن مشروع الدستور أتحدث"، يقول فى هذا المقال الذى نشره فى 5 ديسمبر 2012: "وكانت المادة 176 قد حددت تشكيل المحكمة الدستورية العليا برئيس وعشرة أعضاء فقط، وهذا يعنى أن المادة 235 فصلت ما يزيد من قضاة المحكمة على العشرة، وهكذا تضمن مشروع الدستور الذى سيستفتى عليه الشعب المصرى لتنظيم دولته وحياته الديمقراطية قرارا بعزل قضاة والسؤال الذى يثور هو أليس فى ذلك نوعا من التدليس؟" وهذا السؤال الأخير الذى يضعه القاضى الجليل فى سطور مقاله، أوجهه له، وهو يتشبث بالدستور الذى عطلته ثورة 30 يونيو، أليس من التدليس أن تتشبث بدستور، سبق وهاجمته ووصفت مادتين من مواده بأنهما شابهما التدليس؟.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة