"كنا محتاجين تمن سيجارتين حشيش ومش معانا فلوس.. فكرنا كتير وإحنا بنلعب بلياردو، شوفنا ست كبيرة قاعدة أمام بيتها جنب صالة البلياردو وفى إيدها دهب.. ففكرنا نسرقها ونبيع الدهب عشان نشترى الكيف.. لكن بالرغم من أنها عجوزة كانت هتفضحنا فتخلصنا منها.." كانت هذه الكلمات للمتهمين بقتل سيدة مسنة فى البدرشين بعد الاستيلاء على مجوهراتها.
وأضاف "أحمد.ح" 22 سنة عاطل، وشهرته "القص" تعرفت على مجموعة من أصدقائى وكنا نسهر كل ليلة فى صالة "بلياردو" بقرية العزيزية فى البدرشين حتى موعد السحور، وكانت هناك مشكلة كبيرة تواجهنا وهى "الفلوس"، كنا نتطلع لسهرة "حلوة" و"دخانة مظبوطة" لكن عدم وجود الأموال لدينا كان يحول دون تحقيق ذلك.
ذات يوم كنا نلعب "بلياردو" فى الصالة كالعادة ـ المتهم يواصل حديثه ـ وشاهدنا سيدة عجوز تجلس أمام منزلها، وفى يده مصوغات ذهبية، واختمرت فى ذهنا فكرة سرقتها وبيع المجوهرات والاستفادة بثمنها، وجلسنا نحن الأربعة بعدما خرجنا من الصالة نتجاذب أطراف الحديث عن هذه السيدة ونرسم سيناريو الواقعة، وكان الخوف يتملك قلوبنا، أصل أول مرة فى حياتنا نمد إيدينا ونسرق عشان الكيف"، و"ربما تردد بعضنا فى بداية الأمر، خاصة أننا نسكن جميعا بنفس القرية وربما تتعرف علينا السيدة العجوز، لكننا كنا نقنع أنفسنا بأن السيدة بلغت من العمر أرذله ولن تتمكن من مقاومتنا، وأن الجريمة لن تستغرق سوى بعض دقائق معدودات وبعدها يكون لدينا مصوغات ذهبية يمكن أن نبيعها ونشترى ما نشاء.
وعن يوم الحادث، يقول المتهم تناولنا الإفطار كل شخص فى منزله واتفقنا أن نلتقى فى صالة "البلياردو" بعد صلاة العشاء، حيث كنا نحدق بأعيننا أثناء اللعب فى الصالة عن مكان نصل منه إلى منزل السيدة العجوز الملاصق للصالة، واكتشفنا أن هناك سورا يصل إلى سطح منزل الضحية، وتسلق من خلاله بعد السحور ونزلنا إلى منزل السيدة العجوز حيث كانت نائمة، واقتربنا منها وعندما حاولنا أن نجردها مما تتحلى به من مصوغات استيقظت وحاولت أن تصرخ، فوضعنا أيدينا على فمها ثم أحضرنا شريط لاصق ووضعناه عليها حتى لم يمكنها أن تتحدث، وعندما حاولنا أن نستولى على المجوهرات التى كانت تتحلى بها، بدأت تقاومنا بيديها وقدميها، فأحضرنا حبل وأوثقناها كيداً، حيث كانت شرسة معنا لدرجة أنها لطمت أحدنا على وجهه وحاول أن يتعدى عليها بالضرب إلا أننا منعناه وقلنا له "أنت مجنون إحنا جاين نسرق مش نضرب" وبعدما انتهينا من الاستيلاء على المسروقات، قررنا الهرب إلا أننا اكتشفنا بأن الضحية كانت تشتم أحدنا باسمه قبل وضع الشريط اللاصق على فمها، فتأكدنا بأنها تعرفت على أحدنا وربما تلجأ إلى الشرطة.
وتابع المتهم، اقترح اثنان منا التخلص من الضحية حتى لا تفضح أمرنا فيما عارضت أنا وآخر قصة القتل، وقلت لهم "دم لا مش عايزين نروح فى داهية"، لكنهم أصروا على قتلها، حتى لا ندخل السجن وندفن سرنا معها، واندلعت بيننا مشادات كلامية لدرجة أن صوتنا كاد أن يفضحنا، وانتهى الأمر بخنق الضحية حتى فارقت الحياة.
كانت لحظات صعبة ونحن نخنق سيدة مسنة يتخطى عمرها الثمانون سنة، فكانت نظراتها قاتلة وكأنها تقول "الله ينتقم منكم"، وبعد هروبنا بالمجوهرات بكيت عليها أكثر من ساعة وقلت لأصحابى "مش عارف هأقول إيه لربنا يوم القيامة" فرودا على "يا عم دى كانت ميتة ميتة بتلعب فى الوقت بدل الضايع.. يا ريت بس نعيش أدها"، وذهبنا إلى محل مجوهرات واشترى منا خاتم وحلق ذهب.
كان المقدم محمد غالب رئيس مباحث البدرشين، تلقى بلاغاً من الأهالى بانبعاث رائحة كريهة من داخل منزل سيدة مسنة تعيش بمفردها، فانتقل الرائد هانى إسماعيل والنقيبان إيهاب الصاوى وحازم عليش معاونا المباحث إلى مكان الواقعة، وتم اقتحام المنزل بعد استئذان النيابة العامة، حيث عثر بداخله على جثة سيدة فى حالة تعفن وتبين أنها مكبلة اليدين والقدمين، وتم نقل جثة القتيلة "فاطمة.ا" 82 سنة، إلى المستشفى لتشريحها والوقوف على أسباب الوفاة، وتبين أنها لفظت أنفاسها الأخيرة إثر تعرضها للاختناق، وتشكل فريق بحث بقيادة العميد خالد عميش مفتش مباحث جنوب الجيزة لكشف غموض الواقعة وضبط الجناة، وتوصلت التحريات الأولية من خلال الاستماع إلى أقوال شهود العيان ومعرفة الأشخاص الذين يترددون على القتيلة، بأن 4 أشخاص وراء ارتكاب الجريمة وهم "أحمد.ح" 22 سنة، و"على.ف" 26 سنة، و"على.ن" 22 سنة، و"عبده.أ" 23 سنة، وجميعهم عاطلون، فتم إعداد حملة أمنية بإشراف اللواء محمد الشرقاوى مدير مباحث الجيزة، ألقت القبض عليهم، وبإخطار اللواء حسين القاضى مدير أمن الجيزة بالواقعة، أمر بتحرير المحضر رقم 2300 لسنة 2013 بالواقعة وأحال المتهمين للنيابة والتى قررت حبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات، وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة وصرحت بدفن جثة القتيلة.