تمكن الإعلامى سعود الدوسرى فى الحلقة الرابعة عشرة من برنامجه "أهم 10" انتزاع كل جديد من ضيفه الإعلامى المصرى عمرو أديب الذى بدأ حلقته بمحاولته إظهار حالة الإحباط التى مرت عليه، فترك على أثرها مصر، وتوجه نحو بيروت التى كان فيها شبه مقيم بعد حالة اليأس التى أصابته كسائر المصريين من حكم الإخوان.
وتذكر عمرو أديب طفولته شارحاً: "كنت مراهقاً يوم هزيمة 1976 وكان حلمى أن تقود مصر العالم العربى بعد خوضها الحرب ضد العدو الإسرائيلى، ولكن هذا الحلم لم يتحقق. يوم بكى والدى حينها أدركت أنّ الخسارة كبيرة، خسرنا القدس والضفة الغربية، أمّا على المستوى الشخصى انكسرت كما انكسر الكثير من الشباب. وكنا نتساءل هل فعلاً هزمنا أو كما قالوا لنا للتجميل إنها "نكسة"، فى وقتها كان الإعلام المصرى إذا صح القول إعلام كاذب مخادع لا يقول لنا حقيقة ما يحصل ويصوّر لنا القوّة المطلقة، فى حين أنها ليست فعلاً موجودة لأنه وصف الهزيمة بالنكسة. أعتقد أن الرئيس جمال عبد الناصر كان رجلاً ثورياً يسعى من أجل الأفضل لمصر".
وتابع يقول: "بالنسبة لثورة يناير 2011 التفكير كلّه كان قائماً على فكرة الإسقاط، ولكن السؤال الذى يطرح نفسه ما البديل؟ هل تبدّلت حالة المصريين إلى الأفضل؟ اليوم يبقى السؤال هل أنّ حكم الإخوان أخذنا نحو الأفضل؟ والأمر ليس مرهوناً بالوقت الذى تولّى فيه الإخوان الحكم فطريقتهم فى إدارة شئون البلاد خاطئة. فى عهد الرئيس أنور السادات كنّا كطلاب جامعيين نتظاهر من أجل حثّ الرئيس ومطالبته محاربة إسرائيل، يوم عبر مائة ألف جندى مصرى سيناء وقناة السويس شعرت بفرحة لا توصف شعرت أننا على قيد الحياة، وأننا لسنا جثثاً هامدة بل إن هناك أملا ببناء مستقبل مصر من جديد. بعد اغتيال السادات جاءتنى فرصة للسفر إلى لندن. فى الثمانينات القرن الماضى كنت أرى أنّ مصر تتجه نحو التطرّف الدينى، ولكن حسنى مبارك كان محكماً بالقبضة على الإخوان المسلمين".
واختار اليوم الثانى لقاءه مع الشيخ محمد متولى الشعراوى الذى اعتبره من أهم أيام حياته: "كنت شاباً لم يكن إيمانى قوى إلى درجة التفكير بسكينة النفس والروحانية المطلقة، كان لقاء الشيخ الشعراوى بالصدفة، عندما كنت فى لندن طلب منى صديقى مرافقة الشيخ، وبالفعل منذ أنّ استقبلته على المطار حتى آخر يوم من إقامته التى استغرقت 94 يوماً لم أفارقه قطّ، وسافرت معه إلى مصر. ومن خلال معرفتى الوثيقة به وعن قرب أقول إنه رجل معتدل وسطى تعلّمت منه الكثير، هو ليس من طلاب السلطة، وهو من دعاة أنّ يحكم الإسلام وليس رجال الدين، نحن اليوم أمام مدرستين فى الإسلام تفسّر الإسلام وتنقله إلى الآخرين بشكل مغلوط. هناك من يشوّه صورة الإسلام عبر تطبيقاتٍ شرسة رجعية تدعو إلى التشدّد والممارسات الشرسة القاسية، بينما الإسلام هو دين التسامح والمغفرة الرحمة. ومن لا يفهم حقيقة الإسلام ويرى كل هذه الممارسات يخاف منه وينفر من الصورة التى تمّ تصويرها عن الإسلام وأخذها على أنها الصورة النمطية.
اليوم التالى كان يوم اتهم بمناصرة الرئيس مبارك ولكنه مصرّ على أنّ ثورة الأجيال احتضنها الإخوان ويقول أديب: "لا مانع لدى أنّ تحكمنى أى من الجماعات السياسية وليس عندى مشكلة مع الإخوان وحكمهم، ولكن مشكلتى أنّ يحكموا بالطريقة الصحيحة فهم من لحظة وصولهم إلى الحكم لم يحقق ما كان يطمح إليه الشعب من عدالة واستقرار وأمن".
واختار اليوم الرابع يوم تأثير نجيب محفوظ على حياته، وقال: "نشأت فى منزل والدى وهو كاتب سيناريو، بالتالى كانت لقاءاتى به كثيرة فاستطعت التقرّب منه والتعرّف عليه وعلى ابداعاته. بالنسبة لى عندما حصل محفوظ على الجائزة كنت فى قمة السعادة كمواطن عربى مصرى يفوز بجائزة نوبل للآداب، فكانت بالنسبة لى لحظة فخر كبيرة".
واليوم التالى فى حياة عمرو أديب يذكره قائلا: "كيف كان يتعامل محفوظ مع النظام السياسى هناك نظرة نمطية من قبل الأمن للمفكّر والمثقّف بعين الريبة والقلق، بالتالى إذا انتقد أو دعى للثورة، فهو كان يتحايل على السلطة من خلال استخدام الرمزية فى رواياته مثل كليلة ودمنة. أنا ضد سقوط حرمة الحاكم واليوم لا حدود للانتقاد أى أنّ فى مصر أى شخصية مستباحة برأى يجب أنّ يكون الانتقاد انتقاداً محترماً".
اليوم السادس كان يوم الإفراج عن نيلسون مانديلا وعنه يقول: "هذا الشخص هو أعظم شخص فى الحياة، وأنا لا أستطيع التخلى عن ملذات الحرية والحياة لأكون مثله، رغم أنّه قضى 27 سنة كمعتقل رأى خرج من السجن وهو مصّر على رأيه، واللافت أنه لم يخرج رجلاً أسوداً حاقداً على ذلك الرجل الابيض الذى سجنه".
اليوم السابع الذى كان أكثر تأثيراً كان يوم أحداث 11 سيبتمبر تاريخ أثّر فى حياة أديب فى حينها كان فى سويسرا فى رحلة علاجية يقول أديب: "عندما خرجت من عند الطبيب وسرت فى شوارع سويسرا تلك المدينة الهادئة لاحظت حالة من التوتّر المكتوم فى محلات الأدوات الكهربائية، حيث كانت شاشات التلفزة تعرض ما يحدث فى الولايات المتحدة الأمريكية، صعدت إلى غرفتى فى الفندق وبدأت أسمع الأخبار ولم أصدق ما يحصل أنّ برجى التجارة العالمية قد انهارات، وتمنيت ألا يكون وراء هذا العمل أى شخص عربى أو مسلم، وبدأت المعلومات تصل عن ضلوع بن لادن فى هذه العملية. تلقيت اتصالات كثيرا تنتقدنى على موقفى أن هذا ليس جهاداً بل عملاً تخريبياً، ولكن فيما بعد أدرك الناس خاصةً من انتقدنى، أنّ مثل هذه الأعمال رفضها الإسلام، وتعامل الإعلام السعودى بحكمة ووعى مع مسألة تفجير البرجين، وقد فصلت القيادة السعودية بين جنسية وديانة الجناة وبين سياسة السعودية المرتبطة بالولايات المتحدة، فكانت القوات السعودية إلى جانب القوات الأمريكية فى السعودية تحارب لاستعادة الكويت، كما أنّ بن لادن كان على علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة عندما حارب السوفيات فى الشيشان. لم يتكفِ الإخوان بلجوئهم للسعودية بعد الإلرهاب التى اتهموا به".
واليوم الثامن الذى ترك أثره فى نفس عمرو أديب كان يوم وفاة الممثل أحمد زكى الذى كان صديقاً مقرّباً جداً منه، وكانوا زملاء قبل ان يصبحوا مشهورين وكان هناك علاقة عائلية كبرت هذه العلاقة مع الايام. لما مرض زكى فى الثمانينات كان رافقه اديب فى رحلة علاجه الى لندن، ومن ثمّ علاجه من التدخين. وقد حوّل رواية الى فيلم "إمرأة واحدة لا تكفي" كما كان الى جانبه فى فيلم حليم. انّ احمد ذكى شخص متواضع جداً لا يهتم بالمال ولا الشهرة هو شخص غير عادى هو عبقري.
اليوم التاسع كان يوم نجاح فيلم عمارة يعقوبيان وقال عن: "هو أوّل فيلم من إنتاج شركتى وهو عمل فنى فريد من نوعه، هو عمل فنى من االناحية الأدبية وصعوبة الإنتاج من الناحية السياسية ومجموعة من النجوم التى وجدت فى فيلم واحد. هذا الفيلم تعرّض لحملة من قبل الإخوان المسلمين مدعيين أنّه فيه إساءة للدين، فقامت لجنة الإعلام والفن فى استجوابى وكنت أنا وحدى أناقش وأردّ على الجميع، ثم تمّ التصويت لصالحى 14 صوتاً وواحد أمتنع، بذلك فزت فى معركتى لعرض الفيلم فى مصر. أنا لست موالياً أنا لا أدافع عن السلطة، ولكننى أمن الإصلاحات وليس بالثورة وأؤمن بالسير نحو إقناع السلطة بالإصلاح أفضل من إسقاط النظام".
أما اليوم العاشر جمعة فى عدة أيام دون تاريخ وهى أيام ولادة أبنائه ويوم إطلاق فيلم ابنه: "عند ولادة أبنائى شعرت بمسئولية أكبر وفرحت وصرت انتبه إلى صحتى من أجل أولادى، كنت محظوظاً لأن كان لى أب متفهم، وكذلك كنت مع أولادى لم أرغمهم فى يوم من الأيام على شيء، كما كنت شديد الاحترام لوالدى. يوم تمّ افتتاح فيلم ابنى محمد كنت أطير من الفرح هذا الشاب المكافح هو الذى تولى عملية الإنتاج وكل ما هنالك من تفاصيل، ونجاحه أفرحنى كثيراً خاصةً أنّه هو من اختار دراسة المسرح والكتابة فى الجامعة الأمريكية فى القاهرة، أنا بدورى دعمته ووقفة إلى جانبه".