أشفق على الكثيرين من أبناء مصر والوطن العربى، الذين يسعون دائمًا لنصرة الحق من الأكاذيب والفتن التى تجعل كلا منهم تائهًا عن التمييز بين الحق والباطل، وإن كنت أرى أن الحق دائمًا بين، لكننا فى زمن معضلته أنك لا تعرف من يتبع الحق فتقف بجواره ومن هو مدعٍ كاذب فتنصرف عنه.
وكثيرًا ما كنت أقول لنفسى إنه علينا أن نستمع لرأى الآخر، ربما يكون الحق معهم وأننا أسأنا الفهم، فأدخل على صفحات لقيادات فى التيار الإسلامى وخصوصًا أولئك المؤيدين لجماعة الإخوان لأرى كمًا هائلًا من الأكاذيب والمبالغات، فإن كانوا على الحق فما حاجتهم للكذب إذًا، وما حاجتهم لأن يستنجدوا بالولايات المتحدة الأمريكية تارة على صفحاتهم ويهاجمونها فى نفس اليوم تارة أخرى فى مظاهراتهم، ومثل ذلك الكثير، فحتى وإن افترضنا صدق ادعاءاتهم عن الإعلام والمعارضة، كذبهم المتواصل يعنى أحد أمرين، إما فشلهم سياسيًا فى التعامل مع المشاكل المحيطة بالوطن والتى هى مسئولية الرئيس وحكومته، أو أنهم لا يقلون فسادًا عن الإعلام والمعارضة وما كذبهم إلا للتخلص من منافس لهم فى الفساد.
وأما مؤيدو الإخوان من غير أعضاء الحرية والعدالة، فهم وإن كانوا أكثر اعتدالًا فى آرائهم لكن عندما يكون لكل خطأ واضح من الرئيس السابق محمد مرسى أو حزب الحرية والعدالة نجد منهم المبررات وإلقاءهم المسئولية على غيره، ثم انتقاد كل ما تقوم به القوات المسلحة اليوم أو الرئيس المؤقت عدلى منصور، فكيف ننتظر مصداقية أو سعيًا للحق من قوم يتعاملون مع كل القضايا بتعصب فكرى لمذهب معين.
وحتى الصحف والقنوات والبرامج الإخبارية، بها كم كبير من الأكاذيب والتحيز لهذا أو لذاك وبعضها مبالغ به جدًا ويهدف بشكل مفضوح لتشويه صورة شخص أو أشخاص، وكثيرًا ما تكون تلك الأكاذيب مبنية على عدم التدقيق فى مصداقية الأخبار، لكنها كثيرًا ما تكون مدفوعة باجندة سياسية، فمصر أصبحت مركزًا لصراع عربى أيضًا متمثلًا فى الجزيرة والعربية.
وأما المعارضة فى مصر، فمعظمها معارضة للمعارضة فقط وشو إعلامى ليس إلا إن كانوا يبدون أحيانًا كقامات سياسية كبيرة، لكنها مظاهر ليس إلا، وأما البقية المتمثلة فى جبهة الإنقاذ فكنت ومازلت أرى أنهم مزيج بين معارضى الشو الإعلامى وآخرين طامعين فى السلطة وقلة حريصة على مصلحة الوطن، فبالرغم من كل أخطاء الإخوان لكنى أرى المعارضة لم تكن تبغى من البداية سوى إسقاط الإخوان، وحتى ذلك فشلوا به وقام الإخوان بمعظم عملهم بينما كان هؤلاء يجتمعون ويهددون بالتصعيد ثم لا شىء، فلست أفهم رفضهم المتواصل لدعوات الحوار مع الرئيس السابق إلا كتصميم منهم على استمرار الأزمة وتضييق الخناق على النظام، وهو أمر لا يمكن فهمه ممن يدعى الحرص على الوطن، كما لا يمكن أن نفهم عدم إدانتهم لأى عمل تخريبى قد يبدر من متظاهرين إلا حال كونهم مؤيدين للإخوان، مؤكدين بذلك أنها لعبة سياسية ليس إلا بين أطراف تتصارع على السلطة.
وإن كنت بكلامى قد انتقدت الجميع، فهذا لا يعنى أن كل فرد منتم لكل تلك التيارات يشمله كلامى، لكنها للأسف الغالبية العظمى، فهنالك فارق كبير بين من ذكرت وشخصية كنادر بكار قد نختلف معها، لكن يكفينا أنه رجل ينتقد دون أن يسعى للتشويه ودون تحيز لتيار، تحدث عن أخطاء مرسى وانتقد المعارضة، هذا النموذج الرائع هو الفارق بين رجل يستخدم السياسة لتحقيق مصلحة الوطن، ولا يستخدم الدين والوطن لتحقيق طموح سياسى.
فى نظرى الكل أخطأ، الإخوان والمعارضة والجيش والشعب، لكن هنالك فارقا بين من يجتهد لإحقاق حق ويخطئ وبين من يسعى للباطل، وليس كل من يخطئ يكون متعمدًا للإضرار بمصلحة الوطن، لكن منهم من يحسن النية ويخطئ، خصوصًا أن التجربة التى تمر بها مصر تضع ضغوطًا على الجميع، ووسط الأحداث الدامية وكون لكل منا طاقته من البديهى أن يفقد بعضنا شيئا من المنطق أو العقل لوهلة، إنها الفتنة التى يشارك الجميع فى صنعها ويعانى منها الجميع، وهى التى تجعلنا نشعر أننا نعيش فى عالم ضبابى لا نميز فيه طريق الحق من الباطل، لذلك على كل منا أن يدرك أن كل كلمة تقال أو تنقل هى مسئولية على قائلها أو ناقلها، لأنها قد تؤدى فى النهاية للمزيد من الفتن والدماء. ختامًا.. علينا أن نمنح أنفسنا بعض الوقت لنهدأ ولنفكر، وإلا فلا أمل لنا فى معرفة الطريق الصحيح فى ظل موجة الغضب العارمة التى تقودنا.
نادر بكار
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الحسن
نادر فعلا
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم
كلام جميل
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد السيد
مواطن
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد عبدالبديع
يا ليت قومي يعلمون
عدد الردود 0
بواسطة:
حسين الحصري
ا
احييكِ على المقالة الرائعة دي