
سيطرت استعدادات الكويتيين لإجراء انتخابات مجلس الأمة السبت المقبل على الأجواء العامة فى الكويت، فلا يخلو مجلس من الحديث عن الانتخابات التى يتنافس فيها 306 مرشحا على 50 مقعدا، فرغم مقاطعة البعض للانتخابات إلا أن تأثير هذه المقاطعة يبدو ضعيفا، خاصة مع اتساع دائرة الندوات الانتخابية التى يعقدها المرشحون فى الدوائر الانتخابية الخمسة بعد صلاة التراويح، مما حول رمضان الكويت هذا العام إلى رمضان سياسى.
انتخابات السبت المقبل تكتسب أهمية لدى كل كويتى، خاصة فى ظل تسارع الأحداث على الساحة السياسية بعد بطلان مجلسين متتاليين، فالكويتيون يتوجهون إلى مراكز الاقتراع السبت المقبل بكل أمل للتصويت لاختيار مرشحين جدد يستطيعون تصحيح المسار ويوفرون عليهم عناء ضربات سياسية جديدة.
المقاطعون للانتخابات هذه المرة يأتى على رأسهم كتلة الأغلبية البرلمانية فى مجلس فبراير 2012 المبطل والتى تضم عدداً من الإسلاميين وممثلى القبائل، إضافة إلى عدد من القوى السياسية الممثلة للتيار الليبرالى، وأبرزها المنبر الديمقراطى الكويتى، ويبررون قرار المقاطعة باعتراضهم على قواعد انتخاب جديدة اعتبرتها فى صالح المرشحين المحسوبين على الحكومة، مشيرين فى ذلك إلى التعديل الذى أدخل على قانون الانتخابات فى أكتوبر2012، بخفض اختيار الناخب على مرشح واحد فقط ، وهو ما يسمى بالصوت الواحد.
وبعيدا عن حالة الجدل السياسى التى خلفتها المعارضة حول تعديلات القانون، فإن وتيرة الانتخابات تسير بشكل متسارع، حيث أعلنت الحكومة انتهاءها من كافة الاستعدادات التى تتيح إجراء الانتخابات بشكل نزيه وشفاف، حيث أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الكويتى، الشيخ أحمد الحمود الصباح، أن الوزارة مستعدة لتأمين سير عملية الاقتراع، كما أعلنت وزارة التربية عن استعدادها لتلقى طلبات التصريح لاستخدام قاعات المدارس لندوات المرشحين وعرض برامجهم الانتخابية.
ولم يعكر صفو الانتخابات سوى ما أعلن مؤخرا عن الكشف عن حالات شراء للأصوات من جانب بعض المرشحين، خاصة أن الكويت تعتبر من الدول العربية المصنفة ديمقراطيا، وهو ما دعا بعض المراقبين إلى أن عملية شراء الأصوات أمر مخالف للديمقراطية الكويتية.
وقد شددت وزارة الداخلية قبضة الأمن على المرشحين الذين يقومون بشراء الأصوات، وفى هذا الإطار ألقت القبض على عدد من المفاتيح الانتخابية لبعض المرشحين المتهمين بشراء أصوات الناخبين وتم تحويلهم للنيابة العامة، كما واصلت النيابة العامة تحقيقاتها فى قضايا شراء الأصوات وأصدر النائب العام الكويتى، المستشار ضرار العسعوسى، أمراً بضبط وإحضار مرشحين فى الدائرة الثالثة والرابعة بعدما أثبتت الوقائع والتحريات واعترافات المتهمين الموقوفين تورطهم فى القضية وسط معلومات عن نية النيابة إصدار أوامر ضبط أخرى بحق مرشح آخر فى الدائرة الخامسة، فضلا عن إعطائها أذونات جديدة لرجال المباحث لمداهمة أماكن البيع.
الشيخ سلمان صباح السالم الصباح، وزير الإعلام الكويتى الذى افتتح مساء أمس المركز الإعلامى لمتابعة الانتخابات أكد استعداد الحكومة للانتخابات، وقال إنها "اتخذت كل الإجراءات ووفرت كل التيسيرات لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية، كما وضعت الدولة الاستعدادات من قبل المؤسسات المعنية لتوفير أجواء انتخابية مناسبة خاصة فى ظل أن الانتخابات تجرى فى شهر رمضان المبارك"، معربا عن أمله فى أن تجرى عملية الاقتراع فى الاتجاه الصحيح.
الشيخ سلمان تناول فى تصريحات للصحفيين على هامش افتتاح المركز الإعلامى استعدادات وزارته للحدث الهام فى الكويت، وقال "لقد وفرت الحكومة مراكز إعلامية فى الانتخابات السابقة، وبالتالى تقوم وزارة الإعلام بإعداد المركز الإعلامى التفاعلى للانتخابات، بحيث يخدم الإعلام المحلى والإعلام الدولى"، مضيفا "نحن فخورون وسعداء أن نرى هذا الاهتمام الإعلامى بالانتخابات الكويتية للاطلاع على التجربة الكويتية، ونحن نفخر بالممارسة الديمقراطية فى الكويت وبدولة المؤسسات ونزاهة العملية الانتخابية"، مؤكدا أن حكومة الكويت تقف على مسافة واحدة من كل الاتجاهات وتوفر كل المعطيات التنظيمية سواء من قبل وزارة العدل أو الداخلية أو الإعلام ووزارة التربية والتعليم بما يصب فى اتجاه توفير أجواء مناسبة للعملية الانتخابية".
والشيخ سلمان توقع أن تشهد الانتخابات مشاركة كبيرة من الكويتيين "فى ظل حرص المواطنين الكويتيين الشديد على المشاركة فى هذا العرس الانتخابى للمساهمة فى إيصال من يستحق الوصول إلى المؤسسة التشريعية المهمة، والمساهمة فى صناعة المستقبل الكويتى من خلال التعاون مع السلطة التنفيذية" على حد وصفه، مؤكدا فى الوقت ذاته على عدم تخوفه مما يروج له بعض المعارضين من حدوث خلل دستورى فى الانتخابات أو طعون قانونية على إجراءاتها تؤثر عليها، وقال "نحن نفخر بدولة المؤسسات فى الكويت، والفصل بين السلطات الثلاث والتى تتعاون فيما بينها، وبالتالى فإن وجود سلطة قضائية لحفظ الحقوق هو أمر لابد أن نشيد به، أما فيما يتعلق بالإجراءات الدستورية فإن الحكومة كانت حريصة كل الحرص على تنفيذ حكم المحكمة الدستورية الذى صدر فى 16 يونيو الماضى والذى تحدث عن مهلة 60 يوما لإجراء الانتخابات، وبالتالى فإن الانتخابات المقبلة تأتى ضمن الإطار الدستورى، أما فيما يتعلق بمن سيقدم طعن على الانتخابات المقبلة فنحن نرحب بهذه الطعون طالما أنها تتم وفق الأطر الدستورية والقوانين المرعية، وأنا من جانبى كعضو فى الحكومة أؤكد أن الحكومة اتخذت من الإجراءات الدستورية والقانونية الدقيقة ما يكفل تنظيم هذه الانتخابات التى نتطلع أن تكون ناجحة لتفضى إلى تشكيل مجلس أمه يتولى مسئولياته الوطنية".
وردا على سؤال حول ضمانات وشفافية العملية الانتخابية خاصة فيما يتعلق بعملية شراء الأصوات، قال وزير إعلام الكويت "إن الحكومة حريصة كل الحرص على إجراء الانتخابات وفق معايير الشفافية والعدالة الكاملة، أما فيما يتعلق ببعض المخالفات فإن الحكومة حريصة على قيام الأجهزة المختصة بمتابعة أى مخالفات للقانون، ونحن حريصون كل الحرص على ذلك، أما فيما يتعلق بالحالات الفردية فإنها لا يمكن أن تؤثر فى جوهر العملية الانتخابية بالكويت والممارسة الديمقراطية".
قضية مشاركة المرأة فى الانتخابات الكويتية حازت على حيز من اهتمام المتابعين لها، خاصة أن نسبة المرأة الناخبة مرتفعة مقارنة بالناخبين الذكور، لكن هذه النسبة لم يكن لها تمثيل مناسب بين المرشحين، حيث اكتفت ثمانية مرشحات فقط على خوض العملية الانتخابية، وهو الأمر الذى عقب عليه الشيخ سلمان بقوله "إن الكويت رائدة على صعيد حقوق المرأة، وهى تدعم مشاركة المرأة فى العملية الانتخابية، لكنها تترك الحرية لمن ترغب فى الترشح، وكنت أتمنى أن يكون هناك عدد أكبر من المرشحات، كما أتمنى أن يكون للمرشحات فى الانتخابات حظ أوفر فى النجاح".
وردا على سؤال حول مدى تأثير التوتر السياسى بين الحكومة والمعارضة على الانتخابات، قال وزير الإعلام الكويتى "نحن دولة مؤسسات والمحكمة الدستورية حسمت الموضوع بحكمها التاريخى الصادر فى 16 يونيو الماضى، وبسطت سلطاتها تأكيدا لدورها بالنظر فى الموضوعات المتعلقة بالانتخابات"، مضيفا "يجب أن ننظر للمستقبل بعد انتهاء الجدل الدستورى، ويجب أن ننظر إلى الكويت وتقدمها"، مشيرا إلى أن الآراء والتوجهات المتباينة طبيعية ومحمودة، وقال "أيا كان الرأى والرأى الآخر فإنه لا يفسد للود قضية، ونحن نؤكد مستقبل الكويت وتنميتها والاهتمام بأجيالها القادمة يجب أن يكون هدفنا الأساسى".
الشيخ سلمان صباح السالم الصباح أنهى تصريحاته بالتأكيد على أن "الكويت بلد ديمقراطى ويقبل كل الآراء والرغبات"، فى رده على سؤال حول رؤيته لمن قاطعوا الانتخابات، مؤكدا فى الوقت ذاته أن "المشاركة الإيجابية تحقق الهدف، أما المقاطعة ستكون تكلفتها على من قاطع".