د. رضا عبد السلام

د. ببلاوى.. عليك بصناديق الثروة الخليجية!!

الأربعاء، 24 يوليو 2013 10:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بداية، صناديق الثروة السيادية هى صناديق تحوى فوائض الموازنات الحكومية، ولهذا يقال عليها سيادية أى تعود ملكيتها للدولة، فقد تأتى تلك الفوائض من زيادة الصادرات عن الواردات، كما هو الحال فى الصين ودول شرق وجنوب شرق آسيا، وقد تأتى تلك الفوائض من بيع الموارد الطبيعية كالنفط والذهب والحديد...الخ.

ولو ركزنا الحديث على دول مجلس التعاون الخليجى، فنجد أن تلك الدول الشقيقة حققت خلال السنوات العشر الماضية فوائض عامة ضخمة، نتيجة تعافى أسعار النفط فى الأسواق العالمية، وهو ما أدى إلى بقاء آلاف المليارات من الدولارات بعيداً عن الإنفاق العام.

وقد قُدِرت تلك الفوائض العامة الخليجية بأكثر من (2) تريليون دولار أى ألفى مليار دولار!! تمتلك دولة الإمارات منها حوالى التريليون دولار، ولجأت أغلب الدول الخليجية إلى إنشاء صناديق عامة ومؤسسات استثمارية لاستثمار تلك الفوائض الاستثمار الأمثل، ويعتبر صندوق استثمار أبوظبى أكبر الصناديق العربية وثانى أكبر صندوق سيادى فى العالم برأسمال يقدر بنحو 700 مليار دولار!!

ومن بين أبرز صناديق الثروة الخليجية استثمارات مؤسسة النقد العربى السعودى فى الخارج، التى تتعدى حالياً (600 مليار دولار) وأحد أكبر الصناديق العالمية، وصندوق الأجيال الكويتى الذى يتعدى رأسماله الـ(350) مليار دولار، وهيئة الاستثمار القطرية التى يتعدى رأسمالها (120) مليار دولار، وعدد من الصناديق الإماراتية الأخرى بخلاف صندوق أبو ظبى، وتتعدى استثماراتها الـ200 مليار دولار. كذلك الحال بالنسبة للصناديق العمانية والبحرينية والليبية والجزائرية، التى يتعدى رأسمالها جميعاً مبلغ 100 مليار دولار!!

المفارقة هنا تكمن فى أن حوالى 80% من تلك الفوائض يتم استثمارها فى السوقين الأوروبى والأمريكى، باعتبارها أسواقاً مستقرة اقتصادياً وسياسياً ومؤسسياً. وقد عرضت فى دراسة ومؤلف مفصل نشره لى مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية عام 2008 لتلك الصناديق، وذلك لمن يرغب فى معرفة المزيد عن تلك الصناديق.

السؤال هنا: أين مصر من استثمارات صناديق الثروة الخليجية وتلك الآلاف من المليارات؟! مؤكدا أن الأشقاء العرب يتمنون الاستثمار فى مصر، لأنهم بحق يعشقون مصر وكل ما هو مصرى، ولكن ليس بالأمنيات فقط تتحقق الأهداف، مطلوب من صانع القرار المصرى، وأقصد هنا الدكتور الببلاوى- الذى قضى معظم حياته منغمساً فى الشأن العربى والخليجى، من خلال عمله لفترة طويلة بصندوق النقد العربى- مطلوب منه وضع استراتيجية مصرية واضحة ودقيقة ومحفزة تضمن تدفق استثمارات صناديق الثروة الخليجية لمصر، فيستفيد الأخوة الخليجيون، وتستفيد مصر بكل أطيافها وقطاعاتها التنموية.

كما يقول المثل العامى، رأس المال جبان، وهو ليس كذلك، فالمفترض أن صاحب رأس المال هذا قد حصله بمشقة، وبالتالى من حقه أن يضمن عدم تعرض استثماراته لأى خطر كالمصادرة أو الاستيلاء أو الإهدار أو التأميم، من حق هذا المستثمر أن يجد بيئة محفزة للاستثمار فى القطاع الذى يعمل فيه.

تتنوع محفظة استثمارات صناديق الثروة الخليجية ما بين استثمارات فى القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية والعقارية. علينا أن نبدأ من الآن، من خلال الاستعانة بالخبراء والمعنيين بوضع استراتيجيات تفصيلية ودراسات جدوى جادة، بالتعاون مع المكاتب الاستشارية المحلية والدولية، وطرح تلك الدراسات على صناديق الثروة الخليجية والعربية، ومؤكد أنهم سيرحبون إذا ما وجدوا ما يحفزهم ويضمن لهم حقوقهم واستثماراتهم.

يا د. ببلاوى، أنت رجل اقتصاد بارع ولكم خبرة طيبة عربياً وخليجياً، وأعتقد أن الأخوة القائمين على صناديق الثروة الخليجية ينتظرون الفرصة والإشارات الإيجابية من مصر لكى ينزلوا باستثماراتهم، ولكن مطلوب منا أولاً أن نوفر المناخ المحفز للاستثمار، من خلال توفير حزمة من الحوافز، فضلاً عن التطوير المؤسسى، أى بضمان تفعيل نظام النافذة الواحدة بشكل كفء، حتى نوفر على المستثمر الوقت والجهد والمال، إضافة إلى ضمان الاستقرار التشريعى، ورفع كفاءة وأداء مؤسسة القضاء وتعزيز تطبيق نظام التحكيم...الخ، فضلاً عن استعادة الاستقرار للمؤشرات الاقتصادية الكلية وتوفير الحد الأدنى من البنية الأساسية المحفزة.

أعتقد يا د. ببلاوى أن الكرة الآن فى الملعب المصرى، فقط المطلوب منا أن نقدم أنفسنا من جديد للأشقاء العرب وللعالم، وعندها سنستفيد ويستفيد الأشقاء العرب، ويبقى مردود تلك الفوائض ليغذى الجسد العربى، لا تلتفت إلى المحبطين أو المشككين أو دعاة القطيعة. ومن جهة أخرى أدعو أشقائى وإخوتى المصريين إلى دعم جهود استعادة مصر واستقرارها، ليعم الرخاء وينعم به كل مصرى. فمصر بما لديها من إمكانات جديرة بأن تتبوأ عرش الأمم، فقط المطلوب بناء الإنسان المصرى ليكون جديراً بالانتماء إلى هذا البلد.











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة