نقلا عن اليومى..
يعد الكاتب الكبير وحيد حامد من كبار المبدعين فى السينما المصرية، ولديه العديد والعديد من الأفلام التى صارت من أهم الإنتاجات فى تاريخ السينما المصرية والعربية، ولسينما وحيد حامد ملامح لا تخطئها العين، بدءا من طبيعة الموضوعات الجريئة التى يتناولها، والملفات الشائكة فى السياسة والموضوعات الحياتية، وهو واحد من الكتاب القلائل الذين يملكون القدرة على رؤية وتحليل الواقع المعاش واستشراف ما قد يحمله المستقبل، حدث ذلك فى العديد من تجاربه السينمائية ومنها: البرىء والغول وطيور الظلام، والراقصة والسياسى، والإرهاب والكباب، وهو بحق مدرسة فى الصياغة الدرامية، ودائما ما ينتصر للمجموع وليس للحل الفردى بمعنى أن رهانه فى جميع أفلامه السينمائية ذات الصبغة السياسية على البسطاء من أبناء هذا الشعب، لذلك فهو عندما يدخل الدراما التليفزيونية، يدخلها بتلك الروح وهذا النفس فى الدراما والذى يجعل بعضا من أعماله أقرب إلى الملاحم الإنسانية، وهذا ما يتأكد من خلال مسلسل وحيد حامد الذى يعرض حاليا «بدون ذكر أسماء» والذى يعود به الكاتب المبدع إلى الدراما التليفزيونية بعد مسلسل «الجماعة»، وبنفس ذكاء حامد المعهود اختار فترة زمنية مهمة فى تاريخ مصر، وهى فترة الثمانينيات التى شهدت تحولات جذرية فى المجتمع، حيث بدء التراجع المجتمعى الحقيقى بعد سفر وهجرة العمالة المصرية إلى الخليج وانتشار الفكر الوهابى، وسيطرة المد الإسلامى المتطرف، وهو ما انعكس بشكل كبير على تركيبة المجتمع المصرى، وينسج وحيد حامد دراما مسلسله شديد التميز من خلال عوالم البسطاء ورموز السلطة، وفساد بعضهم، وعالم أطفال الشوارع والمشردين وكيف تدار تلك المنظومة وتداخل تلك العلاقات بشكل كاشف لكم التغيرات التى أثرت ومازالت على المجتمع المصر ى، من خلال عاطف يجسده بتميز أحمد الفيشاوى ابن صانع البسبوسة - يجسده القدير عبدالعزيز مخيون، وزوجته تجسدها بعد غياب الفنانة ناهد رشدى وابنتيه.
ومن خلال عاطف نتعرف على رجب الفرخ المشرد الذى يعمل فى إشارات المرور ومن خلاله ندخل عالم المعلمة النعجة وأطفالها المتواجدين فى الشوارع منهم من يبيع المناديل أو الورد ومنهم من يقوم بالشحاذة، وفى إحدى إشارات المرور تتعرف مبسوطة - تجسدها روبى بمهارة وتميز لافت للأنظار - بالمطربة الشعبية نعناعة، ومعهما ندخل إلى عالم الطرب الشعبى والصحافة والمغتربات، وهناك أيضا قصاص الحمير سطوحى يجسده الفنان محمد أبوالوفا، وابنه المهندس الطموح سعيد والذى يرغب فى تغيير حياته ويرفض واقعه، ونظرة السخرية التى تلاحقه من أهالى القرية وتداخل علاقة سعيد باللواء مجدى ابن عمدة القرية، كل هذه العلاقات صاغها الكاتب المبدع وحيد حامد ببساطة وسلاسة، ويكشف بعمق شديد المجتمع المصرى وتحولاته، وهى العلاقات التى جسدها حشد هائل من الممثلين أقلهم يحصل على تقدير جيد جدا، إضافة إلى الحوار الذكى والمتقن والذى يعبر عن كل شخصية ببراعة، فالعمل يحمل ملامح مميزة فى كل تفاصيله الفنية، ويعكس معلمه فى الكتابة، وأعتقد أن اختيار وحيد للمخرج تامر محسن ليقدم أولى تجاربه الدرامية الأولى كان اختيارا شديد الذكاء خصوصا أن تامر يملك حسا تسجيليا عاليا ويدرك أهمية التفاصيل، فى كل ما يتعلق بالعمل بدءا من تفاصيل الصورة والتى جاءت معبرة إلى حد كبير عن الفترة الزمنية التى تدور فيها أحداث العمل، وتميزت جميع العناصر الفنية فى العمل، الديكور والملابس والموسيقى التصويرية المميزة والمعبرة لمحمد مدحت، كما يملك تامر قدرة هائلة فى إدارة ممثليه من مختلف الأجيال بدءا من كبار النجوم المشاركين فى العمل، أحمد حلاوة ومخيون وجميل برسوم وصفوة وفريدة سيف النصر، وصولا إلى الفيشاوى والفنانة الشابة سهر الصايغ والتى تجسد دور تغريد الشقيقة الصغرى لعاطف، وأحمد فراج فى دور رجب الفرخ، وجميع نجوم العمل حتى أصحاب المشاهد القليلة ومنهم الفنان الذى جسد دور «ابن بتاع الطعمية» - يجسده مصطفى أبوسريع - والذى قام بمعاكسة نوارة بعد أن طلب منه متعمدا ذلك - يجسده وليد فواز.
أما الفنانة الشابة روبى فأكدت بهذا العمل أنها واحدة من أهم نجمات المستقبل، تملك ملامح مصرية خالصة وموهبة حقيقية، اكتشفها وأكد عليها وحيد حامد بنصه المتميز، حيث أعطاها مساحة درامية تنوع فيها الأداء بدرجة كبيرة نظرا للتطورات التى تشهدها الشخصية، وتستحق روبى أن يطلق عليها أفضل ممثلة فى رمضان، لعنايتها هى الأخرى بالشخصية ووعيها فى رسم الملامح الخارجية والداخلية لمبسوطة بنت الشارع وفتاة الإشارات التى ترغب من داخلها فى تغيير حياتها ووظفها تامر محسن بذكاء، وتألقت روبى إلى الدرجة التى من الصعب أن نتخيل فنانة أخرى فى مكانها، وتصدرت جزءا مهما من اللوحة الفنية التى رسمها وحيد حامد وأجاد تامر محسن صياغة تفاصيلها وهى التفاصيل التى أعطت عمقا للنص بإخراجه المنضبط الذى لا يخلو من روح فنية واعدة.
بدون ذكر أسماء أكثر الأعمال الرمضانية إتقانا..وروبى تخطف الأنظار.. نص درامى فى منتهى الحبكة لقصة متعددة الحكايات وعناية بالتفاصيل أضفت جمالا وعمقا..وإخراج منضبط لأقصى درجة..ومشاهد تحاكى اللوحات الفنية
الأربعاء، 24 يوليو 2013 12:00 م
روبى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد جمعة اسوان
حلقة الامس سيئة جدا