تراجع ماكينة الصادرات الألمانية.. تحول دراماتيكى بمنطقة اليورو

الثلاثاء، 23 يوليو 2013 05:11 ص
تراجع ماكينة الصادرات الألمانية.. تحول دراماتيكى بمنطقة اليورو صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تشير الأرقام الصادرة من مكتب الإحصاء الفيدرالى الألمانى حول حجم الصادرات والواردات الألمانية إلى أمر يثير الاهتمام، ويؤثر على الاقتصاد الأوروبى بوجه عام، إذ يبدو أن آلة التصدير الألمانية الجبارة، بدأت تتراجع فى مقابل ارتفاع واردات الدولة، الأمر الذى سوف يحدث قدرا من الاختلالات التجارية فى ألمانيا للمرة الأولى منذ وقت طويل، لاسيما وأن هذه الاختلالات كانت من الأسباب الرئيسية وراء الأزمة المالية والاقتصادية فى منطقة اليورو.

وتوضح إحصائيات المكتب الفيدرالى التى صدرت الأسبوع الماضى، أن إجمالى الصادرات الألمانية قد انخفض هذا العام بنسبة 4.8% مقارنة بالعام الماضى (أخذا فى الاعتبار أن الدولة لا تزال تتمتع بوجود فائض تجارى جيد يصل إلى حوالى 130 مليار دولار سنويا)، وأن إجمالى الصادرات الألمانية إلى بقية منطقة اليورو، والتى تشكل وحدها نسبة 40% من حجم صادرات المنطقة برمتها، قد انخفض بنسبة 9.6% هذا العام.

ومع أنه من السابق لأوانه تحديد مسار واضح لإمكانية استمرار تراجع نسب الصادرات الألمانية، إلا أن المزج بين ذلك وبين تباطؤ معدل النمو فى كل من الأسواق الصاعدة وتراجع الطلب فى منطقة اليورو سوف يضع تحديات صعبة أمام المصدرين الألمان، حيث تبدو النتيجة المنطقية لإجراءات التقشف وخفض الإنفاق العام فى منطقة اليورو هى تراجع الطلب على الصادرات الألمانية من الشركاء الأوروبيين بمنطقة اليورو.

وما يلفت النظر فى إحصائيات المكتب الفيدرالى، أنه منذ شهر مايو الماضى بدأت ألمانيا تعانى من عجز تجارى مع بقية دول منطقة اليورو، فقد صدرت ألمانيا إليهم ما قيمته 42 مليار دولار من السلع، واستوردت ما قيمته 45 مليار دولار، وهو أمر لم يحدث منذ حوالى 15 عاما.

ويعد هذا الأمر بمثابة تحول دراماتيكى، فعلى سبيل المثال حققت ألمانيا عامى 2007 و2008، أى قبل تأثيرات الأزمة المالية والاقتصادية، فائضا تجاريا يزيد على 130 مليار دولار سنويا مع أعضاء منطقة اليورو الآخرين، وراكمت منذ عام 2000 فائضا ماليا تجاريا ضخما بلغت قيمته 1.3 تريليون دولار؛ وهى تلك الأموال التى تستخدم البنوك الألمانية جزءا كبيرا منها لشراء السندات السيادية اليونانية والأسبانية والإيطالية وغيرها، لتمويل العجز المالى فى هذه الدول لمحاولة علاج قضية الديون التى تعتبر من صميم أزمة منطقة اليورو.

وحول تأثير هذه المؤشرات السابقة على اقتصاد منطقة اليورو، يرى بعض الخبراء الاقتصاديين الأوروبيين أن ثمة جوانب سلبية ترتبط بأن حلقة الإنقاذ المالية الألمانية تكاد تقترب من نهايتها إذا استمر الوضع نحو مزيد من التراجع الألمانى، حيث الاقتصاديات الأشد تضررا فى جنوب أوروبا لن تعد قادرة على استيراد الكثير من السلع الألمانية، كما أن منطقة اليورو بوجه عام تقع فى حالة ركود مستمر منذ 24 شهرا، وحتى الاقتصاد الألمانى ينمو بمعدل متواضع للغاية يقدر بنحو 0.1% فقط خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام.

أما الجانب الإيجابى المرتبط بالتراجع النسبى لحجم الصادرات الألمانية، فهو أنه قد ينعكس إيجابيا على بعض دول أوروبا الجنوبية، إذ يتوقع أن إسبانيا على سبيل المثال سوف تحقق على الأرجح فائضا تجاريا، ولو ضئيلا، هذا العام (كانت إسبانيا تحقق حتى عام 2009 فائضا تجاريا يبلغ 65 مليار دولار) لأنها ربما تصدر ما قيمته 91 مليارا لتسير مجددا نحو الاتجاه الصحيح.

ويعتقد الخبير الاقتصادى بموقع يونايتد برس إنترناشيونال، مارتن والكر، أن الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الألمانى تشير إلى ثلاث مفاجآت حقيقية، أولها: أن ألمانيا لا يمكن أن تستمر فى ممارسة نفس التأثير على أعضاء الاتحاد الأوروبى مثل دولة كالسويد أو بريطانيا، اللتين لم تنضما إلى منطقة اليورو، حيث بدأت تتراجع وارداتهما من ألمانيا ولو بشكل طفيف، وكذلك فإن صادرات ألمانيا إلى دول الاتحاد الأوروبى قد انخفضت بنسبة 7.1% هذا العام، ولم تعد الأسواق التقليدية والأقرب بالنسبة لألمانيا.

كما كانت عليه خلال الأعوام الماضية، خصوصا مع تراجع صادرات ألمانيا إلى دول الاتحاد فى شهر مايو الماضى بشكل أسرع لم يحدث منذ الركود العالمى منذ بداية عام 2009.

أما ثانى هذه المفاجآت فهى انخفاض نسبة صادرات ألمانيا خارج الاتحاد الأوروبى بنسبة 1.6% عن العام الماضى، إذ كانت الأسواق الصاعدة فى دول مثل الصين وروسيا والبرازيل تعوض ألمانيا عن الركود الأوروبى، لكن تراجع حجم الصادرات قد بدأ فعليا، ولعل التباطؤ الصينى الملحوظ فى صناعات الصلب والأسمنت والسفن، والذى سوف يستغرق وقتا ليعود بقوة مرة أخرى، يؤثر على طلب الصين للسوق الألمانية التى تحصل منها على أحدث وسائل التكنولوجيا والماكينات ونظم التصنيع المتطورة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة