نقلا عن اليومى..
مع الزخم الدرامى الرمضانى نجد أن هناك عددا كبيرا من الأعمال الدرامية المتميزة التى تعرض فى رمضان، هذا العام وتستحق التوقف عنها باستفاضة، ومنها حقا «مسلسل بدون ذكر أسماء» للكاتب وحيد حامد والمخرج تامر محسن فى أولى تجاربه الروائية التليفزيونية، «ومسلسل ذات» لمريم ناعوم وكاملة أبوذكرى وخيرى بشارة «وموجة حارة» لإياد نصار ورانيا يوسف والمخرج محمد ياسين، «ونيران صديقة» للمؤلف محمد أمين راضى والمخرج خالد مرعى، وفرعون لخالد صالح وكاتبى السيناريو ياسر عبدالمجيد وعمرو شامة وإخراج محمد على، والداعية للمؤلف مدحت العدل وإخراج محمد العدل وغيرها من الأعمال التى حظيت بنسبة مشاهدة ومتابعة عالية.
ومن الطبيعى إذا كانت هناك مسلسلات على درجة عالية من الفنية والتقنيات، وهناك جهد حقيقى مبذول من صانعى هذه الأعمال، حيث نجد تميزا فى الصورة والديكور والتكنيك الأقرب إلى السينما من حيث سرعة الإيقاع وعدم المط والتطويل، والذى كان من قبل سمة أساسية فى دراما رمضان، وتلك الحالة انعكست بالتأكيد على أداء الفنانين والنجوم المشاركين فى هذه الأعمال، ونستطيع أن نقول وبعد مرور العشرة الأيام الأولى من رمضان إن هناك مشاهد بعينها فى هذه الأعمال تستحق التوقف عندها لأنها كانت «ماستر سين» بالنسبة لممثليها، وأولى هذه المشاهد كانت بطلتها الفنانة انتصار فى مسلسل ذات وهو المشهد الذى جمعها بابنها حسن - يجسده عمر السعيد - بعد تأخره فى العودة من أمريكا رغم مرور 40 يوما على وفاة والده ورجاء الأم وشقيقته ذات بضرورة أن يأتى فى أسرع وقت لأن والده طلب أن يراه وهو على فراش المرض، وتأخره وتأجيله لموعد رجوعه أكثر من مرة بسبب الفلوس، المشهد كان ملئا بالتفاصيل والمشاعر منذ اللحظة التى قامت فيها ذات بفتح الباب لشقيقها والجملة التى رددتها «بابا مات يا حسن» إلى أن تصدرت انتصار المشهد ونظراتها إليه بعتاب وقسوة تفطر القلب باعتباره ابنا غير بار بأهله وجمل الحوار المركزة والمعبرة عن تلك الحالة: «ومنها جاى ليه يا حسن أبوك مات خلاص مات ودفناه وخدنا العزا» تدرجت المشاعر الانفعالية عند انتصار من الزعل والغضب الشديد من ابنها الوحيد والحزن على ما قام به إلى الإحساس بالوحشة وافتقاده ورغبتها فى أن يكون بجوارها ويشاركها مصابها الأليم، انتصار قدمت واحدا من أجمل مشاهدها بالمسلسل، واستطاعت أن توظف صوتها وعينيها وتعبيرات وجهها ويديها من رفضها لابنها القاسى إلى أن ضمته إلى صدرها.
وبنفس المسلسل كان هناك مشهد لنيللى كريم وهو المشهد الذى جلست فيه صامتة فى عزاء والدها كأنها تشاهد التفاصيل من خارج المشهد غير مصدقة لما حدث، إلى أن جاءت صديقتها المقربة «صفية»، فأخذت تردد على مسامعها «بابا مات يا صفية بابا مات» إلى أن ارتمت فى حضنها.
أما «مسلسل بدون ذكر أسماء» للكاتب وحيد حامد، والذى يعد من أكثر الأعمال المعروضة فى رمضان تميزا واكتمالا على مستوى الصياغة الدرامية والبصرية والحوار الذكى، والذى يشبه لعبة «البنج بونج» فى الفعل ورد الفعل، والكاشف أيضا لتركيبات الشخصيات النفسية، بعيدا عن الثرثرة الدرامية والرغى غير المبرر، والعمل ملىء بالمشاهد التى تعد ماستر سين لنجوم العمل، مثل عبدالعزيز مخيون، ومنها مشهده مع ضابط الشرطة والذى ذهب ليستعطفه حتى لا يغضب أكثر على عاطف ابنه وحتى لا يسحب ترخيص عربية البسبوسة»، وأيضا من المشاهد المكتملة فنيا والمعبرة عن الحالة الدرامية مشهد موت سطوحى «قصاص الحمير» يجسده الفنان محمد أبوالوفا والد المهندس سعيد بعد أن طلب منه ابنه أن يرحل عن القرية، ويبحث لنفسه عن بلد آخر لا يعرف فيه أحد فصله أو أصله ومهنته التى يستعار منها الابن، وأيضا مشهد مبسوطة -تجسدها روبى- وهى تأخذ كيس ملابسها وفلوسها من تحت كرسى المعلمة «النعجة» لترحل عن المخزن وتذهب للعمل عند المغنية الشعبية «نعناعة»، كيف تتأمل المكان وكأنها تودع مرحلة من حياتها ولا تعرف شيئاً عن المجهول الذى ينتظرها، المشهد صامت لا توجد به جملة حوار واحدة، ويؤكد أن هناك مخرجا فاهما وواعيا لتلك اللحظة النفسية وفنانة موهوبة، وأغلق تامر محسن المشهد بنظرة طويلة بين مبسوطة وكلب من كلاب المخزن ليعبر عن حالة الضياع التى كانت تعيشها مثل هذا الحيوان من شارع لشارع أو من ركن إلى ركن داخل المخزن، وكيف أنها لم تجد من يودعها فى هذا المكان سوى الكلب، ومما جعل المشهد أكثر اكتمالا الجملة الموسيقية التى وضعها صاحب الموسيقى التصويرية المتميزة محمد مدحت.
ومن المشاهد التى توقف عندها الجمهور أيضا مشهد للمتألقة رانيا يوسف فى مسلسل «موجة حارة» فى دور شاهندة زوجة سيد ضابط مباحث الآداب «إياد نصار» وهو المشهد الذى جمعها بدرة عندما ذهبت إليها منهارة، لتخبرها بأنها قبلت طقم الألماس الهدية الذى أعطاه لها «حمادة غزلان» من رجل الأعمال الذى يرغب فيها يجسده القدير أحمد حلاوة، وهو المشهد الفاصل فى شخصية، حيث استطاعت رانيا بحرفية عالية خصوصا أنها لحظة شديد التناقض نفسيا بين كونها امرأة متزوجة وملتزمة، ولكنها تعانى من علاقة متوترة بزوجها وكأنها تقف على حافة النهاية نظرا لتعقد العلاقة بينهما، وشكه الدائم فيها، رغم أنها، لم تفعل شيئا، ولكنها فجأة كمن اكتشفت جانبا آخر فى شخصيتها تجهله وتهرب منه ويراه زوجها فقط رانيا بلغت قمة الأداء فى هذا المشهد الملىء بالتناقض والمكاشفة.
وتتألق أيضاً فى «موجة حارة» النجمة الكبيرة عايدة عبدالعزيز التى تقدم دوراً لافتاً ومليئا بالتفاصيل فى دور والدة حمادة غزلان (المشهد حمادة وهو يبكى بين يديها وفى حضن والدته ويخبرها بما حدث له فى قسم الشرطة من تعذيب وامتهان لرجولته) وكيف عبرت حالة عن حزنها لما حدث لابنها وفى نفس اللحظة ترفض أن يستسلم لضعفه وأن دموعه يجب أن تراها أمه فقط ولا يجوز لأى شخص آخر أن يراها حتى لو كانت زوجته، واللقطات التى تهدده فيها وتغنى له.
ويضم مسلسلات هذا العام عددا كبيرا من النجوم الكبار المتميزين الذين ملأوا الشاشات بمواهبهم وتألقهم ومن هؤلاء النجوم المبدع أحمد راتب الذى يقدم أدوارا متميزة فى بدون ذكر أسماء والداعية ومن مشاهده البديعة حقا مشهده فى الداعية وهو يجلس فى ورشتة ويدندن على صوت المطرب الكبير محمد قنديل «بين شطين ومية»، وهو المشهد الذى أداه راتب بسلاسة وعبقرية بتفاصيل تعلق فى الذهن ولا يمكن أن تنساه، وجمل حوار بسيطة ومعبرة فى النقاش الذى دار بينه وبين العامل فى الورشة المقابلة والذى يختلف ذوقه الفنى عنه لأنه ينتمى لجيل مختلف لا يعرف قيمة الغناء الأصيل.
أما النجم خالد صالح فى مسلسله «فرعون» فقد استطاع أن يصالح جمهوره فى ظل وجود سيناريو متميز ومخرج بموهبة محمد على، ويضم فرعون عددا من المشاهد المتميزة أبرزها المشهد الذى جمع بين رجب فرعون وشقيقته فاطمة تجسدها حنان يوسف وإصرارها على أن يسير فى طريق الإجرام، ومشهد آخر أداه بعبقرية شديدة وهو الذى كان يستمع فيه فرعون لأصوات اقتحام اعتصام من قبل رجاله، حيث كان يأتيه من الهاتف أصوات صراخ وضرب وتكسير وكان يستمع لكل ذلك وعلى وجهه تعبير وكأنه يستمع لسيمفونية كلاسيكية.
عدد الردود 0
بواسطة:
سهام
والله احلى مسلسل تحت الارض
احلى مسلسل تحت الارض وبدون ذكر اسماء